فضل صيام يوم في سبيل الله

استكشاف عظيم فضل صيام يوم واحد في سبيل الله، وأثره في مضاعفة الأجر والتقرب إلى الله تعالى، مع ذكر الأحاديث النبوية الشريفة المتعلقة بالموضوع.

مقدمة حول أهمية الصيام

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة. الحمد لله الذي تفضل على عباده بالنعم، وجعل لهم سُبلًا للخير والتقرب إليه.

الصيام من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وله فضل عظيم وثواب جزيل. وقد حث الإسلام على الصيام ورغّب فيه، وجعل له مكانة خاصة في الدين.

توصية بتقوى الله عز وجل

أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، فهو السبيل إلى رضاه. إن من رحمته سبحانه أن يسر لنا سبل الخير، وحثنا عليها، وسهل لنا أسبابها. وأحذركم عباد الله من مخالفة أمره وعصيانه، فإن خير زاد يحمله المرء هو تقواه. قال تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى).

فلنجعل تقوى الله نصب أعيننا في كل ما نفعل ونقول، ولنسعَ جاهدين لنيل رضاه والفوز بجنته.

الخطبة الأولى: فضل الصيام في القرآن والسنة

أيها الأخوة المؤمنون، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).

وفي فضل الصيام، روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا، إلى سَبْع مِائَة ضِعْفٍ، قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إلَّا الصَّوْمَ؛ فإنَّه لي، وَأَنَا أَجْزِي به، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِن أَجْلِي. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلَخُلُوفُ فيه أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِن رِيحِ المِسْكِ).

يا إخوة الإسلام، الصيام عبادة عظيمة يحبها الله تعالى، يتقرب بها العبد إلى ربه طمعًا في رضاه ومغفرته. فالله سبحانه وتعالى يكافئ الصائمين على صبرهم وإخلاصهم، ويبعدهم عن النار بفضله وكرمه.

في هذا الحديث الشريف، يبين لنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله يضاعف الأجر على كل عمل صالح يقوم به الإنسان، فالحسنة بعشرة أمثالها وقد تصل إلى سبعمئة ضعف. إلا أن الصوم له مكانة خاصة، فثوابه لا يقدره إلا الله، وهو سر بين العبد وربه. فالصائم يترك شهواته وطعامه وشرابه من أجل الله، فيجازيه الله خير الجزاء.

إن الله تعالى هو الذي تكفل بأجر الصائمين، وهذا يدل على عظم هذا الأجر والثواب. فالصائم يترك ما أباحه الله له طاعة لله وطمعا في رضاه.

فعليكم بالصيام لله تقرباً له واغتناماً لهذا الفعل العظيم الذي تولى الله تعالى جزاؤه بنفسه، وبارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعنا بما فيه من الآيات والبيان، أقول هذا القولَ، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية: باب الريان وأجر الصائمين

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه. وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

عباد الله، يجب علينا أن نسعى لنيل الأجر العظيم الذي أعده الله للصائمين. فقد خص الله تعالى الصائمين بباب في الجنة يسمى “باب الريان”، لا يدخله إلا الصائمون. فعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ منه أحَدٌ).

فاستغلوا شهر رمضان وغيره من أيام الصيام في التقرب إلى الله، واجتهدوا في الطاعات والقربات، لعلكم تفوزون برضا الله وجنته.

عبادَ الله،(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

الدعاء

اللهم اكتب لنا أجر الصائمين وتقبل منا صيامنا واكتب لنا أجره كاملاً غير منقوص.

اللهم أعنا على الصيام والقيام وغض البصر وحفظ اللسان.

اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله، إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكّرون، وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:5927 ، صحيح.
  2. سورة آل عمران ، آية:133
  3. سورة الأحزاب ، آية:35
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2840، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1151، صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:1896، صحيح.
  7. سورة الأحزاب، آية:56
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

رمضان: شهر القرآن الكريم

المقال التالي

موعظة بعنوان: جزاء الإحسان عائد على صاحبه

مقالات مشابهة

فضل الأم: ركن أساسي في المجتمع

تُعدّ الأم ركناً أساسياً في المجتمع، ولهذا السبب تمّ تكريمها في جميع الثقافات، وخاصة في الإسلام، الذي قدّر دورها ودعا إلى احترامها وتقديرها. في هذه المقالة، سنتعرف على أهمية الأم، ومكانتها في الإسلام، ودورها في المجتمع، وحقوقها على أبنائها.
إقرأ المزيد