نشأة وتطور الفقه الإسلامي

استكشاف تاريخ الفقه الإسلامي وتطوره. من التدوين إلى المذاهب الفقهية: الحنفي، المالكي، الشافعي، والحنبلي. المراجع.

بداية ظهور الفقه الإسلامي

أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم ليكون نورًا وهداية للبشرية جمعاء، وليشتمل على الأحكام والتشريعات التي تنظم حياة المسلمين. فالقرآن هو المصدر الأول والرئيس للشريعة الإسلامية. وإلى جانبه، تأتي السنة النبوية المطهرة، التي تعتبر المصدر الثاني للتشريع. وقد جاءت السنة النبوية لتؤكد ما جاء في القرآن الكريم، ولتوضحه وتفصله، أو لتبين أحكامًا جديدة لم يرد ذكرها صراحةً في القرآن. ففي زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كان القرآن والسنة هما المرجع الأساسي لاستنباط الأحكام الشرعية.

وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، تولى الصحابة الكرام رضي الله عنهم مهمة تبيين أحكام الدين الإسلامي للمسلمين في جميع جوانب حياتهم، خاصةً مع اتساع رقعة الدولة الإسلامية وظهور مستجدات وأحداث جديدة. فكان الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، إذا سُئلوا عن أمرٍ ما ولم يجدوا له حكمًا صريحًا في القرآن الكريم أو السنة النبوية، جمعوا علماء الصحابة واستشاوروهم. كما كانوا يشجعون قضاتهم وولاة الأمر على الاجتهاد في المسائل التي لم يرد فيها نص في القرآن أو السنة.

تجميع وتدوين الفقه

في عهد التابعين ومن تبعهم، ازدادت مساحة الدولة الإسلامية، ودخل في الإسلام أعداد كبيرة من غير العرب، مما أدى إلى ظهور مسائل وقضايا جديدة ومتنوعة في شتى مجالات الحياة. وبذلك، اتسع نطاق التشريع، وأصبحت الحاجة ملحة إلى تدوين مسائل الفقه وأحكامه. بدأت عملية تدوين الفقه في نهاية القرن الأول الهجري، وبلغت ذروتها واكتمالها في القرن الثاني الهجري مع ظهور المذاهب الفقهية المعروفة.

المدارس الفقهية الإسلامية

نتيجة لجهود العلماء والفقهاء في تدوين الفقه وتطويره، ظهرت عدة مدارس فقهية، لكل منها منهجها الخاص في استنباط الأحكام الشرعية. ومن أبرز هذه المذاهب:

المدرسة الحنفية

مؤسس هذا المذهب هو الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت، الذي ولد سنة ثمانين للهجرة وعاصر الدولتين الأموية والعباسية. يعتبر أبو حنيفة من تابعي التابعين، وقد تتلمذ على يد العديد من العلماء، أبرزهم حماد بن أبي سليمان، الذي تلقى عنه معظم علمه ولازمه لمدة ثمانية عشر عامًا. يُعتبر الإمام أبو حنيفة رحمه الله إمام أهل الرأي، وقد اعتمد في أصول مذهبه على: الكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستحسان. توفي رحمه الله سنة مئة وخمسين للهجرة.

المدرسة المالكية

مؤسس هذا المذهب هو الإمام مالك بن أنس، فقيه المدينة وإمام دار الهجرة. عاصر الإمام مالك الإمام أبا حنيفة، وتلقى العلم عن نافع وابن شهاب الزهري. اعتمد الإمام مالك في أصول مذهبه على القرآن والسنة والإجماع والقياس وعمل أهل المدينة والاستحسان وسد الذرائع. من أهم مؤلفاته: الموطأ.

المدرسة الشافعية

مؤسس هذا المذهب هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي، الذي ولد في غزة سنة وفاة أبي حنيفة. انتقلت به والدته إلى مكة لتلقي العلم، ثم ارتحل إلى المدينة المنورة وتتلمذ على يد الإمام مالك. كان الإمام الشافعي رحمه الله أول من دون في أصول الفقه، في مؤلفه: الرسالة.

المدرسة الحنبلية

مؤسس هذا المذهب هو الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، الذي يُعد من أشهر المحدثين وعلماء الفقه. ارتحل الإمام أحمد بن حنبل في طلب الحديث والفقه من بغداد إلى الكوفة والبصرة والشام وغيرها. وقد تتلمذ على يد الإمام الشافعي رحمه الله.

المراجع

  • محمد بن عبد الله باجمعان، السنة النبوية ومكانتها، صفحة 13-15. بتصرّف.
  • مناع القطان، تاريخ التشريع الإسلامي، صفحة 189-191. بتصرّف.
  • محمد مصطفى الزحيلي، الوجيز في أصول الفقه، صفحة 61-62. بتصرّف.
  • وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 43-53. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

النشأة والتطور التاريخي لعلم الفقه

المقال التالي

تطور الرؤى الاقتصادية عبر العصور

مقالات مشابهة

انقطاع دم النفاس بعد الولادة القيصرية: أحكام وآداب

متى ينتهي دم النفاس بعد العملية القيصرية؟ وكيفية الاغتسال الصحيحة. أهم الأحكام المتعلقة بالنفاس وما هو محرم على المرأة في هذه الفترة وفقاً للشريعة الإسلامية.
إقرأ المزيد