تمهيد حول سورة الانفطار
سورة الانفطار هي سورة عظيمة من سور القرآن الكريم، تحمل في طياتها الكثير من العبر والمواعظ. تتحدث السورة عن يوم القيامة وأهواله، وعن حال الإنسان وغفلته، وعن عدل الله وحسابه. تهدف هذه المقالة إلى تقديم شرح مبسط لهذه السورة للأطفال والناشئة، ليفهموا معانيها ويتدبروا آياتها.
تفسير الآيات المتعلقة بأهوال يوم الحساب
هذا الجزء يغطي الآيات من (1-5). تتناول هذه الآيات بعض الأحداث العظيمة التي ستقع في يوم القيامة، والتي تدل على عظمة الله وقدرته، وعلى حتمية هذا اليوم. من هذه الأحداث:
- انفطار السماء: أي تشققها وتصدعها، كما قال تعالى: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ﴾. هذا الحدث العظيم يدل على نهاية هذا العالم وبداية عالم جديد.
- انتثار الكواكب: أي تساقط النجوم وتفرقها، وفقدانها لجمالها وبريقها، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ﴾.
- تفجير البحار: أي اختلاط مياه البحار ببعضها البعض، وزوال الحواجز بينها، فتصبح بحراً واحداً هائلاً، كما قال تعالى: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ﴾.
- تبعثر القبور: أي انقلاب القبور وخروج الأموات منها، استعداداً للحساب والجزاء، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ﴾.
- علم كل نفس ما قدمت وأخرت: أي انكشاف أعمال الإنسان وظهورها، سواء كانت صالحة أو سيئة، كما قال تعالى: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ﴾. في هذا اليوم، يتذكر الإنسان كل ما فعله في حياته، ويندم على ما أساء، ويفرح بما أحسن.
في هذا اليوم العظيم، يتجلى عدل الله وقدرته، ويجازي كل إنسان بما يستحق. فالخاسر هو من قدم عملاً سيئاً، والفائز هو من قدم عملاً صالحاً.
تفسير الآيات عن الاغترار بالخالق وتسجيل الملائكة
يشمل هذا القسم تفسير الآيات من (6-12). تتحدث هذه الآيات عن غفلة الإنسان وتجاهله لنعم الله عليه، وعن مراقبة الملائكة لأعماله وتسجيلها.
- التحذير من الاغترار بالله: كما في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾. هذه الآية توبيخ للإنسان الذي يقابل إحسان الله بالإساءة، ونعمه بالجحود. فما الذي جعلك يا إنسان تغتر بربك الكريم، وتنسى فضله عليك؟
- تذكير بنعم الله على الإنسان: كما في قوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾. أليس الله هو الذي خلقك وأعطاك أحسن صورة، وجعلك سوياً معتدلاً؟ فكيف تقابل هذه النعم بالمعاصي والذنوب؟
- التكذيب بالدين سبب المعصية: كما في قوله تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ﴾. إن تكذيب الإنسان بيوم القيامة والحساب هو الذي يجعله يقدم على المعاصي، لأنه لا يخاف من عذاب الله.
- مراقبة الملائكة للأعمال: كما في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾. الله تعالى قد وكل بالإنسان ملائكة يحفظون أعماله ويكتبونها، وهم كرام لا يفعلون إلا الخير، ويعلمون كل ما يفعله الإنسان. فعلى الإنسان أن يستحي منهم، وأن لا يقابلهم بالقبائح.
هذه الآيات تذكرنا بعظمة الله وقدرته، وبنعمه التي لا تحصى، وبوجوب شكره وطاعته، والخوف من عذابه.
بيان أحوال المؤمنين والكافرين يوم الدين
يغطي هذا الجزء تفسير الآيات من (13-19). تتحدث هذه الآيات عن مصير المؤمنين والكافرين في يوم القيامة.
- نعيم الأبرار: كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ﴾. الأبرار هم المؤمنون الذين صدقوا في إيمانهم، وعملوا الصالحات، واجتنبوا السيئات. هؤلاء جزاؤهم الجنة والنعيم الدائم.
- عذاب الفجار: كما في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ * يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ * وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ﴾. الفجار هم الكفار الذين كذبوا بالرسل، وعصوا الله، وفعلوا الفواحش. هؤلاء جزاؤهم النار والعذاب الأليم، وهم خالدون فيها لا يخرجون منها أبداً.
- عظمة يوم الدين: كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ﴾. هذه الآيات تعظم يوم القيامة، وتبين أنه يوم عظيم وهائل، لا يستطيع أحد فيه أن ينفع أحداً، ولا يملك أحد شيئاً، فالأمر كله لله وحده.
هذه الآيات تحذرنا من عذاب الله، وتبشرنا بنعيم الجنة، وتحثنا على الإيمان والعمل الصالح، والاستعداد ليوم القيامة.
لمحة عن سورة الانفطار
سميت هذه السورة بسورة الانفطار لذكر انفطار السماء في أولها. وهي سورة مكية، نزلت على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة. يبلغ عدد آياتها تسع عشرة آية. نزلت سورة الانفطار بعد سورة النازعات وقبل سورة الانشقاق.
تدور حول إثبات البعث، وذكر أهوال يوم القيامة. وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- مبينا أهمية التأمل في هذه السورة وأمثالها: ﴿مَن سرَّه أن يَنظُرَ إلى يومِ القيامةِ كأنه رَأْيَ عينٍ! فليقرأْ إذا الشمس كورت، وإذا السماء انفطرت، وإذا السماء انشقت﴾. هذا الحديث يدل على أن قراءة هذه السور وتدبرها يساعد على تصور أحداث يوم القيامة وكأنها رأي العين، مما يزيد الخوف من الله والحرص على العمل الصالح.