مقدمة
شبه الجزيرة الكورية، التي كانت يوماً موحدة، تقف اليوم مقسمة إلى دولتين متباينتين: جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية (كوريا الشمالية) وجمهورية كوريا (كوريا الجنوبية). هذا الانقسام، الذي يعود إلى حقبة الحرب الباردة، أدى إلى نشوء دولتين لهما مسارات سياسية واقتصادية واجتماعية مختلفة بشكل كبير. تستعرض هذه المقالة السمات المميزة لكل دولة وتسلط الضوء على الاختلافات الرئيسية بينهما.
نظرة على كوريا الشمالية
تُعرف رسمياً باسم جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، وعاصمتها بيونغ يانغ. تقع في الجزء الشمالي من شبه الجزيرة الكورية في شرق آسيا. تشترك في حدود مائية مع الصين عبر نهري يالو وتومين في الشمال والشمال الغربي. تحدها روسيا من الشرق عبر نهر تومين، وتشترك مع الصين في خليج كوريا والبحر الأصفر من الغرب. يفصلها عن كوريا الجنوبية شريط حدودي بري.
التضاريس والموقع الجغرافي
تقع كوريا الشمالية بين خطي عرض 37 و 43 درجة شمالاً، وخطي طول 124 و 131 درجة شرقاً. تغطي مساحة تقارب 120,000 كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها حوالي 25 مليون نسمة.
تتميز بتضاريسها الجبلية، حيث تغطي السلاسل الجبلية حوالي 80٪ من مساحة البلاد. جبل بايكدو، وهو بركان يطل على الحدود الصينية، هو أعلى قمة في البلاد، ويتراوح ارتفاع القمم الجبلية بين 1400 و 2000 متر فوق مستوى سطح البحر.
الأحوال الجوية
تتأثر كوريا الشمالية بمناخ قاري يتميز بفصول أربعة متميزة. يتميز الصيف بطول فترته وقساوته، خاصة في المناطق الشمالية، حيث تشهد تساقطًا للثلوج لمدة تصل إلى 37 يومًا. يتميز الموسم الصيفي بحرارته المرتفعة ورطوبته، ويشهد هطولًا مطريًا بسبب الرياح الموسمية الجنوبية. تعاني المناطق الجنوبية الشرقية من الرطوبة بسبب الرياح الموسمية القادمة من المحيط الهادئ. يشهد الصيف أيضًا أعاصير تؤثر على المنطقة مرة واحدة في كل موسم. يتميز فصلا الربيع والخريف باعتدال درجات الحرارة والرياح المتغيرة باستمرار.
الوضع الاقتصادي
يعتمد اقتصاد كوريا الشمالية على الاكتفاء الذاتي، وهو اقتصاد حكومي بالكامل. هذا النظام يسمح للدولة بتوفير الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والسكن والرعاية الصحية والتعليم مجانًا لمواطنيها.
تعتبر الصناعة القطاع الأكثر أهمية في الاقتصاد، حيث تمثل 43٪ من الناتج المحلي الإجمالي. يليها قطاع الخدمات بنسبة 34٪ تقريبًا، ثم الزراعة بنسبة 23٪.
لمحة عن كوريا الجنوبية
تقع في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية، واشتق اسمها من العائلة المالكة “كوريو” التي حكمت في العصور الوسطى. يبلغ عدد سكانها حوالي 51 مليون نسمة يعيشون على مساحة تقدر بحوالي 100,210 كيلومتر مربع، وتتميز بطبيعتها الجبلية.
كوريا الجنوبية جمهورية ذات سيادة ورئاسية، وتنقسم إلى 17 وحدة إدارية. تعتبر من الدول المتقدمة، حيث يتمتع سكانها بمستوى معيشة مرتفع ومتطور. عاصمتها سيول، وهي أكبر مدن البلاد.
الأحوال الجوية
يجمع مناخ كوريا الجنوبية بين المناخ القاري وشبه الاستوائي، وتتعرض لرياح موسمية قادمة من شرق آسيا. تشهد البلاد هطولًا مطريًا خلال فصل الصيف، الذي يمتد من أواخر يونيو إلى أواخر يوليو. يتميز فصل الشتاء ببرودته الشديدة، حيث قد تصل درجة الحرارة الدنيا إلى -20 درجة مئوية.
يمتاز الساحل الجنوبي بارتفاع درجات الحرارة في الشتاء، لكنها تنخفض كلما ابتعدنا عن المناطق الساحلية نحو المناطق الجبلية. يتميز الصيف بارتفاع كبير في درجة الحرارة، حيث تتجاوز 30 درجة مئوية.
التضاريس والموقع الجغرافي
تمتد كوريا الجنوبية على طول 1100 كيلومتر على طول البر الآسيوي. يحدها البحر الأصفر من الغرب، وبحر اليابان من الشرق، وبحر الصين الشرقي ومضيق كوريا من الجنوب. تقع في المنطقة الجغرافية بين خطي عرض 30 و 39 درجة شمالاً، وخطي طول 124 و 130 درجة شرقاً، وتبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 100,000 كيلومتر مربع.
الوضع الاقتصادي
تعتبر كوريا الجنوبية رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وتحتل المرتبة الثانية عشرة من حيث تعادل القوة الشرائية. يعتمد اقتصادها بشكل كبير على التصدير، وتنتج السيارات والروبوتات والبتروكيماويات والسفن والآليات الثقيلة والإلكترونيات. هي من بين الدول المؤسسة لمنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ.
تعد كوريا الجنوبية من الدول ذات الدخل المرتفع، وهي من بين الدول الأكثر تصنيعًا في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. يتميز اقتصادها بنموه السريع.
الفروقات الجوهرية بين الكوريتين
اندلعت حرب باردة بين الكوريتين، وأسفرت عن هدنة في 27 يوليو 1953. ومع ذلك، لا تزال الخلافات قائمة بين البلدين، حيث لا تعترف أي منهما بالخطوط التي رسمتها الهدنة كحدود رسمية، وتفترض كل منهما شرعية نفسها وتلغي شرعية الأخرى.
وقعت كوريا قبل التقسيم تحت الاحتلال الياباني في 22 أغسطس 1910، واستمر الاحتلال حتى عام 1945. انتهى الاحتلال الياباني مع هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، وتم تقسيم كوريا بعد ذلك إلى قسمين بناءً على اتفاقية الأمم المتحدة.
أدت الحرب العالمية الثانية إلى تقسيم كوريا، حيث احتل الاتحاد السوفيتي أحد القسمين، واحتلت أمريكا القسم الآخر. تدخلت الأمم المتحدة بعد ذلك لإجراء انتخابات أسفرت عن قيام دولتين كوريتين. قدم الاتحاد السوفيتي الدعم الكامل لكوريا الشمالية، بينما قدمت أمريكا الدعم الكامل لكوريا الجنوبية. لا تزال المناوشات والخلافات الدولية قائمة حتى الآن.
يختلف نظام الحكم في كل من الكوريتين. تتبع كوريا الشمالية نظام حكم دكتاتوري، حيث يعتبر حزب العمال الكوري هو الحاكم الفعلي للبلاد. تعتبر من الدول الأقل تقدمًا، حيث يسودها الظلم والاستبداد، ويفتقر سكانها إلى حقوقهم. تعتبر دولة متخلفة ومن بين الدول المتأخرة في وصول الإنترنت إليها. تتميز خطوطها الجوية بأنها من الأسوأ على الإطلاق، حيث يمكن تصنيفها بنجمة واحدة فقط، وتقتصر رحلاتها على كوريا الجنوبية واليابان والصين وروسيا.
أما كوريا الجنوبية، فنظام حكمها جمهوري رئاسي دستوري. تعتبر من أكثر الدول تقدمًا ونموًا، وهي من بين الدول الرائدة في المجالات العلمية والتكنولوجية. تعتبر دولة رائدة في صناعة الإلكترونيات والحاسبات الآلية والمركبات، كما أنها من الدول المتقدمة في مجال الطيران ولا تقتصر على دول محددة كما هو الحال في جارتها الشمالية.
تفصل بين الكوريتين منطقة منزوعة السلاح (Demilitarized Zone). تفرض كوريا الشمالية عقوبة صارمة على من يتجاوز هذا الشريط الحدودي، تصل إلى الحكم بالسجن المؤبد على أفراد عائلة الهارب في سجون سياسية، بينما تلجأ كوريا الجنوبية إلى منح الهارب الجنسية الكورية على الفور.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: 8].
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”.