مقدمة إلى الجراثيم
الجراثيم أو البكتيريا هي كائنات مجهرية وحيدة الخلية، توجد بأعداد هائلة في كل مكان على وجه الأرض. تتواجد في البيئات القاسية مثل أعماق البحار وفي التربة، وحتى في داخل أجسام الكائنات الحية بما في ذلك الإنسان. لا تصنف الجراثيم ضمن مملكتي الحيوان أو النبات، وهي صغيرة جدًا حيث لا يتعدى طولها بضعة ميكرومترات، وتعيش في تجمعات كبيرة تصل إلى الملايين.
تتميز الجراثيم بكونها بدائية النوى (Prokaryotes)، أي أنها تفتقر إلى نواة محاطة بغشاء وعضيات خلوية متخصصة. هذه الخاصية تجعلها مختلفة عن الكائنات الحية الأخرى الأكثر تعقيدًا. تعتبر بدائيات النوى من أكثر الكائنات الحية انتشارًا على الأرض، حيث تحتوي جرام واحد من التربة على حوالي 40 مليون خلية جرثومية، ويحتوي المليلتر الواحد من المياه العذبة على مليون خلية جرثومية تقريبًا.
على الرغم من أن بعض أنواع الجراثيم قد تسبب الأمراض للإنسان والحيوان والنبات، إلا أن معظمها غير ضار، بل إن بعضها يعيش في علاقات تكافلية مع الكائن المضيف، مثل تثبيت النيتروجين وتحليل السليلوز.
تصنيفات الجراثيم حسب الشكل
يمكن تصنيف الجراثيم إلى ثلاثة أنواع رئيسية بناءً على شكلها: الجراثيم الكروية، والجراثيم العَصَوية، والجراثيم الحلزونية.
الجراثيم الكروية
تُعرف أيضًا باسم المكورات (cocci). مثال على هذا النوع هو المكورات العقدية (Streptococcus)، المسؤولة عن الإصابة بالتهاب الحلق العقدي.
الجراثيم العَصَوية
تُعرف أيضًا باسم العُصَيّات (Bacillus). بعض هذه الأنواع قد تكون منحنية وتُعرف باسم الضمّات (vibrio). مثال على هذا النوع هو العَصَوية الجمرية (Bacillus anthracis).
الجراثيم الحلزونية
تُعرف أيضًا باسم الملتويات (spirilla). هذا النوع من الجراثيم يسبب أمراضًا مثل داء البريميات (leptospirosis)، وداء لايم (Lyme Disease)، ومرض الزهري (syphilis).
تصنيفات الجراثيم بحسب طريقة التغذية
تصنف الجراثيم إلى نوعين رئيسيين حسب طريقة تغذيتها:
جراثيم غير ذاتية التغذية
(heterotrophs): تعتمد هذه الجراثيم على استهلاك الكربون العضوي الموجود في المواد العضوية الميتة مثل اللحوم المتحللة.
جراثيم ذاتية التغذية
(Autotrophic): تصنع هذه الجراثيم غذاءها بنفسها من خلال إحدى الطريقتين التاليتين:
- البناء الضوئي (photosynthesis): تستخدم ضوء الشمس والماء وثاني أكسيد الكربون لإنتاج الغذاء. مثال على ذلك البكتيريا الزرقاء (cyanobacteria) التي تنتج الأكسجين.
- التمثيل الكيميائي (chemosynthesis): تستخدم الماء وثاني أكسيد الكربون والمواد الكيميائية مثل الأمونيا والنيتروجين والكبريت لإنتاج الغذاء. تتواجد هذه الأنواع عادة في فتحات المحيطات وعلى جذور البقوليات مثل العدس والبازيلاء والفول السوداني والفاصولياء.
مكونات الخلية الجرثومية
تتكون الخلية الجرثومية من المكونات التالية:
- الجدار الخلوي (Cell Wall): وهو الغطاء الخارجي الذي يحمي الخلية ويعطيها شكلها.
