فهرس المحتوى
قوم ثمود ونبوة صالح
أرسل الله نبيّه صالح -عليه السلام- إلى قوم ثمود ليهديهم إلى طريق الحقّ والإيمان بالله وحده لا شريك له. قال تعالى:
وَإِلى ثَمودَ أَخاهُم صالِحًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِنَ الأَرضِ وَاستَعمَرَكُم فيها فَاستَغفِروهُ ثُمَّ توبوا إِلَيهِ إِنَّ رَبّي قَريبٌ مُجيبٌ
(سورة هود، آية: 61)
لكنّ قوم ثمود كذبوه في دعوته ونبوته، وطالبوه بدليلٍ على صدق نبوّته؛ فطلبوا منه إن كان نبيًّا أن يُخرج ناقةً من الصّخر.
معجزة الناقة وعقاب الله
استجاب الله تعالى لسيدنا صالح -عليه السّلام- وأخرج ناقةً عظيمةً من الصخرة. وأمر قومه أن يكون ماء البئر مقسومًا بينهم وبين هذه الناقة؛ يومٌ كاملٌ لها لتشرب منه ويومٌ لهم. قال -تعالى- على لسان صالح -عليه السلام-:
قَالَ هَـذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ* وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ
(سورة الشعراء، آية: 155-156)
إلّا أنّ قوم ثمود لم يُعجبهم أن تقاسمهم الناقة الماء. على الرغم من تحذيرات صالح، قتلوا الناقة ورفضوا الاستجابة لتحذيره.
بعد قتل قوم ثمود للنّاقة، أنذرهم صالح بقرب وقوع عذاب الله -تعالى-. لم يكن منهم إلّا أن استكبروا وتحدّوا صالحًا بأن يأتيهم بالعذاب الذي يعدهم به. قال الله تعالى على لسانهم:
فَعَقَرُوا النّاقَةَ وَعَتَوا عَن أَمرِ رَبِّهِم وَقالوا يا صالِحُ ائتِنا بِما تَعِدُنا إِن كُنتَ مِنَ المُرسَلينَ
(سورة الأعراف، آية: 77)
فأرسل الله -تعالى- على قوم ثمود صيحةً عظيمةً ارتجّت بسببها الأرض، وتقطّعت بفعلها قلوبهم، وتركتهم جثثًا هامدةً في بيوتهم جاثمين على ركبهم. أهلكهم الله تعالى بهذه الصّيحة؛ لقاء تكذيبهم بالله تعالى. وأنجى الله تعالى نبيّه صالحًا -عليه السلام- ومن آمن معه. قال الله تعالى:
فَلَمّا جاءَ أَمرُنا نَجَّينا صالِحًا وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا وَمِن خِزيِ يَومِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ القَوِيُّ العَزيزُ* وَأَخَذَ الَّذينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحوا في دِيارِهِم جاثِمينَ* كَأَن لَم يَغنَوا فيها أَلا إِنَّ ثَمودَ كَفَروا رَبَّهُم أَلا بُعدًا لِثَمودَ
(سورة هود، آية: 66-68)
من هم قوم ثمود؟
قوم ثمود هم قبيلةٌ من قبائل العرب البائدة، يرجعون في نسبهم إلى ثمود بن جاثر بن إرم بن سام بن نبي الله نوح -عليه السلام-، جاؤوا بعد قوم عادٍ. وقد ذكرهم الله -تعالى- في القرآن الكريم سبعًا وعشرين مرَّةً، إحداها باسم: “أصحاب الحجر” في قوله تعالى:
وَلَقَد كَذَّبَ أَصحابُ الحِجرِ المُرسَلينَ
(سورة الحجر، آية: 80)
ذلك لأنّهم كانوا يسكنون في منطقةٍ تعرف بالحجر، وتقع -حسب كثيرٍ من المؤرّخين- بين الحجاز والشام. وقد كان قوم ثمود أصحاب حضارةٍ؛ فعرفوا بالزراعة، واشتهروا بالعمران والبنيان؛ حيث كانوا يشيّدون بيوتهم وينحتونها في الصخر. قال الله -تعالى- في وصف حالهم وما كانوا فيه من الرفاهية والنعم:
وَاذكُروا إِذ جَعَلَكُم خُلَفاءَ مِن بَعدِ عادٍ وَبَوَّأَكُم فِي الأَرضِ تَتَّخِذونَ مِن سُهولِها قُصورًا وَتَنحِتونَ الجِبالَ بُيوتًا فَاذكُروا آلاءَ اللَّـهِ وَلا تَعثَوا فِي الأَرضِ مُفسِدينَ
(سورة الأعراف، آية: 74)
تُعتبر قصة قوم ثمود درساً هاماً لِمُجتمعاتنا في الوقت الحاضر. إنّ الإصرار على الخطأ والعُجُوز عن التغيير ، والتكذيب بالنبوة وإهمال الرسالة الإلهية ، من أسباب الدمار والمُهالك التي أصابَت مُجتمعاتٍ سابقة ، وإِن لَم نُحذّر منها ، فَسوف نَصِيرُ مِثلها ، وَقَدرُ اللهِ مُحدّدٌ .