طرق فحص الكبد الدهني

طرق فحص الكبد الدهني: يشمل التاريخ المرضي، الفحص السريري، تحاليل الدم المتنوعة (إنزيمات الكبد، وظائف الكبد، تعداد الدم الكامل)، وفحوصات التصوير المختلفة.

مقدمة

تشخيص مرض الكبد الدهني ليس بالأمر اليسير دائمًا، وذلك لأنه غالبًا ما يكون المرض صامتًا، خاصة في المراحل الأولية. في معظم الحالات، لا تظهر أية أعراض واضحة، خاصة في حالات الكبد الدهني غير الكحولي الخفيفة. غالبًا ما يتم اكتشاف المرض مصادفة أثناء إجراء فحوصات لأسباب أخرى. هناك ثلاث طرق رئيسية لكشف الإصابة بالكبد الدهني:

  • ملاحظة زيادة طفيفة في حجم الكبد أثناء الفحص السريري، مما يستدعي إجراء فحوصات إضافية.
  • اكتشاف ارتفاع في إنزيمات الكبد خلال الفحوصات الروتينية، مما يؤدي إلى إجراء فحص بالموجات فوق الصوتية للكبد، والذي يكشف عن وجود ترسبات دهنية.
  • اكتشاف الكبد الدهني بشكل غير متوقع أثناء إجراء فحوصات تصويرية لأسباب أخرى، مثل التصوير المقطعي المحوري أو الموجات فوق الصوتية.

السجل الصحي والفحص الجسماني

يبدأ تقييم حالة الكبد الدهني عادةً بجمع معلومات شاملة عن التاريخ الطبي للمريض وإجراء فحص بدني دقيق. يهدف ذلك إلى تحديد العوامل المحتملة التي تساهم في تطور المرض. تشمل العناصر الأساسية التي يتم التركيز عليها ما يلي:

  • المشاكل الصحية السابقة والحالية: من المهم تحديد الأمراض التي يعاني منها المريض، أو عانى منها في الماضي، والتي تزيد من خطر الإصابة بالكبد الدهني. من بين هذه الحالات:
    • زيادة الوزن والسمنة المفرطة.
    • مقاومة الإنسولين.
    • ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية والكولسترول في الدم.
    • المتلازمة الأيضية.
    • داء السكري من النوع الثاني.
    • التهابات الكبد الفيروسية (التهاب الكبد الوبائي A، B، C).
  • نمط الحياة: تقييم النظام الغذائي وعادات المريض اليومية أمر ضروري، حيث أن بعض العوامل تزيد من خطر الإصابة بالكبد الدهني غير الكحولي، مثل قلة النشاط البدني، واستهلاك المشروبات السكرية، والأطعمة الغنية بالسكريات والنشويات.
  • استهلاك الكحول: سؤال المريض عن كمية الكحول التي يستهلكها يساعد على تحديد ما إذا كان الكبد الدهني ناتجًا عن مرض الكبد الكحولي أو غير الكحولي.
  • الأدوية: من الضروري معرفة جميع الأدوية التي يتناولها المريض، سواء كانت بوصفة طبية أو بدونها، لأن بعض الأدوية يمكن أن تؤثر على الكبد.
  • التطعيمات: يجب السؤال عن التطعيمات التي تلقاها المريض، خاصة تلك الخاصة بالتهابات الكبد الفيروسية.
  • الفحص الجسدي: يقوم الطبيب بحساب مؤشر كتلة الجسم (BMI) لتقييم الوزن، بالإضافة إلى البحث عن علامات تدل على مقاومة الإنسولين، مثل ظهور بقع داكنة على الجلد في مناطق معينة من الجسم. كما يتم فحص الكبد باللمس لتقييم حجمه. في الحالات المتقدمة، قد تظهر أعراض أخرى مثل اليرقان، وتضخم الطحال، وظهور أوعية دموية على شكل شبكة عنكبوتية على الجلد، وهزال العضلات، وترقق الشعر.

اختبارات الدم

هناك العديد من اختبارات الدم التي تستخدم لتحديد وجود دهون في الكبد. ومن أهم هذه الاختبارات:

إنزيمات الكبد واختبارات وظائف الكبد

للكبد وظائف حيوية عديدة، بما في ذلك إنتاج الإنزيمات والبروتينات الضرورية لوظائف الجسم المختلفة. عندما يتضرر الكبد، تتسرب هذه الإنزيمات إلى الدم، وينخفض إنتاج البروتينات. لذلك، يمكن تقييم وظائف الكبد عن طريق قياس مستويات هذه الإنزيمات والبروتينات في الدم.

