مقارنة بين صلاة العيد وصلاة الجمعة

استكشاف الفروق الجوهرية بين صلاتي العيد والجمعة: مفهومهما، حكمهما الشرعي، كيفية أدائهما، شروط صحتهما، وتوقيتهما. دليل شامل للمسلمين.

تتنوع العبادات في الإسلام، ولكل منها خصوصيتها وأحكامها. ومن بين هذه العبادات، تبرز صلاتا العيد والجمعة، وهما من الشعائر الهامة التي يحرص المسلمون على أدائها. ومع ذلك، تختلف هاتان الصلاتان في عدة جوانب، بدءًا من الحكم الشرعي وصولًا إلى الكيفية والشروط. يهدف هذا المقال إلى إلقاء الضوء على هذه الفروق بشكل مفصل وواضح.

الاختلاف في المفهوم

تختلف صلاتا العيد والجمعة في أصل معناهما ودلالتهما، وهذا ما يميز كلًا منهما عن الأخرى.

ما هي صلاة العيد؟

كلمة “عيد” مشتقة من “عاد”، بمعنى الرجوع والتكرار، وقد سمي العيد بهذا الاسم لأنه يتكرر كل عام، أو لأنه يعود بالبهجة والسرور على الناس. 1 عيد الفطر هو اليوم الأول الذي يُسمح فيه للمسلمين بالإفطار بعد صيام شهر رمضان، ويوافق الأول من شهر شوال. أما عيد الأضحى، فهو اليوم الذي يبدأ فيه المسلمون بذبح الأضاحي تقربًا إلى الله -تعالى-، ويوافق العاشر من ذي الحجة. 2

ما هي صلاة الجمعة؟

كلمة “الجمعة” مأخوذة من اجتماع الناس في هذا اليوم. كان يُطلق على يوم الجمعة في الجاهلية اسم “يوم العروبة”، أي اليوم البين المعظم، وهو اليوم الذي يتوسط يومي الخميس والسبت. وقد قيلت عدة أقوال في سبب تسميته بهذا الاسم: 3

  • جُمِع فيه خَلقُ آدم -عليه السلام-.
  • جَمَعَ فيه كعب بن لؤي قومه يَعِظهم.
  • اجتمع فيه الناس يُصلّون.
  • جُمِعَ فيه كمال الخلائق.
  • اجتمع فيه آدم- عليه السلام- مع حواء في الأرض. 4
  • اجتمع فيه الخير والبركة. 4
  • اجتمع فيه الأنصار مع أسعد بن زرارة. 3

التباين في الحكم الشرعي

تختلف صلاتا العيد والجمعة في الحكم الشرعي لكل منهما، وهذا يؤثر على أهمية كل صلاة في حياة المسلم.

ما هو حكم صلاة العيد؟

اختلف العلماء في حكم صلاة العيدين، ويمكن تلخيص أقوالهم فيما يلي:

  • الحنفية والحنابلة: ذهبوا إلى أن صلاة العيدين فرض كفاية؛ لقول الله -تعالى-: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلى مَا هَدَاكُمْ). 5 والمراد بالآية صلاة العيد، وقد استمر عليها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-. 6
  • المالكية والشافعية: ذهبوا إلى أن صلاة العيدين سنة مؤكدة؛ لمداومة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على أدائها. 7

ما هو حكم صلاة الجمعة؟

اتفق الفقهاء على أن حكم صلاة الجمعة هو الوجوب، وأنها فرض الأعيان. 8 وقد نقل الإمام ابن المنذر إجماع العلماء على أن صلاة الجمعة واجبة على كل مسلم ذكر، حر، بالغ، مقيم، ولا عذر لديه يمنعه من أداء الصلاة. 9 ودليل وجوبها مأخوذ من القرآن الكريم، والسنة النبوية، وإجماع الأمة على ذلك؛ فقد قال الله -تعالى- في سورة الجمعة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّـهِ). 10 والأمر بالسعي إلى صلاة الجمعة يفيد وجوبها وفرضيتها على الأعيان، أما من السنة ففي الحديث أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: (لقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بالنَّاسِ، ثُمَّ أُحَرِّقَ علَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الجُمُعَةِ بُيُوتَهُمْ). 11 ولا خلاف بين أئمة المسلمين على أن صلاة الجمعة واجبة على الأعيان. 12

الاختلاف في طريقة الأداء

تختلف صلاتا العيد والجمعة في طريقة الأداء، وهذا يشمل عدد الركعات والتكبيرات، وترتيب الخطبة.

