مصير من يرتكب الكبائر
أوضح علماء الدين الإسلامي أن الشخص الذي يرتكب كبيرة من الكبائر، مثل الزنا أو السرقة أو شرب الخمر، دون أن يعتبرها حلالًا، يُعتبر فاسقًا وعاصيًا. يجب عليه أن يسارع بالتوبة إلى الله تعالى لكي يغفر له. أما إذا ارتكب هذه الكبائر ولم يتب منها حتى وافته المنية، فإن أمره موكول إلى الله؛ إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه. وإذا أدخله الله النار، فإنه لن يبقى فيها خالدًا للأبد. فقد ثبت في السنة النبوية الشريفة أن الله سبحانه وتعالى يخرج الموحدين من النار بعد تطهيرهم من المعاصي، ويأخذهم إلى نهر يسمى نهر الحياة، حيث ينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، وعندما يستعيدون خلقتهم كاملة، يدخلهم الله الجنة برحمته.
وقد ورد في الحديث الشريف ما يؤكد ذلك، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ.”
توضيح مفهوم الكبائر
لقد تعددت تعريفات العلماء لمفهوم الكبائر، وأرجح هذه التعريفات هو أن الكبيرة هي كل ذنب ورد فيه نص من القرآن الكريم أو السنة النبوية، وتضمن هذا النص حدًا من حدود الله، أو توعد الله فاعله بالعقوبة أو الغضب أو اللعن. أما الذنوب التي لا تصل إلى هذا الحد، فتعتبر من الصغائر أو اللمم، وهي الذنوب التي لا تستوجب حدًا في الدنيا ولا عقوبة في الآخرة.
طرق التكفير عن الذنوب الكبيرة
اتفق جمهور علماء الأمة على أن التوبة واجبة على كل من يريد أن يكفر الله عنه معصيته الكبيرة. كما يرون أن الفرائض التي فرضها الله لا تكفي وحدها لمغفرة الكبائر والخطايا. هذا القول يؤكد ضرورة التوبة، فلو كانت الفرائض تكفر الكبائر، لما احتاج أحد إلى التوبة، ولما بقي لأحد ذنب. إذن، الفرائض تكفر الصغائر.
التوبة النصوح تتضمن الإقلاع عن الذنب، والندم عليه، والعزم على عدم العودة إليه، وإذا كان الذنب متعلقًا بحقوق العباد، فيجب رد الحقوق إلى أصحابها أو طلب العفو منهم. فالتوبة الصادقة هي التي تمحو أثر الذنب وتفتح صفحة جديدة مع الله.
إن رحمة الله واسعة ومغفرته عظيمة، وهو يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات. فمن أقبل على الله تائبًا منيبًا، صادقًا في توبته، فإن الله يغفر له ذنوبه ويتجاوز عن سيئاته، ويبدلها حسنات. قال تعالى:
“وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا”