سيرة خالد بن الوليد: محطات قبل وبعد الإسلام

استكشف حياة خالد بن الوليد، الصحابي الجليل والقائد العسكري الفذ. تعرف على دوره قبل وبعد اعتناقه الإسلام، وكيف أصبح ‘سيف الله المسلول’.

خالد بن الوليد في الجاهلية

هو خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي، أحد أبرز القادة العسكريين الذين عرفتهم العرب. كان له دور بارز في غزوة أحد ضد المسلمين قبل إسلامه.[1] كان والده من سادات قريش، ويُعرف بـ “ريحانة قريش”. كما يمتد نسبه إلى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- عن طريق مُرّة بن كعب. حرص والد خالد على تنشئته على الفروسية وفنون القتال واستخدام السلاح.[2]

ذكر الزبير بن بكار: “كان أحد أشراف قريش في الجاهلية، وكان إليه القبة وأعنة الخيل في الجاهلية، أما القبة فكانوا يضربونها يجمعون فيها ما يجهزون به الجيش، وأما الأعنة فإنه كان يكون المقدم عَلَى خيول قريش في الحرب”.[3]

خالد بن الوليد بعد إشهار إسلامه

لقد منّ الله على المسلمين بنعمة إسلام خالد بن الوليد -رضي الله عنه-، والذي كان له أثر كبير في نصرة الإسلام وتوسيع رقعة الدولة الإسلامية، ومن بين الفتوحات التي تحققت على يده فتح الشام. وقد أنعم عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلقب “سيف الله”.[4]

قصة دخوله الإسلام

لم يسارع خالد بن الوليد -رضي الله عنه- إلى اعتناق الإسلام في بداية الدعوة، حيث أسلم في عمر السابعة والأربعين. قد يعود سبب تأخره في الإسلام إلى خوفه من فقدان مكانته الرفيعة في قريش وجيشها، بالإضافة إلى معارضة والده الشديدة للإسلام.[5]

بعد خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- من مكة في عمرة القضاء في السنة السابعة للهجرة، تحدث خالد بن الوليد -رضي الله عنه- أمام مجموعة من المشركين بكلام أثار دهشة قريش، حيث قال: “لقد استبان لكل ذي عقل أن محمدًا ليس بساحر ولا شاعر، وأن كلامه من كلام رب العالمين”.[5]

هناك عدة عوامل ساهمت في تغيير قناعاته وتليين قلبه نحو الإسلام، منها:[5]

  • إعجابه الشديد بقوة وعزة الإسلام والمسلمين.
  • إحساسه بالرعاية والعناية الإلهية التي تحيط بالمسلمين.
  • اهتمام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالاطمئنان عليه عن طريق أخيه الوليد بن الوليد -رضي الله عنه-، حيث كتب الوليد إلى خالد: “وقد سألني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنك فقال: أين خالد؟ فقلت: يأتي الله به، فقال: ما مثله جهل الإسلام؟” أي كيف لمثل خالد أن يجهل الإسلام.

جهاده في سبيل الله

شارك خالد بن الوليد في العديد من المعارك بعد إسلامه، منها غزوة مؤتة، التي انتهت بانسحاب المسلمين بعد تكبيد الروم خسائر فادحة. تولى خالد بن الوليد القيادة كرابع قائد للجيش في هذه الغزوة.[6]

كما أرسله النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى نجران على رأس أربعمائة مسلم للدعوة إلى الإسلام، وأمرهم بالإقامة بينهم وتعليمهم أمور الدين في حال استجابوا، ومقاتلتهم في حال رفضوا. وعندما دعاهم إلى الإسلام، أسلموا وعلمهم الإسلام. كذلك أرسله النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن لنفس الغرض.[7]

لماذا لقب بسيف الله المسلول

بعد نصر المسلمين في معركة مؤتة بفضل قيادة خالد بن الوليد -رضي الله عنه-، لقبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بـ “سيف الله المسلول”.[8] وقد وردت أدلة على ذلك في السنة النبوية الشريفة، منها:

إنَّ النبي -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- نَعَى زَيْدًا، وجَعْفَرًا، وابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ، فَقالَ:(أخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أخَذَ ابنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ وعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ: حتَّى أخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِن سُيُوفِ اللَّهِ، حتَّى فَتَحَ اللَّهُ عليهم).[9]

إن النبي ذَكَرَ خالدَ بنَ الوَليدِ، فقال:(نِعمَ عبدُ اللهِ، وأَخو العَشِيرةِ، وسَيفٌ مِن سُيوفِ اللهِ، سَلَّهُ اللهُ على الكُفَّارِ).[10]

توليته الإمارة

تولى خالد بن الوليد -رضي الله عنه- إمارة قنسرين في عهد الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.[11]

وفاته

قضى خالد بن الوليد -رضي الله عنه- حياته في الجهاد في سبيل الله -تعالى-، حتى لم يكد يوجد موضع في جسده إلا وعليه أثر جرح أو ندبة من معركة. ولكن شاء الله أن يموت على فراشه، وكان يبكي ويقول: “لقد شهدت كذا وكذا زحفاً، وما في جسدي موضع شبرٍ إلا وفيه ضربةٌ بسيف أو رميةٌ بسهم أو طعنةٌ برمح، وهأنذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء”.[12]

المصادر

  1. ↑ مجموعة من المؤلفين ،كتاب موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي، صفحة 742. بتصرّف.
  2. ↑ بسام العسلي (2012)،كتاب قادة فتح بلاد الشام والعراق(الطبعة 1)، بيروت- لبنان :دار النفائس ، صفحة 149، جزء 1. بتصرّف.
  3. ↑ ابن الأثير، ابو الحسن،كتاب أُسد الغابة في معرفة الصحابة، صفحة 140.
  4. ↑ أبو الحسن الندوي ،كتاب السيرة النبوية، صفحة 388. بتصرّف.
  5. ↑ أبتراغب السرجاني،كتاب السيرة النبوية، صفحة 13. بتصرّف.
  6. ↑ أحمد أحمد غلوش،كتاب السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني، صفحة 562. بتصرّف.
  7. ↑ محمود شيت خطاب ،كتاب الرسول القائد، صفحة 404. بتصرّف.
  8. ↑ أبي نعيم الأصبهاني،كتاب معرفة الصحابة لأبي نعيم، صفحة 926. بتصرّف.
  9. ↑ رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم:4262، صحيح .
  10. ↑ رواه شعيب الارناؤوط، في تخريج مشكاة المصابيح ، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم:138، صحيح بشواهده .
  11. ↑ ابن العديم ،كتاب زبدة الحلب في تاريخ حلب، صفحة 17. بتصرّف.
  12. ↑ محمد حسان،سلسلة مصابيح الهدى، صفحة 16. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

لمحات من سيرة جبران خليل جبران

المقال التالي

سيرة حياة زهير بن أبي سلمى

مقالات مشابهة