الفروق الجوهرية بين الحضارتين الفينيقية والقرطاجية

استكشاف الفروقات بين الحضارتين الفينيقية والقرطاجية: الأصل، والموقع الجغرافي، والمعتقدات الدينية. تعرف على جذور كل حضارة وتطورها التاريخي.

أصل النشأة

من البديهي ملاحظة وجود اختلافات ونقاط التقاء بين مختلف الأمم وحضاراتها، لا سيما تلك التي تركت بصمات واضحة في التاريخ. من المنطقي أيضًا وجود اختلافات بين الحضارتين الفينيقية والقرطاجية نتيجة لتحركات وهجرات السكان. تُعتبر الحضارة القرطاجية امتدادًا للحضارة الفينيقية. فيما يلي أبرز الاختلافات بينهما بناءً على الاعتبارات التالية:

الفينيقيون

استوطن الفينيقيون في مناطق معينة اتخذوها مراكز لحضارتهم. يمكن تقسيمهم إلى فينيقيي الشرق وفينيقيي الغرب. استقر فينيقيو الشرق على سواحل لبنان، حيث أظهروا قوتهم في الألف الثاني قبل الميلاد، ثم بدأوا في استكشاف البحار سلميًا. كلمة “فينيقيون” أطلقها الإغريق، وتعني “الرجل الأحمر”، وتُعتبر اللغة العربية الجنوبية القديمة هي اللغة الأم للفينيقيين.

القرطاجيون

أما القرطاجيون، فهم فينيقيو الغرب، وقد أُطلق عليهم أيضًا اسم “قرت حدا” أي مدينة البحر. تمركزت هذه الحضارة في الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط، ونشأت في الجزر القريبة من اليابسة. مدينة قرطاجة تُعد أكبر المستوطنات الفينيقية في الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط، وتقع على بعد حوالي 16 كيلومترًا شمال شرق مدينة تونس.

المعتقدات الدينية

المعتقدات الدينية عند الفينيقيين

المعلومات المتوفرة عن الديانة الفينيقية قليلة، وتعتمد على مصادر يونانية قد تفتقر إلى الدقة والموثوقية. ومع ذلك، بدأت المعالم الدينية في الظهور مع اكتشاف بعض النقوش الفينيقية القديمة، مما كشف عن جوانب جديدة لهذه الديانة. كان مفهوم الخلق والوجود لديهم مختلفًا إلى حد ما عن الحضارات الأخرى. كانوا يعتقدون أن الوجود في الأصل كان هواءً كثيفًا، ثم تحول إلى ريح نشأت فيها الشهوة، وتكونت البيضة التي احتوت على جميع المخلوقات. تختلف الطقوس الدينية للفينيقيين من مدينة إلى أخرى، ولكنهم اشتركوا في تقديس الظواهر الكونية وعبادة الطبيعة، وكان لكل مدينة سيدها وآلهتها.

المعتقدات الدينية عند القرطاجيين

حافظ القرطاجيون على ديانة أجدادهم الفينيقيين، ولكنها لم تظل شرقية تمامًا؛ فقد تأثرت بعوامل أدت إلى تغيير بعض الأسس العامة لديانة الوطن الأم. انتشرت الديانة القرطاجية في شمال أفريقيا وغرب البحر الأبيض المتوسط، خاصة في صقلية. من بين الآلهة التي عُبدت في الجزيرة:

الإله ملقراط: إله ذو أصول فينيقية، وهو الإله الرئيسي لمدينة صور وحاميها. نظرًا للاهتمام الكبير به والتكريم الذي حظي به، تم بناء معبد خاص به في مدينة قرطاج. امتد تأثيره إلى بعض المناطق والمستوطنات المجاورة في الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط، مثل طاروس في صقلية، حيث مالت بعض الجماعات إلى عبادته وتقديسه باعتباره حامل الأمن والسلام.

الإله بعل حامون: إله فينيقي الأصل من حيث التسمية، لكنه سرعان ما ارتبط بقرطاجة، حيث حظي بمكانة مرموقة واعتبر في صدارة الآلهة. كرس القرطاجيون عبادتهم له في القرن السادس، وحاولوا نشر أفكارهم إلى الحضارات الأخرى من خلال توسعاتهم في البحر الأبيض المتوسط، مما أثر في الرومان والإغريق الذين عبدوه أيضًا.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

العدل بين الأبناء: نظرة شاملة

المقال التالي

مدخل إلى الفهم الشمولي للقرآن الكريم

مقالات مشابهة