فراق الأحباب: أشعار تعبر عن الوداع
المحتويات | الرابط |
---|---|
قصيدة: على أثر جراح الماضي | الفقرة الأولى |
قصيدة: الأصدقاء | الفقرة الثانية |
قصيدة: بعدُ عن قرب | الفقرة الثالثة |
قصيدة: أحباب روحي | الفقرة الرابعة |
قصيدة: من لم يُصاحب الصديق | الفقرة الخامسة |
قصيدة: يا صاحبَ الروح | الفقرة السادسة |
قصيدة: على أثر جراح الماضي
يقول الشاعر قاسم حداد:
على أثرٍ من جراح الماضي العميقة، رحلتُ أستبعدُ فراق الأصدقاء من صفحات حياتي. كلما بحثتُ عن كلماتٍ تعبر عن هذا الفراق، قيل لي: خُذْ ما تريد، فستكتسبُ قيمةً من أسماء من غابوا. سَيرهم ستسري كماء الزعفران، خذْ لهم، واكتبْ لنا عن أصحابك الذين رافقوكَ في الماضي. دعْ سوقَ الكلمات، واختر حبرًا من قلبٍ جريح، ولا تؤجل ذكرهم، فالأصدقاء كنزٌ ثمين. خذْ ماءَ الكتابة، وانتظر خفقَةَ الملاك. فكلما حاولتُ التعبير، بكى الورق، وانهمرت دموعٌ حزينة على فراقهم.
قصيدة: الأصدقاء
يقول قاسم حداد أيضاً:
أُميّزُ من غاب عني صديقاً، ومن مات عني صديقاً، ومن خانني صديقاً، ومن ظن بي السوء صديقاً، ومن غرر بي صديقاً، ومن سيفهُ فوق حبي صديقاً، ومن جهز لي كفناً صديقاً، ومن دسّني في الحشود صديقاً، ومن غدر بي صديقاً، ومن حاربَ الظنونَ عني صديقاً، ومن داس جرحي صديقاً، ومن ضاع بي في الجموع صديقاً، ومن بعد عن قلبي صديقاً. أميزهم جميعاً، كلُّ نجمٍ صديقٌ.
قصيدة: بعدُ عن قرب
يقول ابن زيدون:
أضحى التنائي بديلاً من تدانينا، وناب عن طيب لقائنا تجافينا. ألا وقد حان صبح البين صبحنا، حينٌ فقام بنا للحين ناعينا. من مُبلغُ المُلبسِنا بانتزاحِهم، حزناً مع الدهر لا يبلى ويُبلينا. إن الزمان الذي ما زال يُضحكنا، أُنساً بقربهم قد عاد يُبكينا. غيظ العدا من تساقينا الهوى فدَعَوا، بأن نغصّ فقال الدهر آميناً. فانحلّ ما كان معقوداً بأنفسنا، وانبتّ ما كان موصولاً بأيدينا. وقد نكون وما يُخشى تفرقنا، فاليوم نحن وما يُرجى تلاقينا. يا ليت شعري ولم نعتب أعداءكم، هل نال حظاً من العتب أعداءنا؟ لم نعتقد بعدكم إلا الوفاء لكم، رأياً ولم نتقلد غيره ديناً.
وما حقنا أن تُقرّوا عين ذي حسدٍ بنا، ولا أن تُسَرّوا كاشحاً فينا. كنا نرى اليأس تُسلينا عوارضه، وقد يئسنا فما لليأس يُغرينا. بِنتُم وبنا فما ابتلت جوانحنا، شوقاً إليكم ولا جفت مآقينا. نكاد حين تُناجيكُم ضمائرُنا، يقضي علينا الأسى لولا تأسيناً. حالت لفقدكم أيامنا فغدت، سوداً وكانت بكم بيضاً ليالينا. إذ جانبُ العيشِ طلقٌ من تألّفنا، ومربعُ اللهو صافٍ من تصافينا. وإذ هصرنا فنون الوصل دانيةً، قطافُها فجنينا منه ما شينا. ليسق عهدكم عهدُ السرور، فما كنتم لأرواحنا إلا رياحين. لا تحسبوا نأيَكم عنا يُغيّرنا، أن طالما غيّر النأي المحبين. والله ما طلبت أهواؤنا بدلاً، منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا.
