سيرة الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه

نبذة عن حياة الصحابي أبي هريرة، اسمه، نسبُه، إسلامه، صفاته، ورحلته العلمية.

الاسم والنسب الشريف

كان اسم أبي هريرة قبل إسلامه عبد شمس بن صخر، من قبيلة دوس اليمنية. وبعد إسلامه، غيّر النبي ﷺ اسمه إلى عبد الرحمن. ولُقِّب بأبي هريرة لسببين، أولهما: أنه وجد هرّةً فوضعها في كمّه وداعبها، وثانيهما: أنه كان يلاعب هرّةً وهو صغير يرعى غنم أهله. وقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قوله: (لَقِيَنِي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَنَا جُنُبٌ، فأخَذَ بيَدِي، فَمَشيتُ معهُ حتَّى قَعَدَ، فَانْسَلَلْتُ، فأتَيْتُ الرَّحْلَ، فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ وهو قَاعِدٌ، فَقالَ: أيْنَ كُنْتَ يا أبَا هِرٍّ، فَقُلتُ له، فَقالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ يا أبَا هِرٍّ إنَّ المُؤْمِنَ لا يَنْجُسُ).

يُذكر أن هناك اختلافاً في اسمه وكنيته، فقد ذكرت بعض المصادر اختلافاً في اسمه يصل إلى عشرين وصفة.

دخول أبي هريرة في الإسلام

أسلم أبو هريرة رضي الله عنه في السنة السابعة للهجرة، خلال ليالي فتح خيبر. وقد قدم من اليمن إلى المدينة المنورة، وأسلم على يد الطفيل بن عمرو في مدينة اليمن، وصلى الفجر خلف سباع بن عرفطة الذي استخلفه النبي ﷺ على المدينة وقت فتح خيبر. وقد لازم النبي ﷺ أربع سنوات، رافقه في ليله ونهاره، وفي سفره وغزواته.

لا تُذكر تفاصيل كثيرة عن حياته قبل إسلامه إلا ما ذكره هو نفسه، فهو نشأ يتيماً، وكان يرعى أغنام أهله، وعاش حياة البادية قبل هجرته إلى المدينة المنورة.

مكارم أخلاق أبي هريرة وصفاته الكريمة

تميّز أبو هريرة رضي الله عنه بالعديد من الصفات الحميدة. كان ورعاً ملتزماً بسنة النبي ﷺ، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويُحترم كرامة الإنسان، لا يُفرّق بين أحدٍ لعِرقه أو نسبه أو ماله. كان كثير العبادة والصوم وقيام الليل، يخشى الله تعالى في سره وعلانيته، وصابراً على الفقر الشديد. كما كان ينصح الناس ويطبق الأمر على نفسه قبل الآخرين، متشبثاً بسنة النبي ﷺ. وتروي ابنته أنه كان يرد على من يعيّرُها بقوله: “يَا بَنَيَّةَ، قُولِي لَهُنَّ: إِنَّ أَبِي يَخْشَى عَلَيَّ حَرَّ اللَّهَبِ”.

من صفاته أيضاً، أنه كان ذاكراً لله تعالى كثيراً، هيناً ليناً، عالماً حريصاً على تلقّي العلم. وكان شديد الفقر، إلى درجة أنه كان يقع على الأرض أحياناً من شدة الجوع، وعاش مع آل الصفة، أشد المسلمين فقراً.

أما صفاته الجسدية، فكان بعيد المنكبين، أفرق الثنيتين، ذا ضفيرتين، أبيضاً ولحيته حمراء، وكان يخضب لحيته وشعره.

مسيرته العلمية وإرثه

لازم أبو هريرة النبي ﷺ أربع سنوات، حفظ خلالها الحديث، وتفقه في علوم الشريعة. ثم أرسله الرسول ﷺ إلى البحرين، فكان مؤذناً وفقيهًا. كان حريصاً على طلب العلم والتفقه في الدين، ولم يكن النبي ﷺ يتأخر عن إجابة أسئلته لما رأى حرصه ودقته في طلب العلم. لم يفارق مجالس الذكر، ملازماً المسجد، وعرف الكثير من سنة النبي ﷺ، وحرص على تطبيقها.

يُعرف أبو هريرة بأنه أكثر الصحابة حفظاً لحديث النبي ﷺ، وأكثرهم ملازمةً له، وكان يذهب معه حيثما ذهب.

وفاة الصحابي الجليل

توفي أبو هريرة رضي الله عنه سنة سبع وخمسين للهجرة. مرض مرض الموت، فبكى وقال: “أَمَا إِنِّي لاَ أَبْكِي عَلَى دُنْيَاكُمْ هَذِهِ، وَلَكِنِّي أَبْكِي لِبُعْدِ سَفَرِي وَقِلَّةِ زَادِي! أَصْبَحْتُ فِي صُعُودٍ مُهْبِطَةٌ عَلَى جَنَّةٍ أَوَ نَارٍ فَلاَ أَدْرِي إِلَى أَيِّهِمَا يُسْلَكُ بِي”. وقد دخل عليه مروان بن الحكم في مرضه ودعا له بالشفاء، فقال أبو هريرة: “اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّ لِقَاءَكَ فَأَحِبَّ لِقَائِي”. وقد تُوفي في نفس السنة التي توفيت فيها السيدة عائشة رضي الله عنها، وقد اختلف بعض المؤرخين في سنة وفاته.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

سيرة الصحابي الجليل أبي هريرة

المقال التالي

أحمد شوقي: أمير الشعراء ومساهماته الأدبية

مقالات مشابهة