سمات فنون البناء في الحضارة الإسلامية

استكشاف سمات فنون البناء في الحضارة الإسلامية: القباب، المشربيات، العقود، الشرفات، المقرنصات، مراعاة البيئة، الزخارف، والبساطة.

السمات المميزة لفنون البناء الإسلامي

تعتبر فنون البناء الإسلامي إبداعًا فريدًا للمسلمين، حيث أدهشت العالم بجمالها ودقة تصاميمها. لقد تفوقوا في بناء القباب التي ميزت المساجد، وأصبحت الآن محط دراسة لروعتها. على مر العصور، لم يتغير جمال فنون البناء الإسلامي، بل ازداد عظمة ورونقًا. تمثل فنون البناء الإسلامي هوية إسلامية حاضرة في العديد من البلدان، سواء كانت قصورًا أو قلاعًا أو مساجد أو مبانٍ فريدة اختص بها المسلمون.

القباب

القباب هي هياكل ذات شكل مستدير أو كروي، يزداد ارتفاع فراغها من الداخل. تُبنى القباب من الطوب أو اللبن أو الحجر أو الخرسانة المسلحة أو الحديد، وتتخذ أشكالاً متعددة، منها:

  • الكروي التام.
  • المدبب.
  • البصلي، كما في العمارة الهندية.
  • المخروطي.

تكون القباب مزينة من الداخل والخارج في المساجد. هناك عدة قباب مشهورة في فنون البناء الإسلامي، منها:

  • القبة الخضراء على قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
  • قبة الصخرة المشرفة في المسجد الأقصى.

لقد أوليت القباب أهمية كبيرة في الحضارة الإسلامية، وتميز البناء بها.

المشربيات

المشربيات هي سواتر مصنوعة من خشب الخرط، تمكن من خلفها من رؤية الشارع وليس العكس. لم تكن السواتر فقط مطلة على الشارع، بل كانت موجودة في المنزل من الداخل، لتمكن أصحاب المنزل من التستر في أثناء وجود الضيوف. هذا يدل على حرص من هم في المنزل على الالتزام بحدود الشريعة الإسلامية، وحماية لخصوصية الأسرة وحرمتها. وتعد المشربيات مكيفات المنازل القديمة.

للمشربيات أيضًا وظيفة مناخية، فهي تستخدم في علاج البيئة ذات المناخ الحار في الدول الإسلامية؛ فهي تقلل نسبة الأشعة (ضوء الشمس) الذي يمر من خلالها وتخفف حدته، وتعمل على انكساره، فيدخل بهدوء من خلال الفراغات الموجودة ويتم التحكم بمرور الضوء. وتتحكم المشربيات أيضًا بكمية تدفق الهواء ورطوبته وسرعته داخل المنزل.

تتكون المشربية في طبيعتها من فراغات مختلفة في الأجزاء السفلية والعلوية منها، فتكون ضيقة في الأسفل ومتسعة في الأعلى. تكون المشربية بارزة عن مستوى الحائط لتتيح انزلاق الهواء من خلالها، وصناعة المشربية من الخشب الطبيعي غير المطلي بأي مواد عازلة، والذي يحتفظ بالماء في مساماته مما أدى إلى دخول الهواء رطباً داخل المنازل.

تزود المشربية بضُلف مصمته من الخشب أو الزجاج من أجل تفادي البرودة في الشتاء، وبهذا تكون المشربية ملائمة صيفاً وشتاءً. المشربية كانت تتميز بالشكل المزخرف ذات المنظر البديع وتضفي جمالية على المنازل قديماً.

العقود

العقد في فنون البناء الإسلامي هو القوس المبني الذي يربط بين طرفين ويشدهما. اتخذت العقود عدة أشكال، منها:

  • نصف دائري.
  • حاد الرأس من قوسين اثنين مركزهما داخل العقد، ومنهما يتفرع عدة أشكال للعقد.

يتكون العقد من عدة حجارة تسمى صنجة أو لبنه أو فقرة أو مدماك، أما الحجر الذي يتوسط العقد ويثبته يسمى مفتاح، أو قفل، أو غلق، أو مقعد، أما المخصومة فهي تتصل بأصل العقد خط مستقيم عمودي تسمى: رجلاً.

