جوهر التفلسف
الفلسفة، في جوهرها، تعني التوق إلى الحكمة. لقد تجذرت منذ عصور أفلاطون وأرسطو، وامتدت لتشمل فلاسفة آخرين أحدثوا تحولات عميقة في مجال الفكر الفلسفي. تم ذلك من خلال التشكيك في الحقائق المطلقة، مؤكدين على تعددية المفاهيم. لكن الفلاسفة المسلمين لعبوا دورًا حاسمًا في تصحيح مسار الفلسفة، وتنقيح أدواتها وتوجيهاتها. فلم تعد الفلسفة مجرد بحث عن الحكمة، بل اتخذت أبعادًا مختلفة تبعًا للفيلسوف والمدرسة الفكرية التي يتبعها.
عبر العصور التاريخية، ظهرت مدارس فلسفية متعددة. ومع ذلك، يبرز اتجاهان رئيسيان: الأول يركز على دراسة الآداب والعلوم والفنون لتكوين رؤية شاملة للحياة، والثاني يتجه نحو العلوم، ويدرس اللسانيات وطبيعة التفكير. كلا الاتجاهين، أو الفلسفة ذاتها، يعتمدان على الاستفهام الفلسفي الذي يحول الظواهر والأفكار إلى أسئلة عميقة. لكن التيار العلمي يعتمد على التحليل بشكل أكبر من التيار الأول الذي يعتمد على التأمل الفلسفي البحت.
ماهية السؤال الفلسفي
يعتبر سقراط، أبو الفلسفة، أول من استخدم الاستفهام الفلسفي. لم يكن هذا الاستفهام ثابتًا، بل اتخذ أشكالًا متنوعة تبعًا لتطور الفلسفة. فهناك الاستفهام الفلسفي الإغريقي الذي يهدف إلى فحص الأفكار، ويبدأ بسؤال عام عن المفهوم المدروس، ثم يتبعه جواب يتحول إلى سؤال جديد. يرى سقراط أن السؤال يولد الأفكار، وأنه خطاب للمستقبل يسعى إلى الاكتمال والوصول إلى إجابة شافية.
أما الاستفهام الفلسفي في العصر الحديث، فهو يعني مواكبة التطورات وروح العصر، وكيفية تفاعل الفرد مع العلم والتكنولوجيا. فمن غير الممكن أن يعيش الفرد بأفكار ومعاني تنتمي إلى عصر آخر، حتى لا يصاب بصدمة فكرية وتمزقات ذهنية معرفية وسلوكية، تجعله مشتت الذات والفكر والنفس.
مميزات الاستفهام الفلسفي
يتميز الاستفهام الفلسفي بعدة خصائص منها:
الطابع الإشكالي
يتسم بطابع إشكالي، فهو قضية تثير منظورًا للمفارقة من خلال طرح مجموعة من الأسئلة التي يصعب الإجابة عليها بشكل كامل. دائمًا ما يبقى سؤال معلقًا بلا إجابة. هذا الطابع الإشكالي يشكل تساؤلًا عميقًا، وليس مجرد سؤال عادي وظاهري. فالسؤال العادي تكون الإجابة عليه مبررة لوجوده. على سبيل المثال، عند طرح سؤال “ما الكراهية؟” فإن الجواب يكون ظاهرًا. أما السؤال الفلسفي، فيكون مثلًا: “هل تكمن الكراهية في الشيء نفسه أم في نظرتنا إليه؟” هذا النوع من الأسئلة يعالج إشكالية معينة، مما يحول السؤال نفسه إلى سلسلة من الأسئلة الفلسفية المستمرة عبر الزمان. وقد عرفه الفلاسفة بأنه فن طرح السؤال وتأجيل الجواب للاستمرار في التفكير الفلسفي.
الطابع الجذري
يتميز بطابع جذري. يرى بعض الفلاسفة أن تكرار السؤال الفلسفي واستعادته ليس إلا وصولًا إلى المبدأ والجذر الأول للسؤال. بمعنى آخر، السؤال هو أداة لاختراق حجب ظاهر الأشياء والمفاهيم، بهدف الوصول إلى أسس ومبادئ الأشياء. يظهر ذلك جليًا عند الفلاسفة الطبيعيين في سؤالهم عن أصل الكون.
فيديو: رؤى أرسطو
بم كان أرسطو يفتي؟ وماذا يعني تطهير النفس بالفلسفة والرياضيات كما يقول أفلاطون؟
المراجع
- أبصبري خليل،”مقدمة في الفلسفة وقضاياها”،uoanbar، اطّلع عليه بتاريخ 04-08-2018. بتصرّف.
- أبماجد محمد حسن (03-04-2004)،”السؤال الفلسفي”،ahewar، اطّلع عليه بتاريخ 04-08-2018. بتصرّف.