يا ساري البرقِ غادِ القصرَ واسقِ به، من كان صرف الهوى والودّ يسقينا. واسأل هنالك هل عني تذكرُنا، إلفاً تذكرهُ أمسى يُعَنّينا. ويا نسيم الصبا بلّغ تحيتنا، من لو على البعد حيّا كان يُحيّينا. فهل أرى الدهر يقضينا مساعدةً، منه وإن لم يكن غيباً تقاضينا؟ ربيبُ مُلكٍ كأن الله أنشأه، مسكاً وقدّر إنشاءَ الورى طيناً. أو صاغه ورقاً محضاً وتوّجه، من ناصعِ التبر إبداعاً وتحسيناً. إذا تأوّد آداته رفاهيةً، تومُ العُقودِ وأدمته البريّ لينا. كانت له الشمس ظهراً في أكَلَّتِهِ، بل ما تجلّى لها إلا أحياناً. كأنما أُثبتت في صحنِ وَجنَتِهِ، زهر الكواكب تعويذاً وتزييناً. ما ضرّ أن لم نكن أكفاءه شرفاً، وفي المودّة كافٍ من تكافينا.
يا روضةً طالما أجنَت لواحظنا، ورداً جلاه الصبا غضاً ونسريناً. ويا حياةً تملّينا بزهرتها، منىً ضروباً ولذّاتٍ آفانينا. ويا نعيمًا خطرنا من غضاراته، في وشي نعمى سحبنا ذيله حيناً. لسنا نُسَمّيكِ إجلالاً وتكريمةً، وقدرُكِ المُعتلي عن ذاك يُغنينا. إذا انفردتِ وما شُرِكتِ في صفةٍ، فحسبنا الوصف إيضاحاً وتبييناً. يا جنة الخلدِ أُبدِلنا بسدرتها، والكُوثر العذب زقّوماً وغسليناً. كأننا لم نبِت والوصل ثالثُنا، والسعد قد غضّ من أجفانِ واشينا. إن كان قد عزّ في الدنيا اللقاءُ بكم، ففي موقف الحشر نلقاكم وتلقوننا.
سرّانِ في خاطر الظلامِ يكتُمُنا، حتى يكاد لسانُ الصبحِ يُفشينا. لا غرو في أن ذكرنا الحزن حين نَهَتْ، عنه النهي وتركنا الصبر ناسينا. إنّا قرأنا الأسى يوم النوى سورًا، مكتوبةً وأخذنا الصبر تلقينا. أمّا هواكِ فلم نعدل بمنهلهِ، شرباً وإن كان يُروينا فيُظمئنا. لم نجفّ أفق جمالٍ أنت كوكبهُ، سالين عنه ولم نهجرهُ قائلِينا. ولا اختياراً تجنّبناهُ عن كثبٍ، لكن عدّتنا على كرهٍ عوادينا. أسى عليكِ إذا حثّت مُشعشعةً، فينا الشمولُ وغَنّانا مُغنّينا. لا أكؤوسُ الراح تُبدي من شمائلِنا، سيماء ارتياحٍ ولا الأوتارُ تُلهينا. دومي على العهدِ ما دُمنا مُحافظَةً، فالحرّ من دان إنصافاً كما ديناً. فما استعَضنا خليلاً منكِ يَحبِسُنا، ولا استفدنا حبيباً عنكِ يَثنينَا. ولو صبا نحونا من علوّ مطلعهِ، بدرُ الدجى لم يكن حاشاكِ يُصبينا.