عادةً ما يتم اكتشاف مشاكل الكبد عند ملاحظة ارتفاع في إنزيمات الكبد، مثل ناقلة أمين الألانين (ALT) وناقلة أمين الأسبارتات (AST). ارتفاع هذه الإنزيمات يشير إلى التهاب أو تلف في خلايا الكبد. يعتبر الكبد الدهني من الأسباب الشائعة لهذا الارتفاع، ولكن هناك أسباب أخرى محتملة. لذلك، يساعد الحصول على التاريخ الطبي للمريض والفحص السريري في تحديد السبب الدقيق لارتفاع إنزيمات الكبد.

قد يطلب الطبيب إجراء المزيد من تحاليل الدم لتحديد ما إذا كان المريض يعاني من حالات صحية أخرى قد تساهم في ارتفاع مستويات إنزيمات الكبد. يتم أخذ عينة من الدم وإجراء الفحوصات اللازمة لتقييم أمراض الكبد ومتابعتها. يمكن إجراء عدة فحوصات على عينة الدم الواحدة في نفس الوقت. من بين هذه الفحوصات:

  • ناقلة أمين الألانين (ALT): يوجد هذا الإنزيم بشكل أساسي في الكبد، ويعتبر قياسه أفضل اختبار للكشف عن التهاب الكبد.
  • ناقلة أمين الأسبارتات (AST): يوجد هذا الإنزيم في الكبد والقلب وبعض العضلات الأخرى.
  • البيليروبين الكلي: يقيس مستوى جميع جزيئات صبغة البيليروبين الصفراء في الدم.
  • البيليروبين المقترن: يقيس مستوى جزيئات البيليروبين التي يتم تصنيعها في الكبد فقط. غالبًا ما يتم إجراء هذا الفحص بالإضافة إلى فحص البيليروبين الكلي للرضع المصابين باليرقان.
  • الفوسفاتاز القلوي: يرتفع مستوى هذا الإنزيم في حالة انسداد القنوات الصفراوية داخل أو خارج الكبد.
  • الألبومين: هو البروتين الرئيسي الذي يصنعه الكبد، وقياسه يعطي دلالة على كفاءة تصنيع الكبد له.
  • البروتين الكلي: يشمل هذا الفحص قياس الألبومين وجميع البروتينات الأخرى الموجودة في الدم، بما في ذلك الأجسام المضادة التي تساعد على محاربة العدوى.

هناك فحوصات أخرى يمكن إجراؤها لتقييم وظائف الكبد مثل ناقلة الببتيد غاما غلوتاميل وزمن البروثرومبين وبعض تحاليل البول التي تجرى أحيانًا.

تعداد الدم الشامل

يتم إجراء فحص تعداد الدم الشامل (CBC) لقياس مستوى جميع مكونات الدم، بما في ذلك خلايا الدم الحمراء وخلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية. يمكن أن يشير وجود أي مشكلة في نتائج هذا الفحص إلى وجود عدوى أو مرض، وقد يكون أيضًا علامة على وجود مشاكل في الطحال. يتأثر الطحال بالأمراض التي تصيب الكبد. انخفاض عدد الصفائح الدموية أمر شائع في الحالات المتقدمة من تليف الكبد، وقد يعني في أحيان أخرى تضخم الطحال وامتصاصه للصفائح الدموية.

تحاليل دم إضافية

تشمل تحاليل الدم الأخرى التي قد تُطلب في حال وجود دهون على الكبد ما يلي:

