مقدمة عن خولة بنت الأزور
تعتبر خولة بنت الأزور من الشخصيات النسائية البارزة في التاريخ الإسلامي، والتي سطعت بنور إيمانها وشجاعتها. هي أخت الفارس المقدام ضرار بن الأزور الكندي، تنتمي إلى أسرة ذات مكانة مرموقة وعقيدة راسخة قبل الإسلام وبعده. فقد استشهد والدها دفاعًا عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان أخوها ضرار من القادة الذين يندر وجود أمثالهم في الشجاعة والإقدام. يذكر التاريخ أن ضرار كان يعد بألف رجل لما يمتلكه من قوة وبأس. توفيت خولة رضي الله عنها في أواخر خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه.
تميزت خولة بجمالها الظاهر والباطن، وقوة إرادتها، وشجاعتها النادرة. خاضت العديد من المعارك وأبلت فيها بلاءً حسنًا، وتركت بصمة واضحة في تاريخ الفروسية والبطولة. كانت تتمتع بفطنة وذكاء مكنها من التفوق على غيرها من النساء في ذلك العصر.
فضائل الصحابية خولة بنت الأزور
تزخر حياة الصحابية خولة بنت الأزور بالعديد من الفضائل والمآثر التي تجعلها قدوة حسنة للمؤمنات. من أبرز هذه الفضائل:
موقفها البطولي في معركة أجنادين لإنقاذ أخيها ضرار
عندما علم خالد بن الوليد بأسر ضرار بن الأزور، انطلق بجيشه لإنقاذه. وفي الطريق، لفت انتباههم فارس ملثم يرتدي ثيابًا سوداء ويحمل رمحًا، وقد عقد عمامة خضراء حول وسطه. كان هذا الفارس يتقدم الصفوف ويهاجم جيش الروم ببسالة وشراسة.
أثار هذا الفارس دهشة خالد والمسلمين، وظنوا أنه خالد نفسه. وبعد جولة قتال عنيفة، انكشف عن هوية هذا الفارس الملثم، فإذا هي خولة بنت الأزور، التي اندفعت لإنقاذ أخيها من الأسر.
دورها في إنقاذ النساء المسلمات في معركة صور
عندما وقعت النساء المسلمات في الأسر في معركة صور، لم تستسلم خولة لليأس، بل أخذت تحرضهن على المقاومة والدفاع عن أنفسهن. اقترحت عليهن أن يأخذن أعمدة الخيام وأوتادها ويطعن بها الأعداء.
استجابت النساء لدعوة خولة، وهاجمن الروم بقوة وشجاعة، وتمكن من قتل العديد منهم وتحرير أنفسهن من الأسر.
تأثير التربية الإيمانية في تكوين شخصية خولة
نشأت خولة بنت الأزور في بيئة مشبعة بالشجاعة والإيمان، وتربت على القيم الإسلامية السمحة. لقد حان الوقت لفتياتنا أن يقتدين بخولة وينفضن عنهن غبار الكسل واللامبالاة، وأن يسعين لتربية جيل جديد من الأبطال والمجاهدين.
لا يمكن للمرأة المسلمة أن تكون قدوة حسنة إلا إذا كانت ملتزمة بتعاليم الإسلام، ومحافظة على صلاتها، وتخاف الله في السر والعلن.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم:
وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ
(الأنفال: 60).
وفي الحديث النبوي الشريف: المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللَّهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ
(صحيح مسلم).
حقيقة شخصية خولة بنت الأزور
خولة بنت الأزور شخصية حقيقية وليست خيالية، وقد تركت بصمة واضحة في التاريخ الإسلامي بفضل بطولاتها ومآثرها. هناك من يشكك في وجودها نظرًا لكثرة القصص المروية عنها، ولكن هذه القصص حقيقية وثابتة في كتب التاريخ والسير.
كانت خولة شاعرة فصيحة وفارسة شجاعة، ولها العديد من الأخبار والقصص المتعلقة بفتوحات الشام. تتميز أشعارها بالجزالة والفخر.
ذكر ابن كثير في كتابه “البداية والنهاية” أنها شاركت في معركة اليرموك مع عدد كبير من النساء، وقاتلت ببسالة وشجاعة، وقتلت العديد من الروم. هذه الحقائق تؤكد حقيقة وجود الصحابية الجليلة خولة بنت الأزور، وتدحض مزاعم المشككين. فنساء المسلمين هن مقاتلات باسلات، وخولة هي الفارس الذي أثار دهشة المسلمين بشجاعته وإقدامه.
ذلك الفارس الملثم الذي واجه الروم بشجاعة منقطعة النظير، واقتحم صفوفهم وأشعل فيها النيران، ثم اختفى وسطهم ولم يظهر إلا وسيفه ملطخ بدمائهم، لم يكترث بالخطر الذي يحيط به، وكان همه الوحيد هو نصرة الإسلام وإعلاء كلمة الله.
المراجع
- أ. عبدالله العفيفي، “المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها”، صفحة 96. بتصرّف.
- ب. زينب فواز، “الدر المنثور في طبقات ربات الخدور”، صفحة 184-190. بتصرّف.
- ج. أبو خالد الراشد، “دروس الشيخ خالد الراشد”، صفحة 12. بتصرّف.
- د. أرشيف ملتقى أهل الحديث، “أرشيف ملتقى أهل الحديث”