لمحة عن قناة السويس
تعتبر قناة السويس معبرًا مائيًا اصطناعيًا حيويًا في جمهورية مصر العربية. فهي تمتد بين مدينتي بورسعيد المطلة على البحر الأبيض المتوسط والسويس الواقعة على البحر الأحمر، لتشكل بذلك وصلة ملاحية فريدة بين بحرين ذوي أهمية استراتيجية. اليوم، تعتبر هذه القناة أهم ممر ملاحي على مستوى العالم، حيث تسهل حركة السفن التجارية القادمة من قارة أوروبا إلى قارة آسيا والعكس. وبذلك تقوم القناة بربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب وتعتبر بديلا مهما عن طريق رأس الرجاء الصالح الطويل حول قارة أفريقيا، وهذا ما يجعلها معلمًا هندسيًا بالغ الأهمية.
الدافع وراء فكرة إنشاء القناة
إن فكرة إنشاء قناة مائية تربط بين البحرين الأبيض والأحمر ليست وليدة العصر الحديث، بل عرفها المصريون القدماء. لكن الدافع القوي وراء مشروع قناة السويس بشكله الحالي كان الحاجة إلى بديل عن طريق رأس الرجاء الصالح الطويل والمكلف، والذي كان يخضع لسيطرة بريطانيا. وتخوفًا على حركة التجارة الأوروبية ونقل البضائع إلى مختلف الدول، ظهرت فكرة إمكانية شق قناة مائية خلال الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابارت عام 1798م. تم الاجتماع مع الخبراء وقياس منسوب المياه في البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، لكن المشروع توقف بسبب هزيمة فرنسا في معركة أبي قير البحرية.
مسيرة حفر القناة
في عهد محمد سعيد باشا، عادت فكرة إنشاء قناة السويس إلى الواجهة. حصل الفرنسيون على موافقة ومنح امتياز بحفر القناة لمدة 99 عامًا من تاريخ الافتتاح. في الخامس والعشرين من شهر أبريل عام 1859م، بدأ العمل في حفر القناة واستمر لمدة عشر سنوات، وشارك فيه حوالي مليون ونصف من العمال المصريين.
استمر العمل المضني في حفر قناة السويس، ممّا أدّى إلى وفاة حوالي مائة وخمسة وعشرين ألف مصري نتيجة ظروف العمل القاسية، بما في ذلك الجوع والعطش والأمراض. وفي ذلك الوقت، كان عدد سكان مصر يبلغ حوالي خمسة ملايين نسمة. انتهى العمل في حفر القناة في شهر نوفمبر عام 1869م، خلال فترة حكم الخديوي إسماعيل باشا.
تفاصيل حول بناء القناة
يبلغ طول القناة المائية مائة وخمسة وستون كيلومترًا، وعرضها مائة وتسعون مترًا، وعمقها 58 قدمًا. بلغت تكلفة حفر القناة ما يقارب 369 مليون فرنك فرنسي. تم افتتاح القناة في حفل ضخم حضره رؤساء وقادة العالم في ذلك الوقت، باعتبارها قناة ملاحية ذات أهمية عالمية.
العودة إلى السيادة المصرية والأهمية الاقتصادية
بقيت القناة تحت حكم الامتياز الفرنسي حتى تم تأميمها واستعادة السيادة المصرية عليها في عهد جمال عبد الناصر في القرن العشرين. تُعد قناة السويس مصدرًا ماليًا هامًا للاقتصاد المصري، حيث تساهم بنسبة تقدر بحوالي 12% من حجم التجارة العالمية، وهي نسبة كبيرة تعود بالنفع على مصر.