- السيتوبلازم (Cytoplasm): مادة شبه هلامية تتكون أساسًا من الماء بالإضافة إلى الإنزيمات والأملاح والعضيات الخلوية والعديد من الجزيئات العضوية.
- الغشاء البلازمي أو الغشاء الخلوي (Plasma Membrane): غشاء يحيط بالسيتوبلازم وينظم مرور المواد من الخلية وإليها.
- الأسواط (Flagella): بروز يشبه السوط يساعد الخلية على الحركة.
- الريبوسومات (Ribosomes): مسؤولة عن إنتاج البروتين.
- البلازميدات (Plasmids): حلقات الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (DNA) الدائرية التي تحمل الجينات.
- منطقة النوواني (nucleoid): منطقة من السيتوبلازم تحتوي على جزيء الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (DNA) الوحيد.
آليات تكاثر الجراثيم
تتكاثر الجراثيم لاجنسيًا ولديها طرق متعددة للتكاثر، وأكثرها شيوعًا هي:
الانشطار الثنائي
يُعد الانشطار الثنائي (Binary fission) الطريقة الأكثر انتشارًا لتكاثر الجراثيم. تبدأ العملية بنسخ الجرثومة لجميع مكوناتها الداخلية، ثم نقل هذه المكونات بما في ذلك الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين إلى الاتجاه الآخر من الخلية. يُتبع نقل المكونات تكوين جدار في المنتصف للفصل بين المكونات، ليبدأ النصفان بعد ذلك بالابتعاد عن بعضهما، حتى ينفصلان تمامًا. تكون الجراثيم الناتجة مطابقة تمامًا للجرثومة الأم.
الأبواغ
تُعد الأبواغ (Conidia) ثاني أشهر طرق التكاثر لدى الجراثيم. تحدث هذه العملية غالبًا في الجراثيم المتسلسلة (Streptomyces) أو ما يشبهها، عن طريق تكوين حاجز عرضي الشكل عند قمة خيط الجرثومة. عند انفصال القمة عن الأم وتلامسها مع الطبقة السفلية للخلية، ينبت البوغ وتتشكل الخلية الجديدة.
التبرعم
يتشكل برعم صغير على أحد أجزاء الخلية الأم للتكاثر، وتُسمى هذه العملية التبرعم (Budding). تستمر الخلية الجديدة في النمو مع بقاء حجم الخلية الأم ثابتًا. ينفصل البرعم عن الخلية الأم عندما يصبح حجمه مساويًا لحجمها. يختلف التبرعم عن الانشطار الثنائي من ناحية أن الخلية الأم تختلف في خصائصها عن الخلايا الناتجة عن التكاثر.
الأكياس
تتشكل الأكياس (Cysts) بترسب مواد السائل النووي عند جدار الخلية الأم. بعد تراكم هذه المواد، تنفصل عن الخلية الأم وتتصرف مثلها تمامًا. أكثر أنواع الجراثيم المتبعة لطريقة الأكياس في التكاثر هي الجراثيم الآزوتية (Azotobacter).
التحوصل
تُستعمل طريقة التحوصل (Endospore) في الظروف البيئية السيئة كالجفاف والمجاعات. عندما تهاجم الجراثيم الخلية، يتكون بوغ واحد يسمى بالحويصلة. عندما تتوقف الظروف السيئة والهجوم، ينقسم هذا البوغ ليُشكل خلية جرثومية كاملة.
أنماط سلوك الجراثيم
تمت ملاحظة الجراثيم أول مرة عن طريق العالم الهولندي أنتوني فان ليفينهوك في ثمانينات القرن السادس عشر الميلادي. بعد العديد من السنوات، تم رصد سلوكيات الجراثيم جميعها، وهي كما يلي:
- استخدام السوط: تتحرك الجراثيم عن طريق خيط أو سوط طويل يمتد طوله عدة آلاف نانومتر، وبعرض 30 نانومتر. هذا السوط أطول بكثير من جسم الجرثومة، مما يسمح للخلية بالتحرك عشر أضعاف طولها في الثانية.