  • فحص حساسية القمح: ربطت العديد من الدراسات بين مرض الكبد الدهني ومرض حساسية القمح. يعتبر مرض حساسية القمح أحد أمراض المناعة الذاتية، حيث يُظهر جهاز المناعة رد فعل غير مناسب تجاه بروتين الغلوتين الموجود في القمح والشعير. يمكن استخدام فحوصات الأجسام المضادة لمرض حساسية القمح في المساعدة على تشخيص المرض ومتابعته، حيث تكشف هذه الفحوصات عن الأجسام المضادة التي تُهاجم الجسم عن طريق الخطأ، والتي ينتجها الجسم كجزء من استجابته المناعية.
  • فحص السكري: وجد أن مرض الكبد الدهني غير الكحولي يرتبط بمرض السكري، فهو يزيد من تجمع الدهون في الكبد، بمعنى أن خطر الإصابة بمرض الكبد الدهني غير الكحولي يزداد بمجرد أن الشخص يعاني من مرض السكري. من فحوصات مرض السكري:
    • اختبار خضاب الدم السكري (A1c): يتم قياس كمية السكر المرتبط بالهيموجلوبين (الخضاب) خلال الأشهر الثلاثة السابقة. القراءات المرتفعة تدل على الإصابة بمرض السكري، وقد يرتبط ذلك بدهون الكبد.
    • قياس السكر الصيامي: يتم قياس مستوى سكر الجلوكوز في الدم بعد الصيام. تدل القراءات المرتفعة على مرض السكري ومقاومة الإنسولين.
  • فحص الدهنيات: ترتفع مستويات الكولسترول والدهون الثلاثية لدى المصابين بمرض الكبد الدهني غير الكحولي والتهاب الكبد الدهني غير الكحولي. يستخدم فحص الدهنيات لتشخيص الأمراض المتعلقة بالدهون عن طريق إجراء تحليل دم بسيط، ويعطي نتائج متعلقة بالكولسترول الكلي، والبروتين الدهني مرتفع الكثافة (الكولسترول الجيد)، والبروتين الدهني منخفض الكثافة (الكولسترول الضار)، والدهون الثلاثية.

التصوير الطبي

توجد العديد من فحوصات التصوير التي تُجرى على الكبد بطلب من الطبيب لتشخيص مرض الكبد الدهني. على سبيل المثال، يتم تشخيص مرض الكبد الدهني غير الكحولي غالبًا باستخدام تصوير الكبد بالموجات فوق الصوتية، والتي تُظهر تراكم الدهون فيه. وفيما يأتي فحوصات التصوير المستخدمة في تشخيص الكبد الدهني عامةً:

  • تخطيط الصدى البطني (الموجات فوق الصوتية): يستخدم الأمواج الصوتية لتكوين صور تساعد على تقييم حجم الكبد وشكله، بالإضافة إلى توضيح كيفية تدفق الدم عبره. يظهر الكبد الدهني بشكل أكثر سطوعًا مقارنة بالكبد الطبيعي، كما يظهر تليف الكبد في مراحله الأخيرة (التشمع) بشكل متكتل ومنكمش.
  • الأشعة المقطعية: تستخدم معدات الأشعة السينية بالإضافة إلى أجهزة حاسوب متطورة لتكوين صور متعددة تعكس ما في داخل الجسم. يتم استخدامها لتصوير البطن والحوض، ويظهر الكبد الدهني بمظهر أغمق مقارنة بالكبد السليم، بينما يظهر تليف الكبد في مراحله الأخيرة بشكل متكتل ومنكمش.
  • التصوير بالرنين المغناطيسي: يعتبر أكثر أنواع التصوير حساسية للكبد الدهني وأكثرها دقة حتى في حالات التنكس الدهني الخفيفة. يُستخدم مجال مغناطيسي بالإضافة إلى موجات الراديو لتكوين صور مفصلة للكبد. يمكن إضافة تقنيات خاصة تسمح بحساب نسبة الدهون في الكبد، حيث تُعد النسبة التي تزيد عن 5-6% غير طبيعية.
  • التصوير الإلستوجرافي بالموجات فوق الصوتية: تقنية تستخدم الموجات فوق الصوتية لفحص تليف الكبد، ويتم فيها قياس حركة الكبد من منتصفه والتي تحدث نتيجة فعل الموجات فوق الصوتية، بالإضافة إلى حساب نسبة تصلبه أو مرونته، حيث يتميز الكبد المتليف بصلابته واستجابته للحركة بشكل أكبر من الكبد السليم.
  • التصوير الإلستوجرافي بالرنين المغناطيسي: تقنية يُستخدم فيها التصوير بالرنين المغناطيسي لفحص تليف الكبد، حيث يتم تصوير حركة موجات الاهتزازات الناعمة في الكبد، ومن ثم تكوين خريطة بصرية له، والتي تُظهر مرونة الكبد أو صلابته. يمتاز بقدرته على الكشف عن تصلب الكبد وتليفه في مراحل مبكرة مقارنة بطرق التصوير الأخرى، وبالتالي يمكن بمساعدته الاستغناء عن أخذ خزعة الكبد المؤلمة.

