ماذا لو ماتت الأضحية قبل النحر؟ نظرة فقهية

استعراض لأحكام الأضحية في الإسلام، ماذا يحدث إذا نفقت الأضحية قبل الذبح؟ وهل يجوز أكل الميتة؟ دليل شامل ومبسط.

الرأي الشرعي في الأضحية

الأضحية شعيرة عظيمة في الإسلام، وهي سنة مؤكدة على القادر المستطيع، وقيل بوجوبها. وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2].

لقد تعددت وجهات نظر العلماء حول حكم الأضحية على المسلم المقتدر، فمنهم من ذهب إلى وجوبها، بينما ذهب جمهور العلماء إلى أنها سنة مؤكدة، وهو قول أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.

ينبغي على المسلم الاهتمام بهذه الشعيرة العظيمة. فإذا اشترى المسلم أضحية لنفسه وأهل بيته، ثم ماتت قبل أن يقوم بذبحها، فإن الحكم في هذه الحالة يختلف بحسب سبب الوفاة، سواء كان ذلك نتيجة إهمال منه أم لا، وسنتناول تفصيل ذلك فيما يلي.

نفوق الأضحية قبل الذبح دون إهمال

إذا قام شخص بشراء أضحية وحافظ عليها، ثم نفقت قبل أن يذبحها، فإذا كان سبب النفوق خارجاً عن إرادته ودون تقصير منه، أو إذا سُرقت الأضحية أو ضاعت في الطريق، فإنه لا يتحمل أي مسؤولية. وذلك لأن الأضحية تعتبر أمانة في يده، ولا يلزمه ضمانها، طالما أنها ماتت دون تفريط أو إهمال منه، قياساً على الوديعة، وهذا ما ذكره ابن قدامة في كتابه “المغني”.

وقد جاء في المدونة للإمام مالك: “أرأيت إن سرقت أضحية أو ماتت أعليه البدل؟ قال: إذا ضلت أو ماتت أو سرقت فعليه أن يشتري أضحية أخرى”. وهذا يعني أن الإمام مالك يرى أنه يجب شراء أضحية بديلة مهما كان سبب نفوق الأولى.

أما الإمام الشافعي رحمه الله، فقد ذهب إلى أنه لا يلزمه شراء أضحية أخرى على الإطلاق. وقد ذكر في كتابه “الأم”: “وإذا اشترى الرجل الضحية فأوجبها أو لم يوجبها؛ فماتت أو ضلت أو سرقت فلا يدل عليه”.

نفوق الأضحية بسبب إهمال صاحبها

أما إذا نفقت الأضحية قبل التضحية بها بسبب تقصير من صاحبها، أو إذا قام بإتلافها، فإنه يتحمل قيمتها. وذلك لأنها تعتبر من المتقومات، ويتم تقدير قيمتها في يوم الإتلاف، قياساً على سائر المضمونات. هذا الحكم يسري في حال قام الشخص نفسه بإتلاف أضحيته. أما إذا قام شخص آخر غير صاحبها بإتلاف الأضحية، فإنه يتحمل مثل قيمتها في يوم الإتلاف، ويدفعها إلى صاحبها تعويضاً عما أتلفه.

حكم تناول الميتة

حرمت الشريعة الإسلامية أكل الأضحية -وغيرها من الذبائح- ما لم يتم ذبحها بطريقة شرعية. قال تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾ [المائدة: 3].

والميتة هي الحيوان الذي مات بغير ذكاة شرعية، وفيما يلي تفصيل لأنواعها:

  1. المنخنقة: هي الذبيحة التي خنقت نفسها، أو حبست نفسها بحبل ضيق حتى ماتت بسبب الخنق.
  2. الموقوذة: هي التي ضربت بشيء ثقيل وماتت بسبب هذا الضرب، حتى لو خرج منها الدم.
  3. المتردية: وهي التي ماتت بسبب سقوطها من مكان مرتفع؛ كجبل، أو سطح أو جدار، وماتت بسبب هذا السقوط.
  4. النطيحة: هي التي ماتت بسبب مناطحتها مع غيرها، وماتت بسبب هذه المناطحة.
  5. ما أكل السبع: هي التي أكلها سبع يفترس بنابه؛ كالذئاب والأسود، وماتت بسبب هذه الإصابة.

المراجع

  • سورة الكوثر، آية: 2
  • حسام الدين عفانة، المفصل في أحكام الأضحية، صفحة 25. بتصرّف.
  • ابن قدامة، المغني لابن قدامة، صفحة 374. بتصرّف.
  • اسلام ويب، فتوى حول الأضحية التي تموت. بتصرّف.
  • ابن قدامة، المغني، صفحة 374. بتصرّف.
  • سورة المائدة، آية: 3
  • أبو الحسن البغدادي (2006م)، تفسير الماوردي، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة (9-11)، جزء 2. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

حكم نشر الصور الخليعة

المقال التالي

درر الكلام – مختارات حِكم قيّمة

مقالات مشابهة

الأذكار والأعمال المستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة

تعرف على الأذكار والأعمال المستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة، بما في ذلك التهليل والتكبير والتحميد، بالإضافة إلى أفضل الأعمال مثل الحج والصيام وقراءة القرآن.
إقرأ المزيد