فهرس المحتويات
مقدمة عن آسفي
تُعد آسفي، أو أسف كما يطلق عليها البعض، إحدى المدن المغربية الجميلة التي تطل على المحيط الأطلسي الشاسع. تلقب هذه المدينة بـ “حاضرة المحيط”، ويعود أصل تسميتها إلى اللغة الأمازيغية، حيث تعني “مصب النهر”. وفي اللغة البربرية، تحمل معنى “منارة الضياء”، مما يعكس أهميتها التاريخية والثقافية. تشتهر آسفي بصيد الأسماك المتنوعة، وعلى رأسها سمك السردين الشهير، بالإضافة إلى صناعة تعليب السمك، وصناعة الخزف التي تعتبر من الصناعات التقليدية العريقة. تُعتبر هاتان الحرفتان من أهم مصادر الدخل لسكان آسفي، وتلعبان دورًا حيويًا في الاقتصاد المحلي، كما تعتبر المدينة ميناءً هامًا لعمليات التصدير.
الموقع الجغرافي و الارتفاع
تقع آسفي في قلب المملكة المغربية، تحديدًا بين مدينتي الصويرة والجديدة الساحليتين. تبعد آسفي عن مدينة مراكش بحوالي 160 كيلومترًا، بينما تبعد عن مدينة الدار البيضاء حوالي 200 كيلومتر. ترتفع المدينة عن سطح البحر بحوالي 500 متر، مما يمنحها مناخًا معتدلاً وإطلالات خلابة على المحيط الأطلسي.
لمحة عن تاريخ آسفي
تاريخيًا، كانت آسفي ميناءً هامًا ترسو فيه السفن الأوروبية التي تسعى لعقد المعاهدات الدولية مع سلطات مراكش. حظيت المدينة باهتمام كبير من القناصل والسفراء ورجال السلك الدبلوماسي الذين فضلوا الإقامة فيها، ومن بينهم ممثل الملك الفرنسي هنري الثالث. في عهد المرابطين، أصبحت آسفي مركزًا لتجميع الذهب من مختلف أنحاء أفريقيا، ثم نقله إلى الأندلس لاستخدامه في صك العملات المعدنية. وخلال فترة الحكم البرتغالي، تحولت آسفي إلى أهم ميناء لتصدير الحبوب والصوف والسكر، الذي كان يتمتع بسمعة جيدة لدى الإنجليز، بالإضافة إلى ملح البارود الذي كان يستخدم في صناعة الأسلحة الحربية البريطانية.
دخلها القائد العربي عقبة بن نافع الذي أوكل لشاكر صديقه نشر التعاليم الإسلامية، وتعليم البربر أصول اللغة العربية، وله اليوم رباط فيها يعرف باسم سيدي شيكر، بالإضافة إلى العديد من الرباطات التي تعود إلى الأولياء الصالحين، كرباط الشيخ أبي محمد صالح، والذي كان مقصداً لأهل العلم، بالإضافة إلى مكانته الدينيّة.
نظرًا لتاريخ المدينة الحافل بالبطولات ومقاومة أهلها للاستعمار البرتغالي ثم الفرنسي، فقد شهدت آسفي نشأة العديد من حركات التحرر والمقاومة المسلحة، مثل “أسود التحرير” ومنظمة “المقاومة السرية”. تنتشر على جنبات المدينة أضرحة شهداء الاستقلال، مثل الفقيه عبد السلام المستاري ومحمد بلخضير، تخليدًا لذكرى نضالهم وتضحياتهم من أجل الوطن.
أبرز المواقع التاريخية والأثرية
تعود غالبية الآثار الموجودة في مدينة آسفي إلى فترة الاستعمار البرتغالي، ومن أبرز هذه المعالم:
- المدينة القديمة: مدينة ساحرة تتميز بأحيائها الضيقة الملتوية، وتنتشر فيها المحلات التجارية القديمة التي تعرض الصناعات اليدوية التقليدية، وعلى رأسها صناعة الخزف الملون.
- قصر البحر: يعود تاريخ بناء هذا القصر إلى القرن السادس عشر، ويضم العديد من الأبراج المزودة بالمدافع التي كانت تستخدم في الأغراض الحربية للدفاع عن المدينة.
- قلعة القشلة: بناها البرتغاليون بهدف حماية المدينة، وتقع في موقع استراتيجي متوسط يطل على المدينة القديمة من جهة، ويشرف على قصر البحر من جهة أخرى.
- المتحف الوطني للخزف: يضم هذا المتحف مجموعة كبيرة من القطع الخزفية المتنوعة في الأحجام والأشكال، والتي تعتبر تحفًا فنية رائعة بفضل تنسيقاتها المتقنة وألوانها الزاهية.
- قرية سيدي عبد الرحمن وهضبة الخزف: تتمركز في هاتين المنطقتين ورش صناعة الخزف المعشق بأنواعه المختلفة، حيث يمكن للزوار مشاهدة الحرفيين وهم يعملون على إبداع هذه التحف الفنية.
- صومعة الجامع الكبير: يعود تاريخ بناء هذه الصومعة إلى العهد الموحدي، وتعتبر من المعالم التاريخية البارزة في المدينة.