مقارنة بين عيد الفطر وعيد الأضحى

استكشف أوجه الاختلاف بين عيد الفطر وعيد الأضحى من حيث التوقيت، مظاهر التكبير، والسنن النبوية المرتبطة بكل منهما.

تفاوت التوقيت بين العيدين

يحلّ عيد الفطر المبارك في اليوم الأول من شهر شوال من كل عام هجري. بينما يوافق عيد الأضحى حلول اليوم العاشر من شهر ذي الحجة.[1] ويمتد عيد الأضحى حتى نهاية اليوم الثالث من أيام التشريق التي تعقب يوم العيد مباشرة.[2]

جوانب التكبيرات في العيدين

من المستحب أن يرفع المسلمون أصواتهم بالتكبير خلال ليلتي عيد الأضحى وعيد الفطر، وذلك في مختلف الأماكن كالطرقات والمساجد والأسواق والمنازل، وهو ما أكده الشافعية والحنابلة والمالكية. يجوز للمسلمين الجهر بالتكبير وهم في طريقهم إلى مصلى العيد في كل من عيد الأضحى وعيد الفطر، وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء، بينما خالفهم الحنفية في استحباب الجهر بالتكبير في عيد الفطر، ورأوا بعدم استحبابه.[3]

يتميز عيد الأضحى عن عيد الفطر بالتكبير المقيد، وهو التكبير الذي يعقب الصلوات الخمس المفروضة، ويبدأ من فجر يوم عرفة ويمتد حتى عصر آخر أيام التشريق. ومن صيغ التكبير المستحبة: “الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد”.[4]

أما التكبير المطلق فيبدأ مع بداية شهر ذي الحجة ويستمر حتى نهاية أيام التشريق، ولا يقتصر على مكان أو زمان محدد، بل يمكن التكبير في كل وقت وفي كل مكان. وفي عيد الفطر، يبدأ التكبير عند رؤية هلال شهر شوال بعد غروب شمس آخر يوم من شهر رمضان، ويستمر حتى خروج الإمام لصلاة العيد.[5]

فرادَة السنن في كل عيد

يُستحب في عيد الفطر أن يتناول المسلم شيئاً من الطعام قبل الخروج إلى صلاة العيد، اقتداءً بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. بينما في عيد الأضحى، يُستحب تأخير الأكل إلى ما بعد صلاة العيد، ليأكل المضحي من أضحيته، ولهذا شُرع التعجيل في ذبح الأضحية.[6] والأكل المسنون قبل الخروج إلى صلاة عيد الفطر هو أكل تمرات وتراً، لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يَغْدُو يَومَ الفِطْرِ حتَّى يَأْكُلَ تَمَراتٍ).[7][8]

أول ما يُسن للمسلم فعله قبل الخروج إلى صلاة عيد الفطر هو إخراج صدقة الفطر.[9] ويبدأ وقت إخراجها من غروب شمس آخر يوم من شهر رمضان وحتى الخروج إلى صلاة عيد الفطر، وهذا قول الشافعية والحنابلة وقول عند المالكية. ويرى الجمهور أنه لا يُشترط بلوغ النصاب لصدقة الفطر، بل يكفي أن يخرج ما زاد عن قوته وقوت عياله، وهي واجبة على كل فرد مسلم.[10]

ويُسن في عيد الأضحى ذبح الأضحية، فيذبح المسلم شاة أو ما شاء من الأنعام، طاعةً لله سبحانه وتعالى وتقرباً إليه، ويكون ذبحها بعد صلاة العيد.[11] وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحي في العيد، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (ضَحَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا).[12]

وعليه، فالأضحية من السنن التي سنها النبي صلى الله عليه وسلم، ويُستحب أن يذكي المضحي أضحيته بيده، ولا يجوز ذبحها إلا بعد صلاة العيد.[13] ومن الأحاديث الدالة على مشروعية الأضحية في العيد قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أوَّلَ ما نَبْدَأُ في يَومِنَا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ ذلكَ فقَدْ أصَابَ سُنَّتَنَا، ومَن نَحَرَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فإنَّما هو لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأهْلِهِ، ليسَ مِنَ النُّسْكِ في شيءٍ).[14]

حظر صيام أيام العيدين

من المحظورات الشرعية صيام يوم عيد الفطر، بينما يجوز صيام الأيام التي تليه، بل يستحب المبادرة إلى قضاء ما أفطره المرء من أيام في رمضان.[15]

ويحرم صيام يوم عيد الأضحى كذلك، وقد اختلف العلماء في حكم صيام الأيام التي تليه، وفيما يلي تفصيل لآرائهم:[16]

