عذاب قوم عاد: درسٌ في الطغيان والتكبر

. قوم عاد . عذاب قوم عاد . دروس وعِبَر من قصّة قوم عاد . المراجع قوم عاد يُعدّ قوم عاد من العرب العاربة، وقد كانوا في زمانهم أقوى الأُمَم وأعظمها، ممّا

جدول المحتويات

قوم عاد: قوةٌ وتكبرٌ

كان قوم عاد من العرب العاربة، يُعتبرون من أقوى الأمم وأعظمها في زمانهم، مما دفعهم نحو الطغيان والتجبّر وعبادة الأصنام. قال الله في بيان ذلك:

(فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً)،[١]

يُنسبون إلى عاد بن إرَم بن عوص بن سام بن نوح عليه السلام، وكانوا أول من عبد الأصنام بعد دعوة نوح عليه السلام. كانوا يسكنون مدينةً تُسمّى إرَم،[٢][٣] وقد ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم:

(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ*إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ*الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ).[٤]

كان قوم عاد على درجة عالية من الرقيّ في العمران والبناء، فبيوتهم ومساكنهم كانت في غاية الروعة والإبداع والجمال، أراضيهم جناتٍ خضراء ترعى فيها المواشي وتزيد، ممّا أدى إلى غنى وفير وزيادة في عدد الأبناء. قال تعالى:

(أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ*وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)،[٥]

لكن مع كل هذه النعم، أصبحوا منغمسين في الترف والانشغال بالدنيا، فبَنَوا بيوتهم وأبراجهم دون الحاجة إليها، بل من أجل التفاخر والتطاول، وأكثروا من بناء البروج الشاهقة لإبراز قوتهم وقدرتهم، فأشركوا بالله عبادة الأصنام، واستبدلوا العدل بالظلم والبطش.

عذابٌ عنيفٌ على من كذبوا

أرسل الله تعالى إليهم نبيهم هوداً عليه السلام ليدعوهم إلى التوحيد، وترك عبادة الأصنام، وليذكّرهم بنعم الله وإحسانه، ويحثّهم على الاستغفار والتوبة. لكنهم كذّبوه وسخروا منه، واختاروا طريق الهوى والعناد والتكذيب برسل الله وآياته.

لما كذّب قوم عاد رسولهم وسخروا منه ورفضوا الخضوع للإله، شاء الله أن ينزل عليهم العذاب. فكان عذابهم كما أخبر القرآن بالريح التي أرسلها الله عز وجل عليهم.

أمسك الله المطر عنهم فترة من الوقت حتى أجدبت أرضهم وصاروا ينتظرون المطر ويرقّبونه. حينها ساق الله إليهم سحابةً أخذت بالاقتراب منهم. فلما رأوها ظنّوا أنّ المطر قد أقبل، وفرحوا واستبشروا حتّى إنّهم قالوا:(هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا)،[٧]

لكن الله تعالى وضّح أن تلك السحابة لم تكن مطراً كما ظنّوا بل عذاباً من عنده، ذلك ما قال تعالى:(بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ). [٨][٩]

ونزلت بهم تلك الريح فعلاً، فسلّطها الله عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيامٍ حسوماً، فلم تنقطع عنهم لحظةً أبداً، وكانت كلها ريحاً عقيماً ليس فيها شيء من الخير أو البركة، فلم تلقّح الشجر ولم تحمل أيّ مطر، بل كانت شديدة البرودة، وكان صوتها مفزعاً مرعباً. وقد وصفها الله تعالى قائلاً:( تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا)،[١٠] ووصفها أيضاً بقوله:(مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيم)،[١١]

كانت نتائج هذه الريح وتلك العذاب شديدةً وخيمةً على قوم عاد؛ حيث أهلكت كلّ شيء، وكانت تحمل الرجل منهم عالياً ثم تُنكِّسه على رأسه فينقطع عن جسده، حتّى أصبحوا كما وصفم الله تعالى:(فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ)،[١٢] وهكذا بادوا وقُتِلوا جميعاً، فلم يبقَ منهم أحد، وأصبحت مساكنهم خاويةً، لا يُرى من أثرهم غيرها، قال تعالى:(فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ)،[١٣] ثمّ أُتبِعوا في الدني عنةً وفي الآخرة لعنةً، وكانوا عبرةً لمن يعتبر بعدهم. [٩]

دروسٌ وعِبَرٌ من قصّة قوم عاد

في قصّة قوم عاد ورسولهم هود عليه السلام عبر ودروس عظيمة، منها:

  • ضرورة التوكل على الله عز وجل والالتجاء إليه، فذلك ما فعله نبي الله هود عليه السلام عندما رأى من قومه تكذيبهم ومعاداتهم له، ففوّض أمره إلى الله عز وجل، وطلب منه النصر والعون والتأييد.
  • لا يهمل الله الظالمين أبداً، بل إنّه يستدرجهم ويمهلهم ويظلّ لهم بالمرصاد إلى أن يأخذهم فيهلكهم.
  • قد يتأخر نصر الله تبارك وتعالى وتأييدهللمؤمنينالصالحين، لكنّ ذلك لا يكون إلا لحكمة أرادها سبحانه، ومن ثمّ يأتي نصره في الوقت المناسب.
  • النصر لا يأتي إلا مع الصبر والتأنّي، ولا بُدّ من عُسر يسبق اليسر، وإذا شاء الله تعالى أن يبزغالفجرويلوح لعباده المؤمنين فإنه يسبق ذلك بكرب شديد يلجؤون فيه إليه سبحانه.
  • طلب النصر والعون من الله تعالى هو نهج المرسلين عليهم السلام، فهد عليه السلام عندما كذبه قومه طلب النصر من الله تعالى، فقال كما جاء في القرآن الكريم:(رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ).[١٤]
  • التوبة إلى الله تعالى واستغفاره عمّا اقترف الإنسان من آثام سبب في حصول الأمن والرخاء له، قال هود عليه السلام لقومه كما جاء في القرآن الكريم:(وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ).[١٥]
  • قوّة الإنسان وجبروته وطغيانه مهما علا وازداد، لا يمكنه أن يردّ أو يمنع عذاب الله.

المراجع

  1. سورة فصلت، آية: 15.
  2. “خبر قوم عاد وثمود”، www.fatwa.islamweb.net، 2005-3-23، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-29. بتصرّف.
  3. أبفهد بن عبد الله الصالح (2017-12-20)،”قصة هود عليه السلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-29. بتصرّف.
  4. سورة الفجر، آية: 6-8.
  5. سورة الشعراء ، آية: 133-134.
  6. سورة هود، آية: 59.
  7. سورة الأحقاف، آية: 24.
  8. سورة الأحقاف، آية: 24.
  9. أبتأ. عبد العزيز بن أحمد الغامدي (2017-5-27)،”قصة عاد في القرآن”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-29. بتصرّف.
  10. سورة الأحقاف، آية: 25.
  11. سورة الذاريات، آية: 42.
  12. سورة الحاقة، آية: 7.
  13. سورة الأحقاف، آية: 25.
  14. سورة المؤمنون، آية: 26.
  15. سورة هود، آية: 52.
Total
0
Shares
المقال السابق

كيف شبه الرسول قرب الجنة والنار من الإنسان؟

المقال التالي

فضل الله بعضهم على بعض

مقالات مشابهة