زخارف الكلام في قصيدة امرئ القيس الشهيرة

استكشاف لزخارف الكلام وأنواعها في معلقة امرئ القيس. دراسة للطباق والجناس وأنواع البلاغة في شعر امرئ القيس وأساليب التشبيه المبتكرة.

مقدمة

لا يخفى على أحد أهمية البلاغة وفنونها في الشعر العربي، وخاصة في القصائد الطويلة كالتي اشتهر بها شعراء العصر الجاهلي. معلقة امرئ القيس، بما تحمله من قوة لغوية وبلاغة فائقة، لا تخلو من الزخارف اللفظية والمعنوية، رغم أن التركيز الأكبر فيها ينصب على قوة المعنى وسلامة التركيب. علم البيان يظهر بشكل واضح في هذه القصيدة، خاصة فن التشبيه. لذلك، سنقوم بموازنة بين التشبيه، وهو أحد فروع علم البيان، وبين الزخارف البديعية المختلفة في هذه المعلقة.

تضاد المعاني في قصيدة امرئ القيس

يعتبر الطباق من أبرز الزخارف البديعية التي استخدمها امرؤ القيس في معلقته. والطباق هو الجمع بين الكلمة وضدها في سياق واحد. فيما يلي بعض الأمثلة على الطباق في المعلقة:

يقول امرؤ القيس:

فَتوضِحَ فَالْمِقْراةِ لم يعفُ رسمهالمانَسَجَتْها مِن جَنوبٍ وَشَمْأَلِ

في هذا البيت، نجد الطباق في كلمتي “جنوب” و”شمأل”، وهما جهتان متعاكستان.

ويقول أيضًا:

لا أَيُّها اللَيلُ الطَويلُ أَلا انْجَليبِصُبْحٍٍ وَما الإِصباحُ مِنكَ بأمثلال

هنا، الطباق يظهر في كلمتي “الليل” و”الصبح”، وهما متضادان.

وفي وصفه للفرس، يقول:

مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍٍ مُدبِرٍ مَعاًكَجُلمودِ صَخرٍٍ حَطَّهُ السَيلُ مِن عَلِ

الطباق هنا يظهر في “مكر ومفر” و “مقبل ومدبر”، وهي أفعال متضادة تصف حركة الفرس.

تشابه اللفظ واختلاف المعنى في معلقة امرئ القيس

الجناس هو أحد الزخارف اللفظية التي تعتمد على وجود كلمتين متشابهتين في اللفظ مع اختلافهما في المعنى. وقد استخدم امرؤ القيس هذا الفن في معلقته. إليكم بعض الأمثلة:

يقول امرؤ القيس:

تَجاوَزتُ أَحراساً إِلَيها وَمَعشَراً:::عَلَيَّ حِراساً لَويُسِرّونَمَقتَلي

الجناس هنا يظهر في كلمتي “أحراساً” و”حِراساً”، وهما متشابهتان في اللفظ ولكن مختلفتان في المعنى. الأولى تعني جماعة الحرس، والثانية تعني فعل الحراسة.

وفي وصف الفرس، يقول:

مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍٍ مُدبِرٍ مَعاً:::كَجُلمودِ صَخرٍٍ حَطَّهُ السَيلُ مِن عَلِ

نجد هنا جناسًا ناقصًا في الكلمات “مكر، مفر، مقبل، ومدبر”، حيث تتشابه في بعض الحروف وتختلف في المعنى.

فن الإغراق في الوصف في شعر امرئ القيس

المبالغة هي وصف الشيء أو الأمر بطريقة تتجاوز الواقع، سواء كان ذلك بوصف مستحيل أو مكرر أو مبالغ فيه. وقد لجأ امرؤ القيس إلى هذا الفن في معلقته للتعبير عن مشاعره أو وصف أحداث معينة. مثال على ذلك:

يقول امرؤ القيس:

فَعادى عِداءً بَينَ ثَورٍٍ وَنَعجَةٍ:::دِراكاً وَلَم يَنضَح بِماءٍ فَيُغسَلِ

المبالغة هنا تظهر في كلمة “دراكاً”، التي تدل على شدة القتال والعراك، وكأنه لم يهدأ حتى يجف عرقه.

صور التشبيه البديعة في معلقة امرئ القيس

التشبيه هو من أهم وأشهر الفنون البلاغية، ويعتمد على عقد مقارنة بين شيئين يشتركان في صفة أو أكثر. وقد استخدم امرؤ القيس التشبيه بشكل واسع في معلقته لإضفاء جمالية وتوضيح المعنى. إليكم بعض الأمثلة:

يقول امرؤ القيس:

ترى بَعَر الآرام في عَرَصَاتِها:::وَقيعانِهَا كَأَنَّهُ حَبُّ فُلفُلِ

هنا، يشبه الشاعر بعر الآرام المنتشر في الأرض بحب الفلفل الأسود، وذلك من حيث الشكل والحجم.

وفي وصفه للمرأة، يقول:

مُهَفهَفَةٌ بَيضاءُ غَيرُ مُفاضَةٍ:::تَرائِبُها مَصقولَةٌ كَالسَجَنجَلِ

يشبه الشاعر بياض صدر المرأة بالمرآة المصقولة، وذلك لشدة بياضها ونقائها.

ويقول أيضًا:

كَبِكرِ المُقاناةِ البَياضِ بِصُفرَةٍ:::غَذاها نَميرُ الماءِ غَيرُ المُحَلَّلِ

يشبه الفتاة بالبيضة التي يختلط فيها البياض بالصفرة، ليدل على جمال بشرتها ونضارتها.

وفي وصف عنقها، يقول:

وَجيدٍ كَجيدِ الرِئمِِ لَيسَ بِفاحِشٍٍ:::إِذا هِيَ نَصَّتهُ وَلا بِمُعَطَّلِ

يشبه عنق محبوبته بعنق الغزال الرشيق، ليدل على جمالها ورقتها.

وفي وصف نفسه في المعركة، يقول:

مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍٍ مُدبِرٍ مَعاً:::كَجُلمودِ صَخرٍٍ حَطَّهُ السَيلُ مِن عَلِ

يشبه نفسه بالصخرة الكبيرة التي تتدحرج من أعلى الجبل، ليدل على قوته وشجاعته في القتال.

المصادر

  1. جامعة. “البديـــع فــي الشعــر الجاهلــي شعـر امـرئ القيـس نموذجـاً”. (بتصرّف)
  2. الديوان. “قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزِل”.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

جماليات البديع في قصيدة وصف الحمى

المقال التالي

الزخارف اللغوية في قصيدة عنترة

مقالات مشابهة