لهيب الأشواق: تأملات في الحنين

بقايا روح أنهكها الانتظار على قارعة الفقد. ماذا لو أتى نبأ من غائب ينطق: افتقدتك! السكينة الظاهرية أيسر من تبيان علة الأسى للغير.

مقدمة

على دروب الغياب، تتناثر بقايا أرواح أضناها الانتظار الطويل. يا ترى، ماذا لو وصلتنا رسالة في هذه اللحظة من ذلك الشخص البعيد، رسالة تحمل بين طياتها كلمات بسيطة وعميقة في معناها: “اشتقت إليك!”. إن التظاهر بالابتسامة والسعادة أهون بكثير من أن تشرح للآخرين أسباب حزنك العميق. كلما وقعت عيني على عاشقين، ازداد اشتياقي وتمنيت أن تكون أنت بجانبي.

تجسيد اللهفة

لم أعد أرغمك على الحديث معي. عندما تشعر بالرغبة في ذلك، ستجدني هنا، في انتظارك. عندما يشتاق قلبك لأحدهم، سينتهي بك الأمر مستيقظًا في الليل، غارقًا في البكاء. هناك مرحلة من الألم، إذا بلغناها، لن نعد نتأثر بأي شيء بعدها.

اللهم لا تجعلني أتعلق بما ليس لي، واجعل لي نصيبًا فيما أحب. قد تعجز روحي عن لقياك، وقد تعجز عيني عن رؤياك، ولكن قلبي لن يعجز أبدًا عن نسيانك. كم أشتاق لشخص آلمني برحيله. أرغب في أن أعاتبه بشدة، ثم أحتضنه وأبكي بحرقة. نشتاق إليهم لأن جمال أيامهم كان أقوى من قدرتنا على النسيان. هو يريدها، وهي تريده، ولكن الظروف تقف عائقًا بينهما، تمنعهما من الاجتماع.

في الحنين، لا فرق بين يومين، أو عامين، أو حتى عقدين. حجم الشوق قد يلغي فكرة الزمن بأكملها. يقال إن الإهمال مقبرة، ماتت على أعتابها ملايين الحكايات الجميلة. ما أصعب أن تعيش في حيرة من أمرك مع شخص، يومًا تراه يحبك بجنون، ويومًا آخر لا تدري من يكون بالنسبة لك. كنت أعتذر لك دون أن أعرف ما هو خطئي، كل ما كان يهمني هو ألا أفقدك.

ترقب الآتي

غريبة هذه الحياة، قد تملك فيها كل شيء، إلا الشيء الذي تريده حقًا. أكثر الأشياء تدميرًا للروح هو التعلق، ثم التعلق، ثم التعلق، ثم الفراق المؤلم. سأكتفي بك حلمًا، فواقعك ليس لي. نار الشوق أشواق تتراقص بين حنايا قلبي، شوق عارم يقطع شراييني، نبض قلبي وصوت أنفاسي، حتى الدم يجري في وريدي وهو متعب من الاشتياق.

أفكاري ودمعات عيني تتساءل: إلى متى الانتظار؟ أما آن لي أن أبحر في ركاب المشتاقين وأرسو على شاطئ المغرمين، فتخمد نار الاشتياق ويملأ الحب الدنيا ويعانق أنفاسي ويسمع دقات قلبي فيدرك كم انتظرت وكم في قلبي من حب.

مواجهة الألم

أعشق هدوء الليل، لأنه يأخذني إلى دنيا أعيشها بمفردي. لا جديد، سوى أن اشتياقي لك يزيد كل يوم. كم أود أن أهمس لك “أحبك”، وأن أخبرك كم أنت بعيني جميل. الأقدار شاءت أن تكتب علينا الفراق، فعش مع من أحببت، فإنك يومًا مفارقه. فهل يا ترى سنلتقي يومًا مع تلك القلوب الراحلة؟ أم أننا أصبحنا ذكرى خالدة؟

عجبًا أيها الليل، يقولون عنك هادئ وفيك تصرح كل القلوب. من الممكن إذا غابت الأشياء يومًا تعود، لكن إذا غاب حبيبك غابت معه الأشياء ولن تعود. تشعر أنك فقدت جزءًا من جسدك وتم استئصاله، وانفصل عنك تؤم روحك. برد صباح الشتاء لا يدركه سوى المشتاق، الذي تبعثر في وجع حنين الليل.

ندعي النسيان، ونموت في كل ليلة بالبكاء والوجع. ما زلت جالسة على حافة الانتظار، أنتظر خبرًا مغلفًا برائحة الفرحة. ليت الدنيا عين ونحن فيها رمشين، كلما ترمش العين نلتقي نحن الاثنين. اخفض صوت غيابك، فأنا أحاول تنويم حنيني إليك! أليس عشقًا أن تكون قد أوجعتني وأوجعتك، ولكن ما زلت تريدني وأريدك.

همسات الليل

بعد منتصف الليل، هناك شخص نائم، وشخص آخر يتمزق اشتياقًا. آه من قساوة الأيام التي جعلتك بعيدًا عني. أتألم كلما سمعت اسمك، فقلت للشوق، أرجوك صبرني. ها قد حل المساء، فأشعلت شموع غرامي، ولبست ثوب حيائي، وتزينت بكلماتك، وتعطرت بأنفاسك، وانتظرتك بشوق، فلا تطيل انتظاري أكثر من هذا، فربما يقتلني شوقي إليك من لوعة الانتظار.

مرارة الفراق

البعض يقول: لن تعلم قيمة الشيء الذي تملكه حتى تخسره. لكن الحقيقة هي أنك دائمًا تعلم قيمة ما تملك، ولكن لا تعتقد أبدًا أنك سوف تخسره يومًا. جلست في صمت الليل أبكي، أشرح حزني على أوراقي، ورسمت العمر وحدي، والدمع ملأ أحداقي. فهل يا قلب خلى تعاني قسوة الأشواق؟ وسمعت قلب.

الشوق هو تلك النيران التي أشعلتها في روحي الظمأى أثناء غيابك. هو ذلك الحنين الذي يملؤني إليك. هو ذلك الإحساس الذي أحس بحرارته تحرق جوفي. هو ذلك الشعور الذي لا أملك إلا أن أحياه، وأنت بعيد عني. لك وحدك نار الشوق يا رجل، ألا تشعر في نار شوقي وقد أنهك ضلوعي؟ لملمت أشعاري وأحرقت دفاتري، وعلى ضوء الشموع ذرفت دموعي. سقطت دمعتي على شمعتي لتعلن حينها أن حياتي أصبحت ظلام بدونك يا حبيبي.

خلاصة القول

وما حيلتي في بعادك إلا أن أشتاق، ويزداد شوقي كل يوم. ومع كل نفس يخرج مني، أحس بشوقي إليك يزيد حتى امتلأت بالشوق إليك. وفاض مني عيناي فاضت بالشوق لرؤيتك، أذناي فاضت بالشوق لصوتك، قلبي فاض بالشوق لحبك.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

تأملات مختارة: في دروب الحياة

المقال التالي

روائع نزار قباني: كلمات في الحب والحياة

مقالات مشابهة