مقدمة عن العمود الفقري
العمود الفقري السليم يتميز بتركيبة متوازنة تمنحه مرونة عالية وقدرة فائقة على تحمل وزن الجسم. عند النظر إليه من الجانب، يمكن ملاحظة ثلاثة انحناءات طبيعية تعمل بتناغم لربط مركز ثقل الجسم بالوركين والحوض. يوجد انحناء في الجزء السفلي عند الفقرات القطنية يتجه للداخل، وانحناء آخر في منتصف الظهر بمنطقة الصدر يتجه للخارج، بينما يقع الانحناء الثالث في الجزء العلوي بمنطقة الرقبة ويتجه للداخل. وعند النظر إلى العمود الفقري من الخلف، يظهر مستقيماً في الوضع الطبيعي. أي خلل في هذه الانحناءات الطبيعية يؤدي إلى ظهور عيوب في العمود الفقري.
نظرة عامة على عيوب العمود الفقري
عيوب العمود الفقري هي حالات تؤثر على شكل وانحناء العمود الفقري الطبيعي. هذه الحالات يمكن أن تكون خلقية (موجودة عند الولادة) أو مكتسبة نتيجة عوامل مختلفة. من بين هذه العيوب:
- الحداب (Kyphosis)
- متلازمة الظهر المسطح (Flatback Syndrome)
- متلازمة تدلي الرأس (Dropped Head Syndrome)
- القعس (Lordosis)
- الجنف (Scoliosis)
الحداب أو تقوس الظهر
يُعرف الحداب، أحيانًا، بتقوس الظهر أو تحدب الظهر، وهو عبارة عن اضطراب في العمود الفقري ناتج عن زيادة في الانحناء الخارجي للجزء العلوي من الظهر. يمكن أن يحدث الحداب في أي عمر، ولكنه أكثر شيوعًا خلال فترة المراهقة، وهي الفترة التي تتميز بنمو العظام السريع. تجدر الإشارة إلى أن منطقة الصدر في العمود الفقري تحتوي على حداب طبيعي يتراوح بين 20 و 45 درجة، ولكن الحداب المرضي يزيد من درجة هذا الانحناء لتتجاوز 50 درجة. تعتمد شدة الأعراض على درجة الانحناء؛ فكلما زاد الانحناء، زادت شدة الأعراض. وتشمل هذه الأعراض ألمًا خفيفًا في الظهر، وتغيرًا في شكل الظهر بحيث يبدو محدبًا، والإرهاق، وتصلب العمود الفقري، وضيق في أوتار الركبة. في حالات نادرة، قد يعاني المريض من ضعف أو تنميل أو وخز في الساقين، أو فقدان الإحساس، أو صعوبة في التنفس. يمكن تقسيم الحداب إلى عدة أنواع:
- الحداب الوضعي: وهو الأكثر شيوعًا، خاصة بين المراهقين، ويصيب الإناث بنسبة أكبر من الذكور. نادرًا ما يسبب الألم، ولا يتفاقم مع التقدم في العمر، ولا يرتبط بتشوهات هيكلية خطيرة في العمود الفقري. غالبًا ما يمكن للمريض تصحيحه عند الطلب منه الوقوف باستقامة.
- حداب شيرمان: يحدث نتيجة لتغير شكل الفقرات من مستطيلة إلى مثلثة، مما يسبب انحناء الجزء العلوي من الظهر إلى الأمام بشكل مفرط. يؤثر في الذكور أكثر من الإناث خلال فترة المراهقة. يتميز بعدم قدرة المريض على تصحيح الانحناء عند الطلب منه الوقوف باستقامة، ويسبب ألمًا في الجزء العلوي من الانحناء وفي أسفل الظهر، ويزداد الألم عند الوقوف أو الجلوس لفترات طويلة.
- الحداب الخلقي: يحدث نتيجة لفشل العمود الفقري في النمو بشكل طبيعي أثناء وجود الجنين في الرحم. تتفاقم الأعراض مع تقدم الطفل في العمر. يعاني هؤلاء المرضى من عيوب خلقية أخرى تؤثر في أجزاء أخرى من الجسم مثل القلب والكليتين. الجراحة هي الخيار الأول لعلاج الحداب الخلقي لمنع زيادة الانحناء مع التقدم في العمر.