  • الحنفية: يحرم عندهم صيام يوم العيد سواء في الفطر أو الأضحى، ويكره صيام الأيام الثلاثة التي تلي عيد الأضحى، ويستثنى من ذلك الحاج.
  • المالكية: يحرم عندهم صيام يوم عيد الفطر، أو صيام يوم عيد الأضحى ويومين بعده من أيام التشريق، ويكره صيام اليوم الرابع، ويستثنى الحاج من ذلك، إذ يجوز له الصيام.
  • الشافعية: يحرم عندهم صيام يوم العيد في الفطر أو الأضحى، ويحرم صيام أيام التشريق بعد الأضحى، ولا يستثنون الحاج من ذلك.
  • الحنابلة: يحرم عندهم صيام يوم عيد الفطر، ويوم عيد الأضحى، والأيام الثلاثة التي تلي عيد الأضحى، ويستثنى الحاج من ذلك.

أهمية الأعياد في الإسلام

كلمة العيد في اللغة مشتقة من الفعل (عاد)، وقيل إنها مشتقة من العادة، أي ما اعتاد الناس عليه، وجمع العيد أعياد، وهو يطلق على أي يوم يجتمع فيه الناس، وقيل إنه سمي بالعيد لأنه يتكرر كل عام، ويعود حاملاً البهجة والفرح، وهذا قول ابن الأعرابي.[17]

ويرى العلامة ابن عابدين أنه سمي بذلك لما يتفضل الله سبحانه فيه من إحسان يعود على العبد، كالفطر بعد الصوم، والصدقة، والأضحية، وإتمام شعيرة الحج بالطواف، ولما يسن فيه من الفرح، وإدخال السرور على النفوس، وشكر نعم الله تعالى على الناس.[17]

وسمي عيد الفطر بهذا الاسم لأن صيام شهر رمضان ينتهي به، فيفطر الناس،[18] بينما سمي عيد الأضحى بهذا الاسم لأن الحجاج يذبحون فيه الأضاحي.[19] ويحتل عيدا الفطر والأضحى مكانة كبيرة عند المسلمين.

وتتأتى هذه الأهمية من اختيار الله لهما كعيدين للمسلمين، إلى جانب ما فيهما من شعائر عظيمة كالنحر وفرح المسلم بالفطر، كما أنهما يأتيان بعد ركنين من أركان الإسلام هما الصيام والحج، إضافة إلى أنهما من أيام الله التي ينشر فيها المغفرة والرحمة على العباد.[17]

المراجع

  1. محمد بن إبراهيم التويجري،موسوعة الفقه الإسلامي(الطبعة 1)، صفحة 656، جزء 2. بتصرّف.
  2. “عدد أيام العيدين، والأحاديث الدالة على إظهار السرور فيهما”،إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 16/6/2022. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين،الموسوعة الفقهية الكويتية(الطبعة 2)، صفحة 196، جزء 16. بتصرّف.
  4. “التكبير في العيدين.. أنواعه.. وصيغه”،إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 16/6/2022. بتصرّف.
  5. “وقت ابتداء وانتهاء التكبير في عيدي الفطر والأضحى”،إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 16/6/2022. بتصرّف.
  6. عبدالكريم الخضير،كتاب شرح بلوغ المرام، صفحة 18، جزء 48. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:953، صحيح.
  8. سيد سابق،فقه السنّة، صفحة 317، جزء 1. بتصرّف.
  9. عمر سليمان الأشقر،دروس الشيخ عمر الأشقر، صفحة 10، جزء 50. بتصرّف.
  10. عبد الله الطيار،الفقه الميسر، صفحة 105-106، جزء 2. بتصرّف.
  11. علي حسن الحلبي الأثري،أحكام العيدين في السنّة المطهرة(الطبعة 2)، صفحة 63. بتصرّف.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:5565، صحيح.
  13. راشد عبدالكريم،الدوس اليومية من السنن والأحكام الشرعية، صفحة 585-586. بتصرّف.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:965، صحيح.
  15. “حكم صيام اليوم التالي ليوم عيد الفطر”،إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 16/6/2022. بتصرّف.
  16. عبد الرحمن الجزيري،الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 504، جزء 1. بتصرّف.
  17. أبتعلي بن الحسن الحلبي،أحكام العيدين(الطبعة 2)، صفحة 13-16، جزء 1. بتصرّف.
  18. مجمع اللغة العربية بالقاهرة،المعجم الوسيط، صفحة 694. بتصرّف.
  19. “تعريف و معنى عيد الأضحى في معجم المعاني الجامع”،معجم المعاني الجامع، اطّلع عليه بتاريخ 16/6/2022. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

التمييز بين إجراءي تدبيس المعدة وتصغير المعدة – دليل شامل

المقال التالي

الاغتسال من الجنابة والحيض: نظرة شاملة

مقالات مشابهة