كيفية أداء صلاة العيد

صلاة العيد ركعتان يصليهما الإمام قبل أداء الخطبة، وتكون كباقي الصلوات من حيث الأمور الواجبة، والمسنونة، وكذلك المكروهة، إلا أنها تزيد على باقي الصلوات بتكبيرات زوائد مندوبة يجهر بها، مع تعدد آراء الفقهاء في عددها. 13 ويندب أن يقول المصلي سراً بين كل تكبيرتين: “سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر”، أو يقول: “لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم”، ويجوز أن يقول المسلم أي ذكر آخر بلا إطالة. 13 وأما بالنسبة إلى عدد التكبيرات الزوائد والمسائل المتعلقة بها ففيما يأتي بيان ما ذهب إليه أهل العلم في المسألة: 14

  • الإمام أبو حنيفة ذهب الإمام أبوحنيفة إلى أنّ المُصلّي يُكبّر في الركعة الأولى ثلاث تكبيرات عدا تكبيرة الإحرام، ويرفع يديه مع كلّ تكبيرة، ثمّ يقرأ الفاتحة وسورةً أخرى، ثمّ يركع مُكبراً دون رَفع يدَيه، ويُكبّر عند قيامه للركعة الثانية دون أن يرفع يدَيه، ويقرأ الفاتحة وسورة معها، ثمّ يُكبّر ثلاث تكبيرات يرفع فيهما يدَيه، ثمّ يركع مُكبِّراً دون رَفع يدَيه.
  • الإمام مالك ذهب الإمام مالك إلى أنّ المُصلّي يُكبّر في الركعة الأولى ستّ تكبيرات عدا تكبيرة الإحرام، ثمّ يشرع في القراءة، ويُكبّر في الركعة الثانية خمس تكبيرات عدا تكبيرة القيام من السجود للركعة الثانية.
  • الإمام الشافعيّ ذهب الإمام الشافعيّ إلى أنّ عدد التكبيرات في الركعة الأولى سبع تكبيرات دون تكبيرة الإحرام، وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات دون تكبيرة الانتقال من السجود إلى الركعة الثانية.
  • الإمام أحمد ذهب الإمام أحمد إلى أنّ المُصلّي يُكبّر في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام ودعاء الاستفتاح ستّ تكبيرات، ثمّ يتعوّذ ويقرأ الفاتحة وما تيسّر من القرآن، ويُسَنّ له أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة الأعلى، ويُكبّر في الركعة الثانية قبل البدء بالقراءة خمس تكبيرات؛ منها تكبيرة الانتقال من السجود إلى الركعة الثانية. ويرفع المُصلّي يدَيه مع كلّ تكبيرة، ويقول بين كلّ تكبيرتَين: “الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيرا”، ويجوز للمُصلّي قول غير ذلك من الأذكار، ويُسَنّ له أن يقرأ في الركعة الثانية سورة الغاشية.15

كيفية أداء صلاة الجمعة

أجمع المسلمون على أن صلاة الجمعة ركعتان يصليهما الإمام بالمأمومين بعد فراغه من خطبة الجمعة؛ يجهر في كل ركعة بقراءة فاتحة الكتاب وسورة أخرى، وذهب الشافعي إلى استحباب أن يقرأ الإمام في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة الجمعة، وفي الركعة الثانية سورة المنافقون. واستحب الإمام مالك أن يقرأ في الأولى بسورة الجمعة، وفي الثانية بسورة الأعلى، وقيل: يقرأ في الأولى بالجمعة، وفي الثانية بالغاشية، وقيل: يقرأ في الأولى بسورة الأعلى، وفي الثانية بسورة الغاشية. 16

التباين في شروط الصحة

تختلف صلاتا العيد والجمعة في الشروط التي يجب توافرها لصحة الصلاة، وهذا يشمل الاستيطان والجماعة وغيرها.

