نزول آية (وليعفوا وليصفحوا): سياقها وتفسيرها

مفاتيح فهم آية العفو والصفح

تتناول هذه المقالة سياق نزول الآية الكريمة: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النور: 22]، مع التركيز على تفاصيل حادثة الإفك وتأويل مفردات الآية المباركة.

حادثة الإفك: البداية والنهاية

تُعتبر حادثة الإفك من أهم الأحداث في تاريخ الإسلام، فقد وقعت خلال غزوة بني المصطلق. اختارت القرعة السيدة عائشة رضي الله عنها لصحبة النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة. أثناء عودتهم، توقفت السيدة عائشة لقضاء حاجة، وفقدت عقدها، فقامت بالبحث عنه. حمل الهودج قبل أن تلتحق بهم، وظنت أنها فيه. فنامت في انتظار عودتهم. ووجدها صفوان بن معطل في آخر الليل، وأوصلها إلى الجيش دون إثارة أي شائبة. لكن بعض الناس، ومنهم عبد الله بن أبي بن سلول، راحوا ينشرون أقاويل كاذبة أثرت بصورة بالغة في السيدة عائشة والنبي صلى الله عليه وسلم.

بعد عودتها للمدينة، أصيبت السيدة عائشة بالمرض وتأثرت بما انتشر من أقاويل باطلة. استمرت معاناتها حتى برأها الله تعالى في كتابه الكريم، وكشفت الحقيقة عن باطل الأقاويل.

تفسير آية (وليعفوا وليصفحوا): نور الإيمان

اتفق جمهور العلماء على أن هذه الآية نزلت في سياق حادثة الإفك، وربطوها بسلوك أبي بكر الصديق رضي الله عنه. فقد أقسم أبو بكر ألا ينفق على مسطح بن أثاثة لما قاله في حق السيدة عائشة. مسطح كان قريباً لأبي بكر من جهة أمه. نزول الآية دعا أبا بكر إلى العدول عن يمينه، مبيناً أهمية العفو والصفح.

“وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ” تحث هذه الكلمات أصحاب الفضل والسعة على عدم التقاعس عن إعطاء المحتاجين، وخاصة الأقارب والمساكين والمهاجرين في سبيل الله. “يأتل” تعني أن يحلف ألا يُحسن إلى أحد.

“وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ” وهنا نداء للعفو والصفح، وربط ذلك بمحبة المغفرة الإلهية. العفو هو التستر على العيوب، والصفح هو الإعراض عن المعاقبة.

“وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” ختام آية العفو والصفح بذكر صفة الله الغفور الرحيم، دعوة للاقتداء بالله في مغفرة الذنوب والعفو عن المسلمين. فهي دعوة للتسامح وإصلاح ذات البين.

المراجع

جدول المحتويات