مقدمة عن مدينة حلب
تقع مدينة حلب في الجزء الشمالي الغربي من الجمهورية العربية السورية، على بعد حوالي 310 كيلومترات من العاصمة دمشق، بالقرب من الحدود التركية. تُعد حلب أكبر مدن سوريا من حيث عدد السكان، وتُعتبر العاصمة الاقتصادية والثقافية لسوريا على مر العصور. يعود هذا إلى موقعها المتميز بالقرب من البحر الأبيض المتوسط وتركيا والعراق. في عام 2006، حصلت حلب على لقب عاصمة الثقافة الإسلامية. وتشتهر بلقب “الشهباء”. تعتبر حلب من أقدم المدن المأهولة في العالم، وسنتناول في هذا المقال نظرة عامة عن تاريخ حلب عبر العصور.
أصل تسمية حلب
أظهرت الدراسات والأبحاث التي أجرتها وزارة الآثار السورية بالتعاون مع منظمة اليونسكو أن حلب هي واحدة من أقدم المدن في العالم، حيث يعود تاريخها إلى حوالي 12200 سنة قبل الميلاد. وبسبب هذا التاريخ الطويل، تُعتبر حلب مرجعاً مهماً للعلماء والباحثين. يُقال أن أحد ملوك الآشوريين، ويدعى بلوكش الموصلي، هو الذي أسس المدينة للمرة الأولى. أما بالنسبة لتسميتها بـ “حلب”، فهناك عدة روايات:
- يرجح البعض أن الاسم مشتق من الكلمة السريانية “حلبا”، والتي تعني “البياض”، وهو نفس السبب وراء تلقيبها بـ “الشهباء”.
- هناك من يقول أن أصل الكلمة يعود إلى “حل رب”، والتي تعني “موضع التجمع”.
- ويشير آخرون إلى أنها كلمة آرامية، حيث كانوا يطلقون عليها اسم “حلبو”.
أهم المراحل التاريخية التي مرت بها حلب
لطالما وُصفت حلب عبر التاريخ بأنها مدينة ذات أهمية كبيرة.
حلب في العصر البرونزي
تم ذكر حلب لأول مرة في التاريخ كعاصمة لمملكة أرمان السورية في العصر البرونزي، والتي كانت تتميز بالقوة والنفوذ. فرضت مملكة أرمان سيطرتها على العديد من المناطق المحيطة وأقامت علاقات دبلوماسية معها. لكن هذه المملكة دُمرت على يد الملك البابلي نارام سين، الذي أراد السيطرة عليها. وهكذا، أصبحت حلب عاصمة للعموريين في الدولة البابلية القديمة، وأطلقوا عليها اسم “حلبا”.
التدمير الثاني للمدينة
كانت حلب تحتل مكانة دينية مهمة عند الحضارة الحيثية، حيث اعتبروها بيت إله الطقس. لذلك، سعى الحيثيون للسيطرة عليها لكي يتمكنوا من عبادة إلههم. ونتيجة لذلك، قام الملك مرسيليس الأول بتدمير حلب والقضاء على البابليين فيها.
حلب الآرامية
شهدت الحضارة الحيثية صراعات داخلية ومشاكل عديدة أدت إلى سقوطها. بعد ذلك، أصبحت حلب عاصمة لحضارة أرفاد الآرامية في القرن التاسع قبل الميلاد، والتي تُعرف اليوم بتل رفعت.
حلب في عهد الإسكندر الأكبر
كانت مدينة حلب جزءًا من المناطق التي وصل إليها الإسكندر الأكبر خلال فتوحاته. وحكمت الإمبراطورية الرومانية حلب لمدة تقارب ثلاثة قرون.
حلب والفتوحات الإسلامية
تم فتح حلب في العام 637 م على يد خالد بن الوليد، رضي الله عنه، وأصبحت تابعة للدولة الأموية، ثم للدولة العباسية في العام 944م، والتي كانت تحت إمرة سيف الدولة الحمداني. اتسمت فترة حكم الحمداني لحلب بالعصر الذهبي. حاول الصليبيون احتلالها ولكنهم فشلوا في تلك الفترة. في العام 1138م، ضرب زلزال مدمر بلاد الشام ودمر مدينة حلب.
حلب والأيوبيون
حكم حلب صلاح الدين الأيوبي. خلال فترة الحكم الأيوبي، احتلها هولاكو المغولي، لكن المماليك استعادوها بعد معركة عين جالوت عام 1260م. لم يتوقف المغول عند هذا الحد، وعادوا واحتلوا المدينة مرة أخرى إلى أن حررها الظاهر بيبرس. ثم عادوا مرة أخرى وتم تحريرها على يد سيف الدين قلاوون.
حلب في العصر العثماني
أصبحت حلب تحت حكم الدولة العثمانية في العام 1516م، وكانت مركزًا تجاريًا هامًا. وعند اندلاع الحرب العالمية الأولى وانهيار الدولة العثمانية، لم تعد حلب تابعة لها.
الانتداب الفرنسي
بدأ الانتداب الفرنسي على سوريا في العام 1920م على يد الجنرال هنري غورو، الذي أعلن دمشق عاصمة لسوريا بهدف استفزاز الحلبيين وتفريقهم. اندلعت العديد من الثورات في جميع أنحاء سوريا، ونالت حلب استقلالها في العام 1946م.