شروط صحة صلاة العيد

اشترط الفقهاء شروطاً عدّة لصلاة العيد كما يأتي:

  • الاستيطان: يؤدّي صلاة العيد أهلُ البلد المُستوطِنين فيه، ويُقيمون في مساكن مَبنيّة بما اعتاد أهل البلد بناء بيوتهم منه، وهذا الشرط مُشابهٌ لاشتراط الإقامة في البلد الذي تُقام فيه صلاة الجمعة، وكلّ مكان جاز فيه إقامة صلاة الجمعة، جاز فيه إقامة صلاة العيد. 17
    • الحنفية والحنابلة ذهب الحنفيّة إلى أنّ شروط صلاة العيد هي شروط صلاة الجمعة باستثناء الخطبة، فتجب صلاة العيد على كلّ من تجب عليه صلاة الجمعة، وذهب الحنابلة إلى أنّ من شروط صلاة العيد الاستيطان، وإتمام العدد الذي تُقام به صلاة الجمعة.18
    • المالكيّة والشافعيّة ذهب المالكيّة إلى عدم اشتراط الاستيطان؛ لأنّ صلاة العيد مسنونة في حقّ من تجب عليه صلاة الجمعة وإن لم يكن ممّن تنعقد به الصلاة فيدخل في ذلك غير المُستوطِن الخارج عن المدينة، وذهب الشافعيّة إلى أنّ صلاة العيد لا تعتبر فيها شروط صلاة الجمعة، فيجوز لغير المُستوطِن أداؤها.19
  • الجماعة: تعددت آراء الفقهاء في اشتراط الجماعة لصحّة أداء صلاة العيد على النحو الآتي: 20
    • الجمهور ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والحنابلة إلى أنّ أداء صلاة العيد في جماعة من شروط صحّة صلاة العيد، وقال الحنفية إنه لا يُطالَب بقضاء صلاة العيد من فوّت أداءها مع الإمام، في حين ذهب الحنابلة إلى أنه يُسَنّ لمَن فاتَته صلاتها على صفتها في أيّ وقت، وقال المالكيّة بعدم قضائها بعد الزوال.
    • الشافعية ذهب الشافعيّة إلى عدم اشتراط أداء صلاة العيد في جماعة، وقالوا يُسَنّ أداؤها في جماعة لغير الحاجّ، ولا يُشترَط ذلك لصحّة الصلاة، وإن فوّت المسلم أداءها مع الإمام صلّاها في أيّ وقت أراد على صفتها المسنونة، وتكون قضاءً إن أدّاها بعد الزوال.

شروط صحة صلاة الجمعة

بين جمهور الفقهاء شروط وجوب صلاة الجمعة كما يأتي:

  • الإسلام: فهي غير واجبة على غير المسلم، ولا تصحّ منه.
  • البلوغ: فهي غير واجبة على الصبيّ الذي لم يبلغ.
  • العقل: فهي غير واجبة على المجنون.
  • الذكورة: فهي غير واجبة على الإناث.
  • الإقامة في المكان الذي تُقام فيه الجمعة: فهي لا تجب على المسافر الذي لم ينوِ الإقامة في مكان انعقادها.
  • السلامة من الأعذار: وذلك بأن يكون الرجل صحيحاً غير مريضٍ، آمناً غير خائفٍ، مُبصراً لا أعمى، قادراً على المَشي، ولا يمنعه حبسٌ، أو مطرٌ شديد، أو وَحل، أو ثَلج.

