القلق بشأن المستقبل: منظور نفسي وسبل المواجهة

استكشاف القلق المستقبلي في علم النفس: الأسباب، وكيفية التعامل مع التجارب المؤلمة السابقة، والاستجابات الوقائية، وطرق فعالة للتغلب على الخوف من المجهول.

مقدمة حول القلق المستقبلي

القلق بشأن المستقبل هو شعور إنساني طبيعي، لكنه قد يصبح عبئًا ثقيلاً إذا لم يتم التعامل معه بشكل فعال. يتجلى هذا القلق في صورة تخوف من نتائج الأحداث المقبلة، مما قد يؤدي إلى التردد في اتخاذ القرارات، سواء كانت كبيرة أو صغيرة. في بعض الأحيان، يتطور الأمر إلى مقارنات مستمرة بين الحاضر والمستقبل المحتمل، وهو ما قد ينتج عنه حالة من عدم الرضا الدائم. عدم القدرة على تقبل حالة عدم اليقين يمكن أن يؤدي إلى ما يسمى بالقلق الاستباقي، حيث يظل الشخص يفكر باستمرار في النتائج المحتملة لقراراته.

دوافع الشعور بالقلق من المستقبل

تتعدد الأسباب التي تدفع الأفراد إلى الشعور بالقلق من المستقبل، ومن أبرز هذه الدوافع:

تأثير التجارب السابقة

تعتبر التجارب المؤلمة السابقة من أهم العوامل التي تساهم في ظهور القلق المستقبلي. عندما يمر الشخص بتجربة سلبية، فإنه قد يشعر بالقلق من تكرارها في المستقبل. ومع ذلك، من المهم ألا ندع هذه التجارب تسيطر علينا، بل يجب أن نتعلم منها ونسعى لتجنبها في المستقبل. الأحداث الصعبة يمكن أن تكون بمثابة دروس قيمة تساعدنا على النمو والتطور.

التعاملات الدفاعية

قد يكون التوتر والتوقعات السلبية الناتجة عن التجارب السابقة بمثابة آلية دفاعية تهدف إلى حماية الشخص من تكرار تلك التجارب. أشارت دراسة إلى أن المستويات المعتدلة من القلق الاستباقي قد ترتبط بسلوكيات تكيفية أفضل. ومع ذلك، إذا تجاوز هذا القلق الحدود الطبيعية، فقد يؤدي إلى عدم القدرة على التفكير بوضوح، أو الخوف من مغادرة المنزل، أو حتى تجنب العلاقات الاجتماعية. في هذه الحالات، يجب طلب المساعدة من متخصصين في الصحة النفسية.

الاجتناب الوقائي

يعتبر الاجتناب الوقائي سببًا رئيسيًا لشعور الكثيرين بالقلق المستقبلي. يحدث هذا عندما يبدأ الشخص في التركيز المفرط على المخاطر المحتملة نتيجة لأحداث سابقة. غالبًا ما يؤدي ذلك إلى مشاكل مثل فقدان الشهية العصبي أو غيره من اضطرابات الأكل. يدرك علماء النفس أن العديد من الأشخاص يصبحون مهووسين بالخوف من الانتكاس أو يعانون من مشكلة زيادة الوزن بشكل مفرط.

استراتيجيات لمواجهة القلق

هناك العديد من الطرق التي يمكن للأشخاص استخدامها لمواجهة القلق من المستقبل، ومن أهمها:

تطبيق اليقظة الذهنية

أظهرت الأبحاث أن اليقظة الذهنية يمكن أن تحسن تنظيم المشاعر، مما يقلل من التوتر ويحسن الوعي باللحظة الحالية. هذا الأمر مهم بشكل خاص للأشخاص الذين يقلقون بشأن الأحداث المستقبلية. حتى أن الأبحاث وجدت أن اليقظة الذهنية يمكن أن تغير أجزاء من الدماغ للمساعدة في تحسين الوعي الذاتي بمرور الوقت.

ترديد العبارات الإيجابية

العبارات الإيجابية هي حلول قصيرة المدى يمكن أن تساعد في التخفيف من استجابة الخوف المتوقعة. يمكن تكرار عبارات مثل “أنا بأمان”، “لن يحدث لي شيء سيئ”، و”كل شيء سيكون على ما يرام”. لقد ثبتت فعالية هذه العبارات في حل مشكلة الخوف من المستقبل.

أهمية ممارسة الرياضة

يمكن أن تساعد ممارسة الرياضة، وخاصة تجربة أشكال جديدة من التمارين مثل اليوجا، في إبقاء الشخص واعيًا للأحداث في الوقت الحاضر. بهذه الطريقة، يتم التركيز على المهمة المطروحة حاليًا بدلاً من القلق بشأن المستقبل.

تدوين اليوميات

يمكن أن يساعد الاحتفاظ بدفتر اليوميات على التغلب على التحيز في الإدراك المتأخر. عند تدوين الأفكار والمشاعر، يمكن للشخص التركيز بشكل أفضل على السيطرة على الأحداث الحاضرة وتجنب الأفكار السلبية مثل فكرة أن الماضي كان أكثر مثالية.

طلب المساعدة المتخصصة

إذا كان الشخص يعاني من قلق استباقي شديد نتيجة لصدمات سابقة أو لأي سبب آخر، فقد يكون من المفيد البحث عن معالج متخصص في علاج القلق والصدمات واضطراب ما بعد الصدمة.

المراجع

  1. Brittany Loggins (7/12/2021), “Living in Fear of the Future: What to Do”, verywellmind, Retrieved 19/1/2022. Edited.
  2. “5 Tips to Manage Anticipatory Anxiety”, eugenetherapy, Retrieved 22/3/2022. Edited.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

التغلب على التهرب من التبعات

المقال التالي

التغلب على الرهبة من طبيب الأسنان – نصائح وإرشادات

مقالات مشابهة