فهرس المحتويات
فهم معنى القبول
يُقصد بالقبول تحقق الغاية المنشودة من العمل، وما يترتب عليها من جزاء وثواب، واستجابة الدعاء. إن قبول الله سبحانه وتعالى للعمل هو الأساس الذي يبنى عليه كل شيء. والوعي بأهمية القبول من عدمه أمر بالغ الأهمية، إذ أن العمل الذي لا يقبله الله يصبح هباء منثوراً، ويرد على صاحبه.
متطلبات تحقق القبول
هنالك عدة شروط ضرورية لتحقيق القبول للأعمال الصالحة بشكل عام، وتتعلق هذه الشروط بإتمام العمل على الوجه الصحيح، وهي: الإخلاص، والموافقة للشريعة الإسلامية، والإيمان. وفيما يلي تفصيل لهذه الشروط:
- الإيمان: يجب أن يكون مؤدي العمل مؤمناً بالله تعالى. قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 97]. هذا الشرط أساسي لقبول أي عمل.
- الإخلاص: الإخلاص شرط أساسي في قبول العمل، ويعني أن يكون العمل خالصاً لوجه الله تعالى. قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة: 5]. الإخلاص يعني تنقية الطاعة من أي شائبة من رياء أو نفاق أو سُمعة. وهو يعني قصد وجه الله وحده في العمل، وتجنب إرضاء الناس، مع رجاء ثواب الله والخوف من عقابه. ومن الأدلة على اشتراط الإخلاص في العمل قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ [النساء: 125].
- المتابعة: وتعني موافقة العمل للشريعة الإسلامية، أي مطابقته لما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. تكون المتابعة إما واجبة أو كاملة. الواجبة تكون باتباع أمر النبي صلى الله عليه وسلم في أصل العمل، أما الكاملة فتكون بالإتيان بسنن العمل ومستحباته. وقد وردت أدلة على هذا الشرط في القرآن والسنة، قال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾ [الحشر: 7]. وقال صلى الله عليه وسلم: (مَن عَمِلَ عَمَلًا ليسَ عليه أمْرُنا فَهو رَدٌّ).
خصائص الصيام المستجاب
يتقبل الله سبحانه وتعالى صيام العبد عندما يكون خالصاً لوجهه الكريم، ولا يشرك به أحداً. وجزاء هذا الإخلاص عند الله هو مغفرة الذنوب، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ). إن ميزة الصيام تكمن في سهولة الإخلاص فيه، حيث يمكن للصائم أن يخفي صيامه عن الآخرين، وبالتالي يتجنب الرياء.
يشترط لقبول الصيام أيضاً أن يكون موافقاً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك بالامتناع عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، والحرص على تناول السحور لما فيه من بركة وقوة للجسم، وإعانة للصائم على تحمل ساعات الصيام. وأقل ما يمكن أن يتناوله الصائم في السحور هو شرب الماء. ويجب اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الإفطار، ومن ذلك:
- تعجيل الإفطار: لأنه من سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- كسر الصيام قبل أداء صلاة المغرب: وذلك بالإفطار على بعض الرُّطَب، فإن لم يجد فعلى تمرات، وإن لم يجد فيشرب الماء.
- الإلحاح بالدعاء عند الإفطار: فللصائم دعوة لا تُرَدّ.
سمات القيام المتقبل
يشترط لقبول قيام رمضان أن يكون خالصاً لله تعالى. والصلاة في الليل أقرب إلى الإخلاص، لأنها تكون في السر، ولا يطلع عليها إلا القليل من الناس، حتى المقربين.
ومن شروط قبول القيام أن يكون موافقاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يصلي في الليل إحدى عشرة ركعة، يصليها ركعتين ركعتين، ويختمها بواحدة، وكان يطيل القيام فيها، ويقرأ بالسُّور الطويلة من القرآن.
إشارات القبول في الصيام والقيام
تتعدد العلامات التي تدل على قبول الطاعات التي يؤديها المسلم، كالصيام والقيام، ومن أهم هذه العلامات:
- المسارعة إلى الطاعات والزيادة منها.
- استشعار الرقة في القلب.
- تذوق الحلاوة والمتعة في أداء هذه الطاعات.
- الشعور بتحسن العلاقة بالله، وحسن الإقبال عليه.
- توالي الحسنات والأعمال الصالحة.
- استشعار نعمة الله تعالى على العبد بتوفيقه للأعمال الصالحة.
المراجع
- الطاهر بن عاشور (1984م)، التحرير والتنوير، تونس: الدار التونسية للنشر.
- محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب.
- محمد بن إبراهيم التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة، المملكة العربية السعودية: دار أصداء المجتمع.
- سعيد بن وهف القحطاني، الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة السفير.
- صالح بن عبد العزيز بن عثمان سندي (2013)، شروط قبول العمل الصالح (الطبعة الأولى)، بيروت: دار اللؤلؤة.
- مجموعة من المؤلفين، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
- أبي إسحاق الحويني ، دروس الشيخ أبي إسحاق الحويني.