دراسة النص الأدبي وفقًا للرؤية التركيبية

استكشاف المنهج التركيبي في تحليل النصوص الأدبية: جذوره، أسسه، أبرز رواده. نظرة معمقة في كيفية تطبيق البنائية في فهم الأدب.

مقدمة في فهم البنيوية النصية

في مجال النقد الأدبي، يمثل المنهج التركيبي أو البنيوي اتجاهًا يسعى إلى فهم العمل الأدبي من خلال تفكيكه إلى عناصره الأساسية، وفحص العلاقات الداخلية بين هذه العناصر. يركز هذا المنهج على النص ذاته، مع إهمال العوامل الخارجية التي قد تؤثر فيه، مثل حياة المؤلف أو الظروف التاريخية التي أحاطت بإنشائه. يهدف إلى الكشف عن البنية العميقة التي تحكم النص، والتي تعتبر مفتاحًا لفهم معناه.

الجذور التاريخية للمنهج

تستمد البنيوية أسسها من عدة مدارس فكرية وحركات أدبية، من بينها:

  • حركة الشكلانيين الروس: برزت في بداية القرن العشرين، وركزت على دراسة الأدب باعتباره نظامًا لغويًا قائمًا بذاته، بدلًا من اعتباره انعكاسًا للواقع. رفض الشكلانيون الروس ربط الأدب بالأفكار الاجتماعية أو التاريخية، واعتبروا أن قيمته تكمن في شكله وبنيته الداخلية.
  • النقد الجديد: حركة ظهرت في أمريكا في منتصف القرن العشرين. دعا أصحاب هذا الاتجاه إلى التركيز على النص الشعري كعمل فني متكامل، بغض النظر عن مضمونه أو السياق التاريخي الذي أنتج فيه. اعتبر النقاد الجدد أن الشعر يهدف إلى تحقيق الجمالية في حد ذاتها.
  • علم اللغة (الألسنية): خاصةً آراء فرديناند دي سوسير، الذي أسهم في تطوير البنيوية من خلال تأكيده على استقلالية اللغة كنظام له قواعده الخاصة. ميز سوسير بين اللغة (النظام اللغوي العام) والكلام (الاستخدام الفردي للغة)، واعتبر أن دراسة اللغة يجب أن تركز على النظام العام وليس على الاستخدام الفردي.

الركائز الأساسية للبنيوية

يقوم المنهج التركيبي على عدة مبادئ أساسية، من أهمها:

  • التجرّد في التحليل الأدبي: يجب على الناقد أن يتجنب إقحام آرائه الشخصية أو معتقداته في دراسة النص الأدبي. كما يجب عليه أن يتجاهل العوامل الخارجية التي قد تؤثر في فهمه للنص، مثل حياة المؤلف أو الظروف الاجتماعية التي أحاطت بإنشائه.
  • التدقيق: يجب أن يتميز الناقد بالدقة والتفصيل في دراسة النص الأدبي، والتركيز على أدق التفاصيل اللغوية والبنائية.
  • الشمولية: يجب أن يسعى الناقد إلى فهم البنية الكلية للنص، وكيف تتفاعل عناصره المختلفة مع بعضها البعض.
  • اللا تاريخية: تركز البنيوية على دراسة البنية اللغوية والاجتماعية للنص في لحظة معينة، مع إهمال البعد التاريخي. تعتبر البنيوية أن اللغة هي التي تشكل التاريخ، وليس العكس.
  • زوال المؤلف: تؤكد البنيوية على أن النص الأدبي مستقل عن مؤلفه، وأن معناه لا يعتمد على نية المؤلف أو ظروف حياته. تركز البنيوية على دراسة اللغة في حد ذاتها، وتعتبر أن النص هو الذي يخلق معناه، وليس المؤلف.

شخصيات بارزة في عالم البنيوية

هناك العديد من العلماء والمفكرين الذين أسهموا في تطوير المنهج التركيبي، من بينهم:

  • فرديناند دي سوسير: عالم لغوي سويسري، يعتبر مؤسس علم اللغة الحديث. وضع سوسير أسس البنيوية من خلال تأكيده على استقلالية اللغة كنظام له قواعده الخاصة.
  • رومان جاكبسون: عالم لغوي روسي، قام بتطبيق مبادئ البنيوية على دراسة الأدب. اهتم جاكبسون بتحليل اللغة الأدبية، وتحديد الخصائص التي تميزها عن اللغة العادية.
  • كلود ليفي شتراوس: عالم أنثروبولوجيا فرنسي، استخدم البنيوية في دراسة الثقافات والمجتمعات المختلفة. حاول ليفي شتراوس الكشف عن البنى العميقة التي تحكم سلوك الإنسان وثقافته.

المراجع

  • شملال أمينة ولجرب رشيدة، التحليل البنيوي للنص الشعري، قصيدة أنشودة المطر لبدر شاكر السياب أنموذجًا، صفحة 12. بتصرّف.
  • محمد عزام، تحليل الخطاب الأدبي على ضوء المناهج النقدية الحداثية، صفحة 3. بتصرّف.
  • جمعة العربي الفرجاني، أسس النظرية البنيوية في اللغة العربية، صفحة 15. بتصرّف.
  • مفاز فاروق فؤاد، المنهج البنيوي في ضوء علم اللغة الحديث، صفحة 13. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

النظرية البنيوية: الأصول والمفاهيم الأساسية

المقال التالي

نظرة في المنهج البنيوي وسماته

مقالات مشابهة