يا رب أنت تعلم ما أخفيه وما أظهره

يا رب أنت تعلم ما أخفيه وما أظهره. التوجه إلى الله بأسمائه وصفاته. نماذج من الأدعية النبوية. مراجع. يا رب أنت تعلم ما أخفيه وما أظهره: دعاء وابتهال

مقدمة

إنّ مناجاة الله -عز وجل- هي من أعظم العبادات التي تقرّب العبد إلى خالقه. والدعاء هو وسيلة التواصل الروحاني التي يعبّر بها الإنسان عن حاجاته وآماله، ويستودع أسراره لخالقه الذي لا تخفى عليه خافية. وعندما يدرك العبد أنّ الله يعلم ما يخفيه وما يظهره، يزداد خشوعه وتضرّعه، ويصدق في ابتهاله. في هذا المقال، سنتناول أهمية هذا الشعور، وكيفية التوجه إلى الله بأسمائه وصفاته، ونعرض بعض الأدعية المأثورة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

الله يعلم السر والعلن

ورد في بعض الروايات، وإن كانت ضعيفة السند، دعاءٌ منسوب للنبي -صلى الله عليه وسلم- يتضمّن هذا المعنى الجليل. فقد رُوي عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بإسناد ضعيف:(لمَّا أَهبطَ اللَّهُ آدمَ إلى الأرضِ قامَ وجاء الْكعبةَ فصلَّى رَكعتينِ فألْهمَهُ اللَّهُ هذا الدُّعاءِ اللَّهمَّ إنَّكَ تعلمُ سرِّي وعلانيَتي فاقبل معذِرَتي وتعلَمُ حاجتي فأعطِني سؤلي وتعلَمُ ما في نفسي فاغفِر لي ذَنبي اللَّهُمَّ إنِّي أسألُكَ إيمانًا يباشِرُ قلبي ويقينًا صادقًا حتَّى أعلمُ أنَّهُ لا يصيبُني إلَّا ما كتبتَ لي وأرضِني بما قسمتَ لي فأوحى اللَّهُ إليْهِ يا آدمُ قد قبلتُ توبتَكَ وغفرتُ ذنبِكَ ولن يدعوَني أحدٌ بِهذا الدُّعاءِ إلَّا غفرتُ لَهُ ذنبَهُ وَكفيتُهُ المُهمَّ من أمرِهِ وزجرتُ عنْهُ الشَّيطانَ واتَّجرتُ لَهُ من وراءِ كلِّ تاجرٍ وأقبلَت إليْهِ الدُّنيا راغمةً وإن لم يرِدْها).

وفي رواية أخرى عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-، جاء أنه:(كانَ مِمَّا دعا بهِ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عَشِيَّةَ عرفةَ اللهمَّ إِنَّكَ تَرَى مَكَانِي وتَسْمَعُ كَلامِي وتعلمُ سِرِّي وعَلانِيَتِي لا يَخْفَى عليكَ شيءٌ من أَمْرِي أنا البائِسُ الفَقِيرُ). ومع أنّ هذه الروايات قد ضعفها العلماء، إلّا أنّ معناها صحيح وجائز التضرع به إلى الله -سبحانه وتعالى-.

يجوز للمسلم أن يدعو الله بما شاء من الأدعية التي تحمل معاني صحيحة وموافقة للشريعة، حتى وإن لم تكن مأثورة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، طالما أنّها لا تتضمن إثمًا أو قطيعة رحم. وقد قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-:(لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ، ما لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، ما لَمْ يَسْتَعْجِلْ).

التضرع بأسماء الله الحسنى وصفاته

إنّ التوسل إلى الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى هو من أفضل وسائل الدعاء وأكثرها استجابة. فالله -سبحانه وتعالى- قد أمرنا بذلك في كتابه الكريم، فقال:(وَلِلَّـهِ الأَسماءُ الحُسنى فَادعوهُ بِها وَذَرُوا الَّذينَ يُلحِدونَ في أَسمائِهِ سَيُجزَونَ ما كانوا يَعمَلونَ). ففي هذه الآية دلالة واضحة على أهمية معرفة أسماء الله وصفاته، والتضرع بها إليه في الدعاء.

عندما يدعو المسلم ربه بأسمائه الحسنى، فإنّه يعبّر عن معرفته بصفات الكمال والجلال التي اتصف بها الله -عز وجل-. وهذا يزيد من خشوعه وتذلله بين يدي الله، ويجعله أكثر إلحاحًا في الدعاء وأشدّ رجاءً في الإجابة. فالتوسل بأسماء الله وصفاته هو دليل على صدق الإيمان وحسن التوكل على الله.

أدعية مأثورة عن النبي

لقد وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الكثير من الأدعية التي تتضمن التضرع إلى الله بأسمائه وصفاته. ومن هذه الأدعية:

  • الدعاء الذي كان يقوله النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الهم والغم:(يا حيُّ يا قيُّومُ برحمتِك أستغيثُ).
  • دعاء الاستخارة الذي كان يعلمه النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه عند الإقدام على أي أمر:(اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ، وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ؛ فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – أوْ قالَ: عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – فَاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لي فِيهِ، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّي واصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أرْضِنِي).
  • الدعاء الذي كان يدعو به النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الكرب:(لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ والأرْضِ، ورَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ).

فلنتأسّ بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في دعائه وتضرعه، ولنجعل الدعاء جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ونسأل الله -عز وجل- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يستجيب لنا دعواتنا ويقضي حوائجنا.

المصادر

  1. رواه السيوطي، في الدر المنثور، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:313، إسناده ضعيف.
  2. رواه العراقي، في تخريج الإحياء، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:340، إسناده ضعيف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2735، حديث صحيح.
  4. “حكم الدعاء بغير الأدعية المأثورة”،إسلام ويب، 24/8/2014، اطّلع عليه بتاريخ 7/7/2022. بتصرّف.
  5. سورة الأعراف، آية:180
  6. “الاستغاثة بصفات الله”،طريق الإسلام، 17/1/2012، اطّلع عليه بتاريخ 7/7/2022. بتصرّف.
  7. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:6791 ، حديث صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1162، حديث صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:6345، حديث صحيح.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

أدعية الشفاء للمرضى

المقال التالي

يا الله إنك عفو تحب العفو فاعف عنا

مقالات مشابهة