رواة القرآن العشرة: نبذة عن حياتهم وقراءاتهم

حفظ القرآن الكريم: عناية إلهية وسعي بشري

لقد حفظ الله تعالى القرآن الكريم من أي تحريف أو تبديل، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [١]. ولم يقتصر حفظ الله على النص، بل امتد ليشمل نقل هذا النص عبر أجيال المسلمين بدقة متناهية. فقد سخر الله رجالاً أمناء، حفظوا القرآن الكريم ونقلوا قراءاته عبر التواتر والتلقي المباشر، بالإضافة إلى الكتابة الدقيقة. برز من هؤلاء العلماء عشرة قراء، تواترت قراءاتهم، ولقيت قبولاً واسعاً في الأمة الإسلامية، لكل منهم رواة متعددون، وقد اختار العلماء أشهرهم لنقل قراءاتهم.

نافع بن عبد الرحمن: قارئ المدينة المنورة

نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي، أبو رويم، من أصفهان، إمامٌ في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة. روى أنه قرأ على سبعين من التابعين. قال عنه الإمام مالك: “نافع إمام الناس في القراءة، وكان يُشم من فمه رائحة المسك”.[٢] أشهر رواياته: قالون (عيسى بن مينا) وورش (عثمان بن سعيد).

انتشرت رواية قالون في ليبيا ومعظم تونس، بينما انتشرت رواية ورش في المغرب العربي (الجزائر، المغرب، موريتانيا)، وغرب أفريقيا (السنغال، النيجر، مالي، نيجيريا)، وبعض مناطق مصر وليبيا وتشاد وجنوب وغرب تونس. [٣]

ابن كثير: قارئ مكة المكرمة

عبد الله بن كثير، قارئ مكة المكرمة، تابعي، كنيته أبو معبد. كان قاضي الجماعة بمكة، فارسي الأصل، ولد وتوفي في مكة. [٤] أشهر رواياته: البزي (أحمد بن محمد) وقنبل (محمد بن عبد الرحمن). [٥]

أبو عمرو البصري وقراءاته المتميزة

زبان بن العلاء البصري، قرأ في مكة والمدينة والكوفة والبصرة، سمع من العديد من الصحابة منهم أنس بن مالك -رضي الله عنه-، وقرأ على الحسن البصري. كان عالماً زاهداً، إماماً في القراءة والنحو والأدب. توفي بالكوفة. [٦] أشهر رواياته: الدوري (حفص بن عمر) والسوسي (صالح بن زياد).

ابن عامر الشامي: إمام الشام في القراءة

عبد الله بن عامر الشامي اليحصبي، تابعي، إمام أهل الشام في القراءة. ولد في البلقاء، بالأردن، وانتقل إلى دمشق. أخذ عن أبي الدرداء والمغيرة بن شعبة -رضي الله عنهما-. ولي قضاء دمشق، وتوفي بدمشق. [٧، ٨] أشهر رواياته: هشام بن عمار وابن ذكوان (عبد الله بن أحمد).

[٩]

عاصم بن أبي النجود: قارئ الكوفة المشهور

تابعي، قارئ الكوفة. قرأ القرآن على أبي عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: “سألت أبي أي القراءة أحب إليك؟ قال: قراءة أهل المدينة، قلت: فإن لم يكن؟ قال: قراءة عاصم”. [١٠، ١١] توفي بالكوفة. [١٢] أشهر رواياته: شعبة (أبو بكر بن عياش) وحفص (حفص بن سليمان). [١٣]

انتشرت رواية حفص عن عاصم على نطاق واسع في العالم الإسلامي، خاصة بعد اعتمادها رسمياً في الدولة العثمانية، ثم طباعتها في المصاحف، وزيادة انتشارها عبر التسجيلات والإذاعات ووسائل الإعلام المختلفة. [١٤]

حمزة الزيات: قارئٌ ورعٌ

حمزة بن حبيب الزيات، كان يتاجر بالزيت بين الكوفة وحلوان. كان إماماً قيماً، ورعاً، عالماً بالحديث والفرائض، فارسي الأصل. توفي بحلوان. [١٥] أشهر رواياته: خلف بن هشام وخلاد بن خالد.

الكسائي الكوفي: إمام في اللغة والنحو

علي بن حمزة بن عبد الله الكوفي، أبو الحسن الكسائي، إمام في اللغة والنحو والقراءة، من أهل الكوفة. قرأ النحو بعد الكبر، وتنقل في البادية، وسكن بغداد، وتوفي بالري. كان مؤدباً للرشيد العباسي وابنه الأمين. سمي الكسائي لأنه أحرم في كساء. [١٧، ١٨، ١٩] قال الشافعي: “من أراد أن يتبحر في النحو، فهو عيال على الكسائي”. [٢٠] قال ابن الأنباري: “اجتمع فيه أنه كان أعلم الناس بالنحو، وأوحدهم في الغريب، وأوحدهم في علم القرآن، كانوا يجتمعون عليه، ويضبطون عنه، حتى الوقوف”.[٢١] أشهر رواياته: أبو الحارث الليث وحفص الدوري (الذي روى أيضاً عن أبي عمرو). [٢٢]

أبو جعفر المدني: إمامٌ ومفتٍ

يزيد بن القعقاع، تابعي مدني، إمام أهل المدينة في القراءة، وكان من المفتين المجتهدين. توفي بالمدينة المنورة. [٢٣] أشهر رواياته: ابن وردان (عيسى بن وردان) وابن جماز (سليمان بن جماز). [٢٤]

يعقوب البصري: إمام البصرة

يعقوب بن إسحاق الحضرمي البصري، إمام البصرة ومقرئها. من بيت علم بالعربية والأدب. له رواية مشهورة، وله كتب في القراءات، منها “الجامع” و”وجوه القراءات”. [٢٥] أشهر رواياته: رويس (محمد بن المتوكل) وروح بن عبد المؤمن. [٢٦]

خلف العاشر: عالمٌ عابدٌ

خلف بن هشام البزار البغدادي، عالمٌ عابدٌ ثقة، اشتهر ببغداد وتوفي فيها. [٢٧] أشهر رواياته: إسحاق بن إبراهيم وإدريس بن عبد الكريم. [٢٨]