مقدمة
تعتبر النظافة الشخصية جزءًا لا يتجزأ من تعاليم الإسلام، حيث يحث الدين الإسلامي على العناية بالجسم وتطهيره. ومن بين جوانب النظافة الشخصية التي تناولها الشرع الحنيف، مسألة إزالة شعر الإبط والعانة. يهدف هذا المقال إلى توضيح الرأي الشرعي في إبقاء هذا الشعر، واستعراض المدة الزمنية التي يُستحب فيها إزالته، بالإضافة إلى بيان تأثير ذلك على الطهارة.
الفتوى الشرعية في إبقاء شعر العانة والإبط
إن الامتناع عن إزالة شعر الإبط والعانة يعتبر مخالفة للسنة النبوية، وبناءً عليه يُعتبر فعلًا غير مستحب. فإزالة هذا الشعر جزء من سنن الفطرة التي شجع عليها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.
جاء في الحديث الشريف أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (الفِطْرَةُ خَمْسٌ -أَوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ-: الخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإبْطِ، وَتَقْلِيمُ الأظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ). هذا الحديث يؤكد على أهمية هذه الممارسات كجزء من الفطرة السليمة.
لا يوجد خلاف بين علماء الأمة الإسلامية على أن إزالة شعر الإبط والعانة أمر مشروع، بل هو مستحب ومأمور به، سواء تم ذلك عن طريق النتف، أو الحلق، أو أي وسيلة أخرى تحقق الغرض من إزالة الشعر.
الفترة الزمنية المثالية لحلق شعر العانة والإبط
اختلف الفقهاء في تحديد الفترة الزمنية المثالية للاستحداد (الحلق)، حيث ذهب البعض إلى أنه يُستحب فعله مرة كل أسبوع، وهو مذهب أتباع المذهب المالكي والحنفي، وإحدى الروايات عن الإمام أحمد. بينما ذهب آخرون إلى أنه يتم القيام بذلك كلما طال الشعر، وهذا يختلف من شخص لآخر، وبالتالي فإن الاعتبار هنا هو طول الشعر، وهو مذهب الشافعية، وهو الرأي السائد لدى أغلب العلماء.
أما فيما يتعلق بالحد الأقصى لترك إزالة الشعر، فقد ذهب الحنفية إلى تحريم تركها بعد مرور أربعين يومًا. ويكره ذلك كراهة شديدة عند الشافعية والحنابلة. والدليل على تحديد هذه المدة بأربعين يومًا هو ما رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- حيث قال: (وُقِّتَ لنا في قَصِّ الشَّارِبِ، وتَقْلِيمِ الأظْفارِ، ونَتْفِ الإبِطِ، وحَلْقِ العانَةِ، أنْ لا نَتْرُكَ أكْثَرَ مِن أرْبَعِينَ لَيْلَةً).
صيغة الفعل في الحديث جاءت بصيغة المجهول، مما يعطي الحديث حكم الرفع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. ويرى العديد من العلماء أن هذه المدة هي الحد الأقصى، ولا يجوز تأخير إزالة الشعر بعدها، مع جواز التفقد قبل ذلك، ولا يعتبر هذا مخالفة للسنة النبوية.
تأثير إهمال إزالة الشعر على الطهارة
القول بأن الصلاة تبطل لمن ترك إزالة الشعر بعد مرور أربعين يومًا غير صحيح، إلا في حالة واحدة، وهي إذا أدى تجمع الشعر إلى منع وصول الماء إلى الجلد، وبالتالي وجود حاجز يمنع الطهارة. في هذه الحالة، يجب إزالة الشعر لإزالة هذا الحاجز وضمان وصول الماء إلى البشرة.
إزالة شعر العانة أو الإبط ليست من شروط صحة الصلاة؛ لأنها تعتبر سنة مؤكدة. وتتميز منطقة العانة بوجود غدد عرقية تبدأ في إفراز العرق مع بداية سن البلوغ، ولها رائحة مميزة. عندما يجتمع هذا العرق والرائحة مع الشعر المتراكم، قد يؤدي ذلك إلى ظهور رائحة كريهة، وقد تتسبب في نمو الجراثيم والميكروبات تحت الجلد، مما قد يؤدي إلى الإصابة بالأمراض.
بالإضافة إلى ذلك، فإن إهمال إزالة الشعر قد يؤدي إلى إهمال النظافة الشخصية بشكل عام. كل هذه المشكلات لا تحدث لمن يلتزم بتعاليم الهدي النبوي، ويحرص على حلق وإزالة الشعر بانتظام.
أما بالنسبة لشروط صحة الصيام، فهي: الإسلام، والنية، والطهارة من الحيض والنفاس، ولم يُذكر حلق العانة أو نتف الإبط ضمن هذه الشروط.
المراجع
- مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 708. بتصرّف.
- مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 70. بتصرّف.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 5889، صحيح.
- تدبيان الدبيان، موسوعة أحكام الطهارة، صفحة 185-187. بتصرّف.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 258، صحيح.
- مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 691. بتصرّف.
- ابن باز، فتاوى نور على الدرب، صفحة 254. بتصرّف.
- مجموعة من المؤلفين (1424)، “العناية الصحية بالسبيلين”، مجلة البحوث الإسلامية، العدد 71، المجلد 1، صفحة 342. بتصرّف.
- محمد التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 130. بتصرّف.