متلازمة الظهر المستقيم
تحدث متلازمة الظهر المستقيم عندما يفقد الجزء السفلي من العمود الفقري جزءًا من انحنائه الطبيعي. تسبب هذه المتلازمة صعوبة في الوقوف بشكل مستقيم، بالإضافة إلى ألم مزمن وصعوبة في أداء المهام اليومية. يضطر الشخص المصاب إلى شد عضلات الظهر وثني الوركين والركبتين للوقوف بشكل مستقيم، مما يؤدي مع مرور الوقت إلى ألم شديد. تحدث هذه المتلازمة نتيجة لأسباب مختلفة، منها مرض القرص التنكسي، والكسور الانضغاطية، والتهاب الفقار اللاصق، ويمكن أن تحدث بعد الخضوع لعملية جراحية مثل استئصال الصفيحة الفقرية أو دمج الفقرات القطنية. تشمل خيارات العلاج العلاج الفيزيائي، وتمارين طريقة المشي والوقوف، ومسكنات الألم، بالإضافة إلى العلاج الجراحي في حالة عدم نجاح العلاجات الأخرى.
متلازمة سقوط الرأس
تعتبر متلازمة سقوط الرأس حالة طبية نادرة تحدث نتيجة لحداب شديد في منطقة العمود الفقري العنقي الصدري. ترتبط هذه الحالة بالعديد من الأمراض العصبية مثل مرض باركنسون، وخلل التوتر العنقي، والاعتلال النخاعي العنقي، وخلل الحركة المتأخر، والأمراض العضلية مثل التهاب العضلات وغيرها من الأمراض. تسبب هذه المتلازمة محدودية في أنشطة الحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية في حياة المريض، وتحتاج في كثير من الأحيان إلى العلاج الجراحي.
القَعَس أو الظهر المُقَعَّر
يحدث القعس أو ما يعرف باسم الظهر السرجي بسبب الانحناء الزائد إلى الداخل في الجزء السفلي أو العلوي من الظهر. الأعراض الأكثر شيوعًا هي ألم العضلات الذي يمكن أن يمتد إلى الرقبة والكتفين وأعلى الظهر، بالإضافة إلى محدودية حركة الرقبة أو أسفل الظهر. من الأعراض الأخرى الخدران، والتنميل، وعدم القدرة على التحكم في المثانة، والضعف، وعدم السيطرة على العضلات. من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث القعس انزلاق الفقار، والودانة التي تعد أحد أنواع التقزم، وهشاشة العظام، والساركوما العظمية، والسمنة. يمكن علاجه عن طريق مسكنات الألم، والمكملات الغذائية مثل فيتامين د، والعلاج الطبيعي لتقوية العضلات وتوسيع نطاق الحركة، وتقليل الوزن، والحمالات، والجراحة في الحالات الشديدة.
الجنف أو انحراف العمود الفقري الجانبي
يحدث الجنف عند تقوس العمود الفقري جانباً خلال فترة النمو وقبل البلوغ مباشرة. يؤثر في الذكور والإناث بنسب متساوية تقريباً، إلا أن الإناث أكثر عرضة لتفاقم الانحناء وازدياد الأعراض سوءًا، مما يتطلب العلاج بشكل أكبر من الذكور. معظم الحالات بسيطة، ولكن بعضها يمكن أن يسبب تشوهات في العمود الفقري تتفاقم مع نمو الطفل. من الأعراض عدم تناسق الأكتاف والخصر، وعدم انتظام مستوى الكتفين (أحدهما يبرز بشكل أكبر من الآخر)، وارتفاع أحد الوركين بشكل أكبر من الآخر. تحدث معظم الحالات دون معرفة السبب الدقيق، ولكن بعضها يحدث بسبب الشلل الدماغي، أو عسر النمو العضلي، أو إصابات العمود الفقري، أو العيوب الخلقية. من مضاعفات هذا التشوه تلف القلب والرئتين، وصعوبة التنفس وضخ الدم بسبب ضغط القفص الصدري الواقع على القلب والرئتين، بالإضافة إلى المعاناة من آلام الظهر المزمنة.
المراجع
- “Spinal Deformities”, www.columbiaspine.org
- “Kyphosis (Roundback) of the Spine”, www.orthoinfo.aaos.org
- “Flatback Syndrome”, www.columbiaspine.org
- “Dropped head syndrome: diagnosis and management”, www.ncbi.nlm.nih.gov
- “What Causes Lordosis?”, www.healthline.com
- “Scoliosis”, www.mayoclinic.org