صور التشبيه في القصيدة
تزخر معلقة عنترة بن شداد بصور بلاغية رائعة، وخاصة التشبيهات التي تضفي جمالاً وعمقًا على النص. فيما يلي أمثلة على بعض هذه التشبيهات:
“فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّها فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ”
هنا، يشبه الشاعر ناقته بالفدن. هذا التشبيه مجمل، حيث يذكر المشبه (الناقة) والمشبه به (الفدن) والأداة (كأن)، لكنه يحذف وجه الشبه.
“فيها اِثنَتانِ وَأَربَعونَ حَلوبَةً سوداً كَخافِيَةِ الغُرابِ الأَسحَمِ”
في هذا البيت، يورد عنترة تشبيهًا تامًا، فيشبه النوق الحلوبة السوداء بخافية الغراب الأسحم، مستخدمًا الأداة (الكاف) ومبينًا وجه الشبه وهو السواد.
“وَحَشِيَّتي سَرجٌ عَلى عَبلِ الشَوى نَهدٍ مَراكِلُهُ نَبيلِ المَحزِمِ نَهدٍ مَراكِلُهُ”
هذا التشبيه بليغ، حيث يذكر المشبه والمشبه به، ولكنه يحذف الأداة ووجه الشبه، مما يزيد من قوة الصورة.
“تَأوي لَهُ قُلُصُ النَعامِ كَما أَوَت حِزَقٌ يَمانِيَةٌ لِأَعجَمَ طِمطِمِ”
في هذا المثال، يشبه الشاعر قلص النعام بالحزق اليمانية، مستخدمًا الأداة (كما) وحاذفًا وجه الشبه، مما يجعل التشبيه مجملًا.
“يَتبَعنَ قُلَّةَ رَأسِهِ وَكَأَنَّهُ حِدجٌ عَلى نَعشٍ لَهُنَّ مُخَيَّمِ قُلَّةَ رَأسِهِ وَكَأَنَّهُ حِدجٌ عَلى نَعشٍ”
هنا، يشبه قلة رأس الحصان بالحدج على النعش، ويستخدم الأداة (كأن)، لكنه يحذف وجه الشبه، مما يجعل التشبيه مجملًا.
“يَدعونَ عَنتَرَ وَالرِماحُ كَأَنَّها أَشطانُ بِئرٍ في لَبانِ الأَدهَمِ الرِماحُ كَأَنَّها أَشطانُ بِئرٍ”
يشبه الشاعر الرماح بالأشطان، ويستخدم الأداة (كأن)، لكنه يحذف وجه الشبه، فيكون التشبيه مجملًا.
أبيات من القصيدة
هذه مختارات من أبيات معلقة عنترة بن شداد:
هَل غادَرَ الشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ أَم هَل عَرَفتَ الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي وَعَمي صَباحاً دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّها فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ وَتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَواءِ وَأَهلُنا بِالحَزنِ فَالصَمّانِ فَالمُتَثَلَّمِ حُيِّيتَ مِن طَلَلٍ تَقادَمَ عَهدُهُ أَقوى وَأَقفَرَ بَعدَ أُمِّ الهَيثَمِ حَلَّت بِأَرضِ الزائِرينَ فَأَصبَحَت عَسِراً عَلَيَّ طِلابُكِ اِبنَةَ مَخرَمِ عُلِّقتُها عَرَضاً وَأَقتُلُ قَومَها زَعماً لَعَمرُ أَبيكَ لَيسَ بِمَزعَمِ وَلَقَد نَزَلتِ فَلا تَظُنّي غَيرَهُ مِنّي بِمَنزِلَةِ المُحَبِّ المُكرَمِ كَيفَ المَزارُ وَقَد تَرَبَّعَ أَهلُها بِعُنَيزَتَينِ وَأَهلُنا بِالغَيلَمِ إِن كُنتِ أَزمَعتِ الفِراقَ فَإِنَّما زُمَّت رِكابُكُمُ بِلَيلٍ مُظلِمِ ما راعَني إِلّا حَمولَةُ أَهلِها وَسطَ الدِيارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمخِمِ فيها اِثنَتانِ وَأَربَعونَ حَلوبَةً سوداً كَخافِيَةِ الغُرابِ الأَسحَمِ إِذ تَستَبيكَ بِذي غُروبٍ واضِحٍ عَذبٍ مُقَبَّلُهُ لَذيذِ المَطعَمِ وَكَأَنَّ فارَةَ تاجِرٍ بِقَسيمَةٍ سَبَقَت عَوارِضَها إِلَيكَ مِنَ الفَمِ أَو رَوضَةً أُنُفاً تَضَمَّنَ نَبتَها غَيثٌ قَليلُ الدِمنِ لَيسَ بِمَعلَمِ جادَت عَليهِ كُلُّ بِكرٍ حُرَّةٍ فَتَرَكنَ كُلَّ قَرارَةٍ كَالدِرهَمِ سَحّاً وَتَسكاباً فَكُلَّ عَشِيَّةٍ يَجري عَلَيها الماءُ لَم يَتَصَرَّمِ وَخَلا الذُبابُ بِها فَلَيسَ بِبارِحٍ غَرِداً كَفِعلِ الشارِبِ المُتَرَنِّمِ هَزِجاً يَحُكُّ ذِراعَهُ بِذِراعِهِ قَدحَ المُكِبِّ عَلى الزِنادِ الأَجذَمِ تُمسي وَتُصبِحُ فَوقَ ظَهرِ حَشِيَّةٍ وَأَبيتُ فَوقَ سَراةِ أَدهَمَ مُلجَمِ وَحَشِيَّتي سَرجٌ عَلى عَبلِ الشَوى نَهدٍ مَراكِلُهُ نَبيلِ المَحزِمِ هَل تُبلِغَنّي دارَها شَدَنِيَّةٌ لُعِنَت بِمَحرومِ الشَرابِ مُصَرَّمِ خَطّارَةٌ غِبَّ السُرى زَيّافَةٌ تَطِسُ الإِكامَ بِوَخذِ خُفٍّ ميثَمِ وَكَأَنَّما تَطِسُ الإِكامَ عَشِيَّةً بِقَريبِ بَينَ المَنسِمَينِ مُصَلَّمِ تَأوي لَهُ قُلُصُ النَعامِ كَما أَوَت حِزَقٌ يَمانِيَةٌ لِأَعجَمَ طِمطِمِ يَتبَعنَ قُلَّةَ رَأسِهِ وَكَأَنَّهُ حِدجٌ عَلى نَعشٍ لَهُنَّ مُخَيَّمِ صَعلٍ يَعودُ بِذي العُشَيرَةِ بَيضَهُ كَالعَبدِ ذي الفَروِ الطَويلِ الأَصلَمِ شَرِبَت بِماءِ الدُحرُضَينِ فَأَصبَحَت زَوراءَ تَنفِرُ عَن حِياضِ الدَيلَمِ وَكَأَنَّما تَنأى بِجانِبِ دَفَّها الوَحشِيِّ مِن هَزِجِ العَشِيِّ مُؤَوَّمِ هِرٍ جَنيبٍ كُلَّما عَطَفَت لَهُ غَضَبى اِتَّقاها بِاليَدَينِ وَبِالفَمِ بَرَكَت عَلى جَنبِ الرِداعِ كَأَنَّما بَرَكَت عَلى قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ وَكأَنَّ رُبّاً أَو كُحَيلاً مُعقَد حَشَّ الوَقودُ بِهِ جَوانِبَ قُمقُمِ يَنباعُ مِن ذِفرى غَضوبٍ جَسرَةٍ زَيّافَةٍ مِثلَ الفَنيقِ المُكدَمِ إِن تُغدِفي دوني القِناعَ فَإِنَّني طَبٌّ بِأَخذِ الفارِسِ المُستَلئِمِ أَثني عَلَيَّ بِما عَلِمتِ فَإِنَّني سَمحٌ مُخالَقَتي إِذا لَم أُظلَمِ وَإِذا ظُلِمتُ فَإِنَّ ظُلمِيَ باسِلٌ مُرٌّ مَذاقَتَهُ كَطَعمِ العَلقَمِ وَلَقَد شَرِبتُ مِنَ المُدامَةِ بَعدَما رَكَدَ الهَواجِرُ بِالمَشوفِ المُعلَمِ بِزُجاجَةٍ صَفراءَ ذاتِ أَسِرَّةٍ قُرِنَت بِأَزهَرَ في الشَمالِ مُفَدَّمِ فَإِذا شَرِبتُ فَإِنَّني مُستَهلِكٌ مالي وَعِرضي وافِرٌ لَم يُكلَمِ وَإِذا صَحَوتُ فَما أُقَصِّرُ عَن نَدىً وَكَما عَلِمتِ شَمائِلي وَتَكَرُّمي وَحَليلِ غانِيَةٍ تَرَكتُ مُجَدَّلتَمكو فَريصَتُهُ كَشَدقِ الأَعلَمِ سَبَقَت يَدايَ لَهُ بِعاجِلِ طَعنَةٍ وَرَشاشِ نافِذَةٍ كَلَونِ العَندَمِ هَلّا سَأَلتِ الخَيلَ يا اِبنَةَ مالِكٍ إِن كُنتِ جاهِلَةً بِما لَم تَعلَمي إِذ لا أَزالُ عَلى رِحالَةِ سابِحٍ نَهدٍ تَعاوَرُهُ الكُماةُ مُكَلَّمِ طَوراً يُجَرَّدُ لِلطِعانِ وَتارَةً يَأوي إِلى حَصدِ القَسِيِّ عَرَمرَمِ يُخبِركِ مَن شَهِدَ الوَقيعَةَ أَنَّني أَغشى الوَغى وَأَعِفُّ عِندَ المَغنَمِ
الأفكار الأساسية في القصيدة
تتضمن معلقة عنترة مجموعة من الأفكار المحورية، أبرزها:
- استحضار الأطلال والتساؤل عن أحوال الديار.
- الدعاء لديار المحبوبة بالخير والخصب.
- وصف ناقة الشاعر ورحلته الشاقة نحو ديار عبلة.
- الاعتزاز بالنفس، والتباهي بالصفات الحميدة والأخلاق النبيلة.
- الفخر بالبطولات والإقدام في ساحات الوغى.