جوانب الثقافة الإسلامية
على الرغم من اختلاف وجهات النظر حول تعريف “الثقافة”، إلا أن معظمها يتفق على أنها مزيج من أنماط التفكير، وأساليب التعبير، وطرق الإدارة التي تنظم حياة الإنسان في مجتمعه. وتعرفها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بأنها: مجموع المعارف، والقيم، ومناهج التفكير، وطرق الإبداع في مختلف المجالات، وأنماط الحياة الناتجة عن هذه المجموعات المعرفية والقيمية، بالإضافة إلى تطلعات الإنسان للمثل العليا، وسعيه الدؤوب لاكتشاف معانٍ جديدة لحياته وقيمه ومستقبله. أما الثقافة الإسلامية، فهي مرتبطة بمصادر التشريع الإسلامي وما ينبع عنها من أفكار وأساليب. وقد اكتسبت الثقافة الإسلامية قوة حضارية بفضل ارتباطها الوثيق برسالة الإسلام، التي قامت على وحدة الجوهر مع التنوع في مظاهر الحياة. [١]
أهمية الثقافة الإسلامية: حصنٌ منيع
لا يمكن حصر أهمية الثقافة الإسلامية في مجال واحد، فهي تمتد لتشمل مجالات واسعة ومتنوعة. فالثقافة الإسلامية تُظهر انتماء المسلم لدينه واعتزازه به. ويشترط الإسلام معرفة أسس الدين وأصول العقيدة وشعائره، فلا يصح إيمان المسلم إلا إذا عرف أركان الإسلام: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، وأنبيائه، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، بالإضافة إلى معرفة الأخلاق الإسلامية والقيم السلوكية، وما نهى عنه الشرع. [٢]
كما تُشكل الثقافة الإسلامية حصانة فكرية للمسلم في ظلّ الثورة المعرفية المتسارعة، مما يُمكنه من التمييز بين الصحيح والباطل، ويمكّنه من معرفة ما هو مقبول ومرفوض في الإسلام، مُحصّناً إياه من الأفكار المُضللة والمنهجيات التي تتعارض مع الإسلام. كما تُثري الثقافة الإسلامية القيم الإيجابية في حياة المسلم، مُمكّنة إياه من فهم مفهوم الخلافة في الأرض وعمارتها بالشكل الذي أراده الله، مما يتطلب معرفة سنن الله وقوانينه في التعامل مع البشرية. [٢]
وتُعدّ الثقافة الإسلامية أداةً فعّالةً في معالجة مشكلات العالم الإسلامي، حيث يُمكن للمسلم بثقافته الواعية وضع حلول ناجعة للتحديات التي تواجه البشرية. وقد أثبت التاريخ أن الحضارة الإسلامية، المستندة إلى وحي التّشريع، قدّمت نماذج رائعة في العدل، والإنصاف، والتقدم الحضاري، والكرامة الإنسانية، بينما كان البعد عن الإسلام سبباً للفشل والظلم. [٢]
أخيراً، تُوضح الثقافة الإسلامية أساسيات رسالة الإسلام، وتُتيح للمسلم التفاعل مع مبادئه وقيمه ونقلها إلى سلوك عملي. وليس هي علماً من علوم الشريعة، بل هي مزيجٌ نافعٌ من جميع العلوم الإسلامية. [٣]
التحديات التي تواجه الثقافة الإسلامية
أبرز التحديات التي تواجه الثقافة الإسلامية هي الهجمة الشرسة التي تستهدفها، والتي تتجلى في عدة مظاهر: [١]
أولاً، الطعن في صحة نسبتها إلى الله تعالى والوحي، من خلال نفي الرسالة والنبوة، والتشكيك بالنصوص الدينية. كما يتم الطعن في صلاحيتها لكل زمان ومكان، مما يؤدي إلى التحرر من التشريعات الربانية وتغيير الأحكام الشرعية. ثانياً، الهجوم على التراث الإسلامي واللغة العربية، من خلال الدعوات لإحياء اللهجات العامية، ودعم اللغات الأجنبية على حساب اللغة العربية، وهذا يُعتبر إساءة للثقافة الإسلامية وروحها. ثالثاً، الهجوم على المؤسسات التربوية والثقافية، باعتبارها حاضنة للثقافة الإسلامية، من خلال اختراق الأسرة وتغيير الأدوار التي أقرها الإسلام، ومحاولة تغيير مناهج التعليم لتشمل مضامين غربية. رابعاً، الإساءة للذوق الثقافي الإسلامي، من خلال وسائل الإعلام المختلفة، مثل الإفراط في البرامج الإباحية وغيرها. خامساً، الدعوة إلى نشر ثقافة الديمقراطية، وترسيخ أدوار منظمات حقوق الإنسان كبديل عن الموروث الديني والثقافي الإسلامي.