جدول المحتويات
وجوب قضاء الصيام على المرأة
لقد فرض الله سبحانه وتعالى على المرأة التي أفطرت في شهر رمضان المبارك بسبب الحيض أو النفاس، أن تقوم بقضاء تلك الأيام بعد انتهاء شهر رمضان. فالصيام هو حق واجب لله عز وجل، ولا يسقط عن المرأة إلا في حالة العجز التام عن أدائه. وبناء على ذلك، فإنه يحرم على المرأة تأخير قضاء الصيام، ما دامت قادرة على الصيام.
واجبات الإفطار خلال الحيض في رمضان
إذا اضطرت المرأة للإفطار في شهر رمضان الفضيل بسبب الحيض، فإنه يترتب عليها واجبان أساسيان، وهما:
- قضاء أيام شهر رمضان المبارك بعد انقضائه.
- المبادرة والتعجيل في قضاء هذه الأيام قبل حلول شهر رمضان التالي.
هذان الأمران مستنبطان من قول السيدة عائشة رضي الله عنها:
“كانَ يَكونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِن رَمَضَانَ، فَما أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إلَّا في شَعْبَانَ، الشُّغْلُ مِن رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-، أَوْ برَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-“.[3][4]
أحكام تراكم أيام القضاء لسنوات متتالية
قبل الخوض في الأحكام المتعلقة بتراكم أيام القضاء لعدة سنوات، يجب أولاً توضيح حكم تأخير قضاء رمضان حتى دخول رمضان التالي، وذلك وفقًا لآراء أهل العلم. وقد اختلفت وجهات نظرهم في هذه المسألة، وفيما يلي توضيح لذلك:
الرأي الأول
يرى فقهاء الحنفية جواز تأخير قضاء رمضان حتى حلول رمضان التالي، مستندين في ذلك إلى قول الله تعالى:
“فَعِدَّة مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ”.[6]
ووجه الدلالة هنا هو أن الله عز وجل أمر بالقضاء بشكل عام دون تحديد لأيام معينة، مع التأكيد على استحباب المبادرة في القضاء.
الرأي الثاني
ذهب فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة إلى عدم جواز تأخير قضاء رمضان حتى دخول رمضان الذي يليه، مستدلين بحديث السيدة عائشة رضي الله عنها:
“كانَ يَكونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِن رَمَضَانَ، فَما أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إلَّا في شَعْبَانَ، الشُّغْلُ مِن رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-، أَوْ برَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-“.[3]
بناءً على ذلك، يمكن القول إن المرأة التي تراكمت عليها أيام القضاء بسبب الحيض لعدة سنوات، لا يلزمها إلا القضاء عند الحنفية. أما عند جمهور العلماء، فإنه يلزمها دفع فدية لتأخير القضاء بالإضافة إلى قضاء هذه الأيام.
ويستدلون على ذلك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي أفطر بسبب المرض ثم شفي ولم يقض حتى أدركه رمضان التالي:
“يصومُ الذي أدركَ، ثم يصومُ الشهرَ الذي أفطرَ فيهِ، ويُطْعِمُ مكانَ كلِّ يومٍ مسكيناً.”.[8]
وقد ذهب الشافعية في أصح أقوالهم إلى أن الفدية تتكرر بتكرر سنوات التأخير؛ لأن الحقوق المالية لا تتداخل. وفي قول آخر لهم، يرون عدم تكرارها. وهذا التعدد في الآراء يعتمد على ما إذا كانت المرأة قد أخرجت الفدية أم لا. فإذا أخرجت الفدية ثم لم تصم حتى دخل عليها رمضان آخر، وجب عليها إخراج الفدية مرة أخرى.
المراجع
- محمد بن إبراهيم التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة 1)، صفحة 183، جزء 3. بتصرّف.
- “تأخرت في قضاء ما عليها من صيام رمضان”، دار الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 16/12/2021. بتصرّف.
- أخرجه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1146، صحيح .
- موافقي الأمين، الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف، صفحة 576.
- مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 2)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 10-11، جزء 10. بتصرّف.
- سورة البقرة، آية:184
- مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 2)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 10، جزء 10. بتصرّف.
- رواه ابن الملقن، في البدر المنير، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:733/5، إسناده صحيح.