قصيدة: أحباب روحي
يقول بلبل الغلام الحاجري:
أحبابَ قلبي بِنتُم، وكل سؤالي كنتم. لا أوحش الله الحِمى، ولا العقيّم منكم. كم بكيْتُ ربعكم، وكم سألتُ عنكم. كيف اشتغالي عنكم، وكل شغلي أنتم. القربُ منكم صحةٌ، والبُعدُ عنكم سقم. وكلما ذكرتُكم، يفيضُ من عيني دم.
قصيدة: من لم يُصاحب الصديق
يقول إليا أبو ماضي:
يا صاحبي، وهواك يجذبني حتى لأحسب بيننا رحماً. ما ضرّنا، والودّ ملتئمٌ، أن لا يكون الشمل ملتئمًا. الناس تقرأ ما تُسطّره حبرًا، ويقرأه أخوك دمًا. فاستبق نفسًا، غير مرجعها، عضّ الأنامل بعدما ندمًا. ما أنت مُبدِّلهم خلائقهم، حتى تكون الأرض وهي سماء. زارتك لم تهتك معانيها، غرّاء يهتك نورها الظلما. سبقت يدي فيها هواجسهم، ونطقت لما استصحبوا البكمًا. إذا تُقاسُ إلى روائعهم، كانت روائعهم لها خادمًا. كالريح لم أر قبل سامعها، سكرانَ هَدَّ السُكرُ مُحتشمًا. يَخْدُ القفار بها أخو لجب، يُنْسي القِفارَ الأَيْنَقَ الرَّسْمَا. أقبسته شوقي فأضلعه، كأضلاعِي مملوءة ضرَمًا. إنّ الكواكب في منازلها، لو شئت لاستنزلتها كلما.
قصيدة: يا صاحبَ الروح
يقول حامد زيد:
يا الصاحب اللي لنا من شوفتك مده، مدري تغيرت ولا خوف من عندك. الله لا عاد يومٍ راح بك جده، قمتك تكبر ولا عاد أحدٍ قدك. سهيت لحظة وقمت ابحث بجوالي، اقرا الرسايل وامسح ما بقى منه. لقيت ذكرى رسالة والرقم غالي، مكتوب فيها إذا أنا مت فامسحها. فكرت فيك ولقيتك عايش وسالي، يوم ظن يا صاحبي في يوم تذكرها. الموت عندي يساوي غيابك الحالي، والحين بستأذنك يازين وامسحها. غريبة حيل هالدنيا تفرقنا بدون شعور، ولا ترحم ولا تعطف ولا تقدر صداقتنا. صحيح إن الزمن دوار وأيام الزمان تدور، صحيح إن الوداع صعب وهو أعظم مصائبنا.
ودّعنا، وتفارقنا، ومشينا جنب ذاك السور. جميلة أيامنا كانت سعادتنا وشقاوتنا. أحد ينسى هذاك الصوت المعروف والمشهور، نصبحنا بتهزيئه ويقول: اسمعوا إذاعتنا. وعشان نعصي أوامرهم كنا نأخر الطابور، ونتفلسف وتقهرهم ونجاوبهم بضحكتنا. وتبدأ الحصة الأولى ويجينا المدرس المغرور، نحاول نحرق أعصابه بما تحمله خبرتنا. ويجينا الثاني بوجهه مبتسم مسرور، ونقلب ضحكته هم وهاذي هي عادتنا. ننسى المدرس والحصة نجاوب ننصب الجرور، نزيد الطين بله ونستعبط بإجابتنا. نسولف بأول الحصة نكتب والقلم مكسور، نموه للمدرس ما درى وشهي كتابتنا. شاغب نزعج ونضحك ولكن قلبنا عصفور، نسامح غلطة الثاني لجل خاطر برائتنا. أصدقاء يوفقكم إلهي الواحد المَشكور.