خزعة الكبد

يُنصح باتخاذ إجراء طبي لأخذ عينة من نسيج الكبد في حال كانت نتائج الاختبارات الأخرى غير حاسمة بالشكل الكافي. يتم هذا الإجراء عن طريق إدخال إبرة عبر جدار البطن لتصل إلى داخل الكبد، ويُعرف هذا الإجراء بخزعة الكبد. يتم فحص العينة في المختبر فيما بعد لإيجاد أي علامات تدل على الالتهاب والتندب. تُظهر خزعة الكبد معلومات أساسية تتعلق بدرجة التندب الحاصل في الكبد والتي لا يمكن الحصول عليها باستخدام الفحوصات الأخرى بمفردها مثل: تحاليل الدم، والموجات فوق الصوتية، والأشعة السينية.

الاستعداد لأخذ خزعة من الكبد

تُجرى خزعة الكبد داخل المستشفى أو في العيادات الخارجية، ويُطلب من المريض الالتزام بمجموعة من التعليمات تجهيزًا لها مثل: إيقاف استخدام بعض الأدوية، وعدم تناول الأطعمة والمشروبات لمدة لا تقل عن ثماني ساعات قبل موعد الخزعة. أثناء الإجراء، قد يُعطى المريض مجموعة من الأدوية مثل: المخدر الموضعي، والمهدئات، وأدوية مسكنة للألم. يتم تخدير المنطقة وإدخال إبرة الخزعة ليأخذ عينة صغيرة من نسيج الكبد. لا ينصح الأطباء بإجراء خزعة الكبد لجميع المصابين بمرض الكبد الدهني غير الكحولي، وعادة تُجرى هذه العملية عند الشك بإصابة الشخص بالتهاب الكبد الدهني غير الكحولي، وذلك لأنّها تُعد الطريقة الوحيدة للكشف عن التهاب الكبد وتلفه وبالتالي تشخيص الحالة، وقد يُلجأ أيضًا إلى الخزعة في حال أظهرت الفحوصات الأخرى علامات تدل على تقدم مرض الكبد والإصابة بتشمعه.

نتائج فحص خزعة الكبد

يمكن تفسير نتائج خزعة الكبد عند إجرائها كما يأتي:

  • التهاب الكبد الدهني غير الكحولي: تُظهر النتائج وجود دهون والتهاب في الكبد، بالإضافة إلى تلفه.
  • مرض الكبد الدهني غير الكحولي: تُظهر النتائج وجود دهون في الكبد، دون أي علامات على التهاب الكبد أو تلف أنسجته.
  • تشمع الكبد: تُظهر النتائج تليف الكبد، وهو نوع من نسيج ندبي في الكبد.

معلومات عن الكبد الدهني

قبل الحديث عن طرق فحص الكبد الدهني، من الضروري الإشارة إلى أن هناك ثلاثة أنواع رئيسية للمرض:

  • مرض الكبد الدهني الكحولي: يحدث نتيجة انتفاخ خلايا الكبد وامتلائها بالدهون والماء بسبب شرب الكحول، مما يتلف الكبد ويفقده القدرة على تحطيم الدهون وتكسيرها.
  • مرض الكبد الدهني غير الكحولي: يحدث نتيجة تراكم الدهون في الكبد وتسببها بالتهابه، وقد يؤدي هذا النوع إلى تلف الكبد في بعض الأحيان.
  • التهاب الكبد الدهني غير الكحولي: يحدث بسبب تراكم الدهون بشكل كبير في الكبد مما يسبب التهابه ويرفع من احتمالية تلف الكبد.

في حال عدم الخضوع للعلاج اللازم، قد يؤدي ذلك إلى تندب الكبد بشكل دائم والإصابة بتشمع الكبد وفشل الكبد.

قال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً﴾ [النساء: 29].

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلاَّ وَضَعَ لَهُ شِفَاءً، إِلاَّ دَاءً وَاحِداً: الْهَرَمُ”. رواه الترمذي وأبو داود.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

فحص مكونات الدهون في الدم

المقال التالي

تفسير دلالات رسومات الأطفال

مقالات مشابهة