فهرس المحتويات
مقدمة عن التنمية في الإسلام
جاءت الشريعة الإسلامية بنظام متكامل يهدف إلى تطوير الأفراد والمجتمعات في مختلف المجالات. فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان ليكون خليفة في الأرض وأمره بإعمارها وتطويرها. قال الله -تعالى-:(هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ)، ومن هذا المنطلق، انبثق مفهوم التنمية في الإسلام، الذي يختلف عن المفاهيم الأخرى بتركيزه على جوانب متعددة.
السمات المميزة للازدهار في الإسلام
تتميز التنمية في الإسلام بعدة خصائص فريدة تميزها عن غيرها من المفاهيم. هذه الخصائص تشمل:
- الشمول
- التوازن
- الواقعية
- العدالة
- الإنسانية
خاصية الإحاطة والعموم
تتجلى صفة الشمولية في التنمية الإسلامية من خلال اهتمامها بالجوانب المادية والروحية على حد سواء. هذا الأمر يختلف عن المفاهيم الحديثة التي تركز على الجانب المادي فقط. التنمية الإسلامية تراعي الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها، وتسعى إلى بناء مجتمع متكامل من جميع النواحي. تشمل التنمية الأفراد والجماعات والأمم لتحقيق مجتمع مزدهر وشامل.
وتشمل الإحاطة والعموم في التنمية الإسلامية جميع جوانب الحياة، بدءًا من الفرد وصولًا إلى المجتمع ككل. فهي لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تمتد لتشمل الجوانب الاجتماعية والثقافية والروحية.
صفة التكافؤ والاعتدال
يدعو الإسلام إلى التوازن والاعتدال في جميع جوانب الحياة، بما في ذلك التنمية. فكما أوجب الإسلام العمل والسعي في الأرض، دعا أيضاً إلى ضرورة توزيع الأعمال والثروات بالعدل والمساواة بين أفراد المجتمع. لذلك، حرّم الإسلام احتكار السلع والمواد، لأنها تتعارض مع مفهوم التنمية وتعوق تقدم المجتمع. التنمية الإسلامية توازن بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، دون أن يطغى جانب على آخر.
تحقيق التوازن في التنمية يعني إعطاء كل جانب من جوانب الحياة حقه، وعدم إهمال أي جانب على حساب الآخر. هذا يشمل التوازن بين العمل والراحة، وبين الإنفاق والادخار، وبين الحقوق والواجبات.
ميزة التطبيق العملي
تتميز التنمية الإسلامية بالواقعية والقابلية للتطبيق، لأنها تستند إلى تعاليم الله سبحانه وتعالى، الذي خلق الإنسان ويعلم أحواله واحتياجاته. تستطيع التنمية الإسلامية معالجة المشكلات التي تواجه المجتمعات بشكل فعال، مثل مشكلة الفقر، من خلال تشريعات دقيقة مثل الزكاة وأحكام الميراث. وتشجع التنمية الإسلامية على العمل والإنتاج، بدلاً من الاعتماد على الآخرين. مثال ذلك حين جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم- يطلب الصدقة ويشكو من الفقر، فطلب منه النبي أن يحتطب ويعيل رعيته، وكان بإمكان النبي أن يعطيه شيئاً من بيت المال؛ لكنه علم أصحابه في ضرورة العمل في أي مجال، وهو درس عملي يدل على واقعية النظام التنموي في الإسلام.
وتظهر الواقعية في التنمية الإسلامية من خلال تشجيعها على الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتوفير فرص العمل للشباب، وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.
قيمة الإنصاف والمساواة
يقوم الإسلام على أساس العدل والمساواة بين جميع الناس، بغض النظر عن لونهم أو عرقهم أو مكانتهم الاجتماعية. شرع الإسلام أحكاماً تساهم في تحقيق العدالة وتنمية المجتمعات، مثل أحكام الزكاة التي تهدف إلى توزيع الثروة بشكل عادل. الإسلام يحرص على تحقيق التوازن بين حقوق الأغنياء والفقراء، بحيث لا يضر بالأغنياء ولا يحرم الفقراء.
وتتجلى العدالة في التنمية الإسلامية من خلال توفير فرص متساوية للجميع في التعليم والعمل والرعاية الصحية، وضمان حصول كل فرد على حقوقه كاملة.
خاصية النزعة الإنسانية
تقوم التنمية الإسلامية على أساس إنسانية الإنسان وكرامته. على عكس الأنظمة الأخرى التي قد تنظر إلى الإنسان على أنه مجرد وسيلة لتحقيق الأهداف الاقتصادية، فإن الإسلام يحرص على تلبية احتياجات الإنسان المادية والمعنوية، وتسخير الكون لخدمته ورفعته. الأنظمة الرأسمالية تركز على جمع الأرباح دون الاهتمام بمصالح الأفراد. بينما الأنظمة الاشتراكية قد تهتم بالحكام والرؤساء على حساب الأفراد. لكن الإسلام يهدف إلى خدمة الإنسان ورفعته وفق تشريعات دقيقة.
وتظهر الإنسانية في التنمية الإسلامية من خلال توفير الرعاية الاجتماعية للمحتاجين، وحماية حقوق الأطفال والنساء وكبار السن، وتعزيز قيم التكافل الاجتماعي والتراحم بين أفراد المجتمع.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- سورة هود، آية:61
- “ركائز التنمية في الإسلام “،طريق الإسلام، 6/1/2021.
- إبراهيم العسل،كتاب التنمية فى الإسلام مفاهيم مناهج وتطبيقات.
- مالك بن نبي،المسلم في عالم الاقتصاد.