تكمن أهمية العقد في كونه قد حرر فنون البناء من القيود التي تتمثل بقياسات الخشب وأوزان الحجارة، ووضع حدا لاتساع المداخل والفتحات وارتفاعها بالإضافة إلى جمالية العقد ورونقه.

الشرفات

الشرفات هي تشكيل في فنون البناء الإسلامية، غرضه دفاعي. تكون على الأسوار وجدران الحصون والقلاع والأبراج، فيحتوي المدافعون بها ويشرفون على من يهاجمهم. تكمن أهمية الشرفات في كونها بنيت لأغراض دفاعية.

المقرنصات

المقرنصات هي من عناصر الفن الإسلامي، ويشبه المقرنص محراباً أو قطاعاً طولياً، وهي مجموعة من الحنايا الصغيرة. تصف المقرنصات عنصراً معمارياً يتكون من ثلاث حنايا، تكون متدرجة تتجاور اثنتان وتعلوهما الثالثة.

يكون المحور الرأسي للحنية العليا متوسطاً المحورين الرأسيين للحنيتين المتجاورتين، وجميع الحنايا متساوية في الاتساع. للمقرنصات أهمية بالغة، فقد استخدمت كوظيفة معمارية، بالإضافة إلى جماليتها الخالصة، والزخرفة التي تتميز بها.

الاعتبارات البيئية

عنيت فنون البناء الإسلامية بتوفير بيئة ملائمة من خلال طابعها المميز؛ فقد اهتم المسلمون مع البناء الجميل أيضاً بمراعاة العوامل البيئية المحيطة بهم تبعاً لعوامل عدة منها:

  • البيئة الطبيعية: تشمل العوامل الجغرافية والمناخية التي يتأثر بها الإنسان وجميع الكائنات الحية؛ كالشرفات الواسعة التي تغطيها مشربيات خشبية للوقاية من أشعة الشمس وحرارتها.
  • البيئة الاجتماعية: تشمل العادات والتقاليد والقيم والسلوك التي تحكم المجتمع، فقد اهتمت فنون البناء الإسلامية بخلق جو مناسب لحياة الإنسان وتوفير سبل الراحة له، فقد وُجد فيها وحدات معزولة ومبان مخصصة للنساء تسمى (الحرملك).

الزخرفة

الزخرف هو كمال حسن الشيء، والزخرفة تكون بأشكال هندسية ونباتية دون استخدام أشكال الكائنات الحية. تطبق الزخرفة على الحوائط والأرضيات والأسقف والقباب، ودخلت أيضاً على الأقمشة والسجاد والأعمال التي تتكون من الخشب والحديد والنحاس.

تتكون الزخرفة من العديد من الأشكال الملونة التي ينبغي عدم الإسراف فيها، وخصوصاً في المساجد يجب عدم المبالغة بها؛ لكي لا ينشغل المصلي بها عن الصلاة. الزخرفة من الداخل تكون مختلفة عن الزخرفة الخارجية.

الزخارف الداخلية لها خصوصية فردية، أما الزخارف الخارجية فينبغي عدم المبالغة به، وأن يكون في حدود ما يرضي الجماعة، لكي لا يكون مبهرجاً وتطغى عليه صور وأشياء مما لا تختص به الشريعة الإسلامية.

البساطة والتجرد

تميزت فنون البناء الإسلامية بالبساطة والجمال، وأنها تفردت بطابعها الخاص المميز. كان البناء من الداخل على حسب قدرة الفرد واستطاعته دون تكلف، ومن الخارج كانت البيوت متشابهه دون تفاخر. كانت فنون البناء الإسلامية مجردة بسيطة خالية من التعقيد، وأنيقة، وتطغى عليها الجمالية الإسلامية، وفي حدود ما أمرتنا به الشريعة الإسلامية من غير تكلف.

Total
0
Shares
المقال السابق

السمات الجوهرية للعلم الطبيعي

المقال التالي

السمات المميزة في الهندسة المعمارية الرومانية

مقالات مشابهة