- طريقة وشكل الحركة: تتحرك الجراثيم بشكل شبيه بحركة المحرك؛ فسوطها يدور بنظام دائري عن طريق حركة الهيدروجين أو أيونات الصوديوم موجبة الشحنة خارج الخلية، كما يتحرك داخلها بعكس اتجاه عقارب الساعة.
- الانتشار في الوسط المحيط: تنتشر الجراثيم في الأوساط المحيطة عن طريق تقنية النانو، وهي محاولة بناء آلات حركية صغيرة وسريعة الانتشار.
مواطن تواجد الجراثيم
تعيش الجراثيم في كافة مناطق الكرة الأرضية؛ في الصخور، والأتربة، والمحيطات، وداخل الثلوج في القطب الشمالي. كما تعيش داخل أجسام الكائنات الحية بما في ذلك النباتات والحيوانات. عُثر عليها بأعداد كبيرة في الجسم البشري، ويذكر أن الخلايا الجرثومية تتركز في بطانة الجهاز الهضمي أكثر من بقية أجزاء الجسم.
منافع الجراثيم
تجعل الجراثيم الحياة أسهل، ولا يمكن العيش بدونها بسبب الفوائد الكثيرة التي تحملها. فيما يلي الفوائد الخاصة لبعض أنواع الجراثيم:
- المساعدة على هضم الطعام وتصنيع الفيتامينات عند الإنسان.
- الجراثيم ضرورية لدورات الكربون والنيتروجين في البيئة.
- صناعة الغاز الحيوي كالميثان.
- تصنيع الأدوية كاللقاحات والمضادات الحيوية.
- قتل أمراض وآفات النبات.
- تنظيف النفايات السامة والتسربات النفطية.
- صناعة الأطعمة المخمرة.
- استخدامها في العلاج الجيني؛ لنقل الجينات الطبيعية إلى الخلايا البشرية.
مضار الجراثيم
تعد الجراثيم كائنات مفيدة غالبًا، ولكن يوجد العديد من الأضرار والأمراض الناتجة عن سموم بعض أنواعها. تتمثل بعض أضرارها بالتسبب فيما يلي:
- التسمم الغذائي.
- التهاب الحلق.
- السل.
- التهابات العنقوديات.
- التسمم المعوي بسبب مرض الكوليرا، والذي ينتشر في الماء بسبب بكتيريا تسمى الفلاجيلا.
المصادر
- Kara Rogers Robert J. Kadner (24-10-2018),”Bacteria”،www.britannica.com, Retrieved 23-11-2018. Edited.
- Yvette Brazier (31-10-2017),”What are bacteria and what do they do?”،www.medicalnewstoday.com, Retrieved 23-11-2018. Edited.
- Regina Bailey (3-9-2018),”Bacterial Reproduction and Binary Fission”،www.thoughtco.com, Retrieved 23-11-2018. Edited.
- Neelesh T،” Reproduction in Bacteria: 5 Methods (With Diagram)”،Biology Discussion، Retrieved 21/10/2021. Edited.
- ” How does Bacteria Reproduce? – Lesson for Kids”,Study, Retrieved 21/10/2021. Edited.
- “bacteria”,britannica, Retrieved 21/10/2021. Edited.
- Jonathan Heddle (5/12/2002),”Motor cycles”,The Guardian, Retrieved 21/10/2021. Edited.
- “Bacteria”,Micro Biology Society, Retrieved 21/10/2021. Edited.
- “7.7 Bacteria and Humans”,Flex Books, 16/5/2021, Retrieved 21/10/2021. Edited.
- George Krucik (8/7/2015),”Bacteria”,Health Line, Retrieved 21/10/2021. Edited.