جدول المحتويات
استكشاف الرثاء في أشعار البارودي
يعتبر الرثاء لونًا شعريًا بارزًا، يعبر فيه الشاعر عن حزنه وأساه لفقد عزيز أو شخصية مرموقة. وقد تجلى هذا الفن بشكل مؤثر في أشعار محمود سامي البارودي، الذي استخدم كلماته للتعبير عن أعمق مشاعر الفقد والألم.
تحليل قصيدة “أيد المنون قدحت أي زناد”
تعتبر هذه القصيدة من أبرز قصائد الرثاء للبارودي، حيث يصور فيها حجم الفاجعة التي ألمت به، وكيف أثرت على قوته وعزيمته. يعكس مطلع القصيدة عمق الألم والصدمة:
أَيَدَ الْمَنُونِ قَدَحْتِ أَيَّ زِنَادِ
وَأَطَرْتِ أَيَّةَ شُعْلَةٍ بِفُؤَادِي
يستمر الشاعر في وصف تأثير المصيبة عليه، وكيف أضعفت قواه وحطمت آماله، معبرًا عن حزنه العميق الذي لا يفارقه. كما يصف بكاء بناته وتأثرهن بفقد الأم، مما يزيد من وطأة الحزن والألم.
يقول:
أَفْرَدْتَهُنَّ فَلَمْ يَنَمْنَ تَوَجُّعَاً
قَرْحَى الْعُيُونِ رَوَاجِفَ الأَكْبَادِ
ثم يتوجه بالحديث إلى الفقيدة، معبرًا عن مدى حبه وتقديره لها، وأنه كان مستعدًا للتضحية بنفسه من أجلها لو كان ذلك ممكنًا.
يقول:
لَوْ كَانَ هَذَا الدَّهْرُ يَقْبَلُ فِدْيَةً
بِالنَّفْسِ عَنْكِ لَكُنْتُ أَوَّلَ فَادِي
في نهاية القصيدة، يعبر الشاعر عن يأسه واستسلامه للقدر، مؤكدًا أن الصبر والتسليم هما السبيل الوحيد لمواجهة هذه الفاجعة.
يقول:
لَكِنَّهَا الأَقْدَارُ لَيْسَ بِنَاجِعٍ
فِيهَا سِوَى التَّسْلِيمِ وَالإِخْلادِ
ويختتم القصيدة بوصف حالته بعد الفقد، وكيف أصبح عبرة لذوي الأسى والمصاب، يمشي في الحياة متخشعًا خائفًا.
يقول:
أَمْسَيْتُ بَعْدَكِ عِبْرَةً لِذَوِي الأَسَى
فِي يَوْمِ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَحِدَادِ
مُتَخَشِّعَاً أَمْشِي الضَّرَّاءَ كَأَنَّنِي
أَخْشَى الْفُجَاءَةَ مِنْ صِيَالِ أَعَادِي
دراسة قصيدة “كيف طوتك المنون يا ولدي”
في هذه القصيدة، يرثي البارودي ابنه، معبرًا عن حزنه العميق وألمه لفقد فلذة كبده. يستهل القصيدة بالتساؤل عن كيفية موت ابنه وكيف استطاع أن يواري جسده الثرى بيده.
يقول:
كَيْفَ طَوَتْكَ الْمَنُونُ يَا وَلَدِي
وَكَيْفَ أَوْدَعْتُكَ الثَّرَى بِيَدِي
ثم يعبر عن شدة حزنه وأساه، وكيف أن فقد ابنه قد أضعف قواه وحطم صبره. ويصف الليالي التي قضاها ساهرًا باكيًا على فراق ابنه.
يقول:
كَمْ لَيْلَةٍ فِيكَ لا صَبَاحَ لَهَا
سَهِرْتُهَا بَاكِياً بِلا مَدَدِ
ويستمر في التعبير عن حزنه وألمه، مؤكدًا أن العين لا تبلغ بالدمع رتبة الخلد، وأن قلبه يبكي على فراق ابنه. وفي نهاية القصيدة، يودع ابنه بسلام، مؤكدًا أن هذا الوداع ليس وداع قائل، بل وداع مضطهد.
يقول:
عَلَيْكَ مِنِّي السَّلامُ تَوْدِيعَ لا
قَالٍ وَلَكِنْ تَوْدِيعَ مُضْطَهَدِ
نظرة فاحصة على قصيدة “لا فارس اليوم يحمي السرح بالوادي”
يرثي البارودي في هذه القصيدة شخصية بارزة، يصفها بالشجاعة والكرم، ويعبر عن حزنه لفقد هذا الفارس الذي كان يحمي قومه ويدافع عنهم. يبدأ القصيدة بالتأكيد على أن لا فارس اليوم يحمي السرح بالوادي، وأن الردى قد طاح بشهاب الحرب والنادي.
يقول:
لا فَارِسَ الْيَوْمَ يَحْمِي السَّرْحَ بِالْوَادِي
طَاحَ الرَّدَى بِشِهَابِ الْحَرْبِ وَالنَّادِي
ويستمر في وصف محاسن الفقيد، وكيف كانت تهابه الأقران وتتقي بأسه الضراغمة العادية. ثم يعبر عن زهده في الدنيا بعد فقد هذا الشخص، مؤكدًا أن فرط الأسى قد جعله يزهد في الماء والزاد.
يقول:
هَانَتْ لِمَيْتَتِهِ الدُّنْيَا وَزَهَّدَنَا
فَرْطُ الأَسَى بَعْدَهُ فِي الْمَاءِ والزَّادِ
وفي نهاية القصيدة، يعبر عن وحدته وعزلته بعد فقد هذا الشخص، مؤكدًا أنه يعيش فردًا بين الأنداد. ويختتم القصيدة بذكر فضل أبيه عليه، وكيف كان قدوة له في الكرم والشجاعة.
يقول:
تَبِعْتُ نَهْجَ أَبِي فَضْلاً وَمَحْمِيَةً
حَتَّى بَرَعْتُ وَكَانَ الْفَضْلُ لِلْبَادِي
ويصف أباه بأنه كان وزرًا له يلجأ إليه إذا غاض المعين وجف الزرع بالوادي.
ويقول:
قَدْ كَانَ لِي وَزَراً آوِي إِلَيْهِ إِذَا
غَاضَ الْمَعِينُ وَجَفَّ الزَّرْعُ بِالْوَادِي
المصادر
- ديوان البارودي.