ملامح براعة التشبيه في الكلام العربي
يُعدّ التشبيه من أهمّ فنون البلاغة العربية، حيثُ يُبرز قدرة المتكلّم على الربط بين معانٍ مختلفة، وإظهار أوجه الشبه بينها. يتحقق ذلك من خلال إبراز صفة مشتركة بين شيئين، أو أكثر، باستخدام أداة ربط تُعرف بأداة التشبيه. ويتألف التشبيه من أربعة أركان أساسية: المشبه، والمشبه به، ووجه الشبه، وأداة التشبيه [١].
أنواع التشبيه وأمثلة مُتعددة
يُمكن تصنيف التشبيه إلى أنواع متعددة بناءً على وجود أو غياب أداة التشبيه ووجه الشبه. سنستعرض بعض هذه الأنواع مع أمثلة توضيحية:
التشبيه المرسل المُفصّل
في هذا النوع، يُذكر كلّ من أداة التشبيه ووجه الشبه بصورة واضحة. إليك بعض الأمثلة:
- سهيل كوجنة الحبيب في اللون وقلب المحب في الخفقان.
- أنتِ كالقمر في الحسن.
- كلام محمد كالشهد في الحلاوة.
- الناس كأسنان المشط في الاستواء.
- قلب ذلك الرجل كالحجارة قسوةً وصلابةً.
- جبين زيد كصفحة المرآة صفاءً وتلألؤاً.
- أقوال الملوك كالسيوف المواضي في القطع والبت في الأمور.
- زرتُ حديقة كأنها الفردوس في الجمال والبهاء.
التشبيه المرسل المُجمل
يُذكر هنا أداة التشبيه فقط، دون ذكر وجه الشبه صراحةً. ومن الأمثلة القرآنية والكلام الشعري:
- قال تعالى: (وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ)[٥]
- قال تعالى: (فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ)[٦]
- وكأن البنفسج الغض يحكي أثر اللطم في خدود الغيد.
- إذا ما الرعد زمجر خِلت أُسداً غضاباً في السحاب لها زئير.
- له هزة كهزة السيف إذا طرب، وجرأة كجرأة الليث إذا غضب.
- الحمية من الأنام، كالحمية من الطعام.
- الرجل ذو المروءة يكرم على غير مال كالأسد يهاب وإن كان رابضاً.
- كأنه النهار الزاهر والقمر الباهر الذي لا يخفى على كل ناظر.
التشبيه المؤكد المُفصّل
يُغفل هذا النوع أداة التشبيه، لكنّه يُحدد وجه الشبه بوضوح.
- أنت نجم في رفعة وضياء تجتليك العيون شرقاً وغرباً.
- بنت بالفضل والعلو فأصبحت سماء وأصبح الناس أرضاً.
- المال سيف نفعاً وضراً.
- رأي الحازم ميزان في الدقة.
- العالِم سراج أمته في الهداية وتبديد الظلام.
- الجواد في السرعة برق خاطف.
التشبيه المؤكد المُجمل (البليغ)
يُعتبر هذا النوع من أقوى أنواع التشبيه، حيثُ يُخفي كلّاً من الأداة ووجه الشبه، تاركاً للمتلقي استنتاجهما من السياق.
- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا)[١٠]
- قال تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا)[١١]
- يا بلادي وأنت نهلة ظمآن وشبابه على فم شاعري.
- إن هذا الشعر في الشعر ملك سار فهو الشمس والدنيا فلكي.
- ورفرف روح غريب الجمال بأجنحة من ضياء القمر.
- لبس المريض ثوب العافية.
- كان أخي شجراً لا يخلف ثمره، وبحراً لا يخاف كدره.
- اجعلني زماماً من أزِمَّتِك التي تجرُّ بها الأعداء.
أشكال أخرى من التشبيه
إلى جانب الأنواع السابقة، هناك أنواع أخرى من التشبيه تستحق الذكر:
التشبيه الضمني
يستخدم هذا النوع إيحاءً ضمنياً بدلاً من التصريح الصريح بالتشبيه.
- إن تظهر المصائب فضل الكريم، فالنار تزيد الذهب نقاء.
- إذا وعد الكريم ثم أعطى، فالبرق يعقبه المطر.
- لا تعجب للطيارة تحلق في الجو فالنسر مسكنه السماء.
التشبيه المقلوب
في هذا النوع، يُعكس ترتيب المشبه والمشبه به.
- كأن سواد الليل شعر فاحم.
- كأن النبل كلامه وكأن الوبل نواله.
- ركبنا قطاراً كأنه الجواد السباق.
التشبيه التمثيلي
يُستخدم هذا النوع في القرآن الكريم بكثرة، حيثُ يُشبه الشيء بمثالٍ يُوضح حقيقته.
- قال تعالى: (مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَّا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ۚ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ)[١٤]
- قال تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)[١٥]
جدول المحتويات
البند | الرابط |
---|---|
ملامح براعة التشبيه في الكلام العربي | ↑ |
أنواع التشبيه وأمثلة مُتعددة | ↑ |
التشبيه المرسل المُفصّل | ↑ |
التشبيه المرسل المُجمل | ↑ |
التشبيه المؤكد المُفصّل | ↑ |
التشبيه المؤكد المُجمل (البليغ) | ↑ |
أشكال أخرى من التشبيه | ↑ |
المراجع: [Insert References here, properly formatted with links if available]