واشترط بعض الفقهاء شروطاً لصحة صلاة الجمعة، منها ما يأتي: 21

  • البلدة الجامعة اشتُهِر عند الحنفية أنها كل موضع خُصِّص له أمير وقاضٍ يُقيم الأحكام والحدود الشرعية، وقِيل هي ما يضيق أكبر مسجد فيها عن استيعاب أهلها المُكلَّفين بأداء صلاة الجمعة، وهذا الشرط للوجوب وللصحة أيضاً. أما المالكية فهي عندهم كل موضع يستوطن فيه الناس؛ سواء كانت بلدة كبيرة، أو قرية، وذهب المالكيّة إلى أنّها شرطٌ للوجوب، وذهب الشافعيّة إلى أنّها تُقام في كل بلدة أو قرية وإن لم تُؤدَّ في المسجد, ولا تلزم الجمعة أهل الخيام؛ لأنّهم على هيئة المسافرين. بينما قال الحنابلة باشتراط أن تُقام الجمعة بأربعين رجلاً فأكثر يُقيمون في قريةٍ مجتمعة البناء ممّا جَرت العادة أن يبني الناس منه بيوتهم، ولا جمعة على أهل الخيام، وبيوت الشَّعر.
  • الجماعة: تنوعت أقوال الفقهاء في أقل عدد تُقام به صلاة الجمعة، وبيان ذلك فيما يأتي:
    • أبو حنيفة: ذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنّ أقل عدد لإقامة صلاة الجمعة هو ثلاثة رجال عدا الإمام، ولو كانوا مسافرين أو مرضى؛ وذلك لأنّ أقل ما يُطلَق عليه الجمع الصحيح هو العدد ثلاثة.
    • المالكية: اشترط المالكية حضور اثني عشر رجلاً لأداء الصلاة والخطبة، واشترطوا أن يكون الحاضرون من أهل البلد المُستوطِنين فيه، وأن يبقوا مع الإمام من أوّل الخطبة حتى السلام من الصلاة.
    • الشافعية والحنابلة: ذهب الشافعية والحنابلة إلى أنّ صلاة الجمعة تُقام بحضور أربعين رجلاً من أهل وجوبها مع الأمام، ولا تنعقد الجمعة بأقل من أربعين؛ لأنّه لم يثبت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه صلّى بأقلّ من أربعين.
  • تولّي الأمير أو نائبه إمامة الجمعة وخطبتها والإذن العامّ بإقامتها ذهب الحنفيّة إلى اشتراط تولّي السُّلطان، أو من يأذن له، أو نائبه، إقامة صلاة الجمعة، واشترطوا أيضاً الإذن العامّ من السُّلطان بإقامتها، وفَتح أبواب المساجد للمُصلّين، والسماح للناس بدخول المساجد.
  • قيام الإمام بأدائها في المسجد ذهب الفقهاء من المالكيّة إلى اشتراط وجود إمام حُرٍّ مُقيم غير مسافر يتولّى الخطبة والصلاة بالناس، فلا يصحّ أداء الجمعة بشكل فرديّ، واشترط الحنفيّة فقط أن يكون الإمام ممّن يشغل منصب الولاية، أو الإمارة. كما اشترط المالكيّة أن تُقام الصلاة في مسجد تُصلّى فيه صلاة الجماعة على الدوام؛ فلا تصحّ الجمعة في المساكن، ولا في ساحات البيوت، ولا في المَحالّ المُغلَقة، وتُكرَه الجمعة في ساحات المساجد، والطرق المُتَّصلة بها من غير ضرورة لذلك، ولا تجوز على أسطح المساجد ولو ضاق المسجد بالمُصلّين.
  • عدم إقامة أكثر من جمعة إلّا لحاجة ذهب جمهور الفقهاء من المالكيّة على المشهور، والشافعية، والحنابلة إلى عدم جواز إقامة أكثر من جمعة واحد في البلدة أو المدينة إلّا لحاجة؛ كأن تكون المدينة كبيرة، أو لاكتظاظ أعداد الناس في البلد، أو لوجود عداوة ونزاع بين أهل البلد ويُخشى من وقوع فتنة عند اجتماعهم في مسجد واحد، وذهب الحنفية إلى جواز إقامة أكثر من جمعة في عدّة مواضع من المدينة الواحدة؛ لما في ذلك من التيسير، ودَفعٍ للمَشقّة والحَرَج عن الناس.
  • تقدُّم خطبَتَين قبل الصلاة اتّفق الفقهاء على أنّ من شروط الجمعة تَقَدُّم خطبتَين قبل أداء الصلاة؛ فلا تصحّ الجمعة دونهما؛ واستدلّوا بعدم ترك النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- للخطبتَين في صلاة الجمعة.

التباين في التوقيت

تختلف صلاتا العيد والجمعة في الوقت المحدد لأدائها، وهذا يعتمد على طلوع الشمس وزوالها.

وقت صلاة العيد

يبدأ وقت صلاة العيد عند ارتفاع الشمس قدر رمح في السماء، وهو وقت صلاة الضحى؛ وذلك لفعل النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وفعل الخلفاء الراشدين بعده، وينتهي وقتها بزوال الشمس عن منتصف السماء، ولا تصلى بعد الزوال وإنما تقضى في اليوم التالي. وذلك لِما جاء عن عمومة أبي عمير بن أنس -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلم-، إذ قال: (أُغميَ علينا هلالُ شوالٍ فأصبحنا صيامًا، فجاء ركبٌ من آخرِ النهارِ فشهدوا عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّهم رأوا الهلالَ بالأمسِ، فأمرهم أن يُفطروا من يومهم، وأن يَخرجوا لعيدهم من الغدِ). 2223

وقت صلاة الجمعة

تعددت آراء الفقهاء في أول وقت تصلى فيه صلاة الجمعة، وتوضيح ذلك فيما يأتي:

  • الجمهور ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والشافعية إلى أن وقت صلاة الجمعة مشابه لوقت صلاة الظهر؛ إذ يبدأ وقتها بعد زوال الشمس عن منتصف السماء، ولا يصح أداؤها قبل الزوال؛ لخبر أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُصَلِّي الجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ). 2425
  • الحنابلة ذهب الحنابلة في المعتمد عندهم إلى أن أول وقت يجوز أن تصلى فيه الجمعة هو وقت الضحى؛ وهو عند ارتفاع الشمس في السماء بمقدار رمح، وهو أيضاً أول وقت صلاة العيد؛ لِما رُوي أن جماعة من الصحابة كابن مسعود، وجابر، وسعيد، ومعاوية -رضي الله عنهم- كانوا يصلون الجمعة قبل الزوال، ولم يُنكر عليهم ذلك أحد. 26

أما فيما يتعلق بآخر وقت تصلى فيه صلاة الجمعة؛ فجمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية، والحنابلة إلى أن وقت صلاة الجمعة ينتهي بانتهاء وقت صلاة الظهر، وذلك عندما يكون ظل كل شيء مثله في الطول. 27 وخالف المالكية في ذلك؛ إذ قالوا إن وقت صلاة الجمعة يستمر إلى غروب الشمس، فإذا غربت الشمس انتهى وقت الجمعة. 28

التباين في الخطبة

تختلف خطبة الجمعة عن خطبة العيد في عدة جوانب، وتشمل الترتيب، والمحتوى، والشروط.

خطبة صلاة العيد

يُسَنّ أن يخطب الإمام يوم العيد بعد أدائه للصلاة، ويُسَنّ كذلك للمُصلّين الاستماع إلى الخطبة؛ وبناءً عليه فإنّه لا يحرم على المصلي مغادرة المكان قبل البدء بخطبة العيد، إلّا أنّه من الأفضل أن يجلس ويستمع إلى الخطبة بعد الصلاة؛ لحديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: (إنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قَامَ يَومَ الفِطْرِ، فَصَلَّى، فَبَدَأَ بالصَّلَاةِ قَبْلَ الخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ). 2930

خطبة صلاة الجمعة

أجمع فقهاء المذاهب الأربعة على أن الخطبة في صلاة الجمعة شرط لصحتها؛ فلا يصح أداء صلاة الجمعة إلا بالخطبة؛ لقول الله -تعالى-: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّـهِ). 31 والمقصود بالذكر الخطبة، ولم يرد أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ترك الخطبة في حال من أحواله. 32 وذهب الإمام الحسن البصري إلى أن الخطبة ليست بواجبة؛ وذلك لصحة أداء الجمعة ممن لم يحضر الخطبة وأدرك الصلاة، واشترط جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة أن تكون خطبتان، وذهب الحنفية إلى أنه تجزئ الخطبة الواحدة. 32

مشروعية الأذان

اتفق الفقهاء على أن صلاة العيد لا أذان فيها، 33 وإنما يُنادى لها عند أدائها بقول: “الصلاة جامعة”، أو “الصلاة الصلاة”، وما إلى ذلك, 34 أما حكم الأذان والإقامة في صلاة الجمعة، فقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والشافعية إلى أنها سنة مؤكدة للرجال المجتمعين في كل مسجد، وذهب أكثر الحنابلة إلى أن الأذان والإقامة فرضا كفاية لصلاة الجمعة. 35 وأما مسألة حكم الأذان الأول يوم الجمعة فيرى جمهور أهل العلم استحبابه؛ موافقة لفعل الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، فيكون لصلاة الجمعة أذانان؛ الأول في بداية الوقت، والثاني عند بداية الخطبة؛ بينما ذهب الإمام الشافعي إلى استحباب أذان واحد يوم الجمعة، وهو الأولى عنده؛ لأن أذان الجمعة في زمن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان واحداً، وإنما أمر عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بالأذان الثاني عند كثرة الناس. 36

حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد

اتفق جمهور الفقهاء على أن صلاة الجمعة إذا اجتمع معها العيد في يوم واحد، فإنها لا تسقط عن المسلم الذي صلى العيد؛ وذلك لأن الجمعة واجبة ولا تسقطها صلاة العيد وهي سنة المؤكدة، أو كلاهما واجبتان على من ذهب إلى هذا الرأي وعليه؛ فلا تسقط إحداهما بالأخرى. 37 وخالف في ذلك الحنابلة؛ فقالوا إن المسلم إذا حضر صلاة العيد في يوم الجمعة فقد سقط عنه وجوب أداء صلاة الجمعة، وإنما تجب إقامتها على الإمام؛ وذلك لأن وقت الجمعة والعيد واحد عند الحنابلة؛ فتسقط إحداهما بالأخرى. 37

فضل الصلاتين

لكل من صلاتي العيد والجمعة فضل عظيم في الإسلام، وتشكلان مناسبة للتعبد والتقرب إلى الله.

فضل صلاة العيد

صلاة العيد مظهر من مظاهر الفرح بتمام الطاعة، ومشهد مهيب من مشاهد تعظيم شعائر الله -سبحانه وتعالى-، وهي من أفضل النوافل؛ فعيد الفطر يكون بعد الصيام المفروض، وعيد الأضحى يكون بعد أداء الحجاج مناسك الحج؛ ولهذا كان لشهود صلاة العيدين فضائل وبركات عديدة. 38 وهذا دعا النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى حَثّ النساء ودعوتهنَّ إلى حضور صلاة العيدين؛ حتى يشهدْنَ الخير، ويُؤدّينَ الصلاة مع المسلمين، وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يحرصون على إخراج أهلهم لأداء صلاة العيد؛ لِ

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

تمييز بين صلاتي الإشراق والضحى

المقال التالي

تميّز صلاة الجماعة عن الصلاة الفردية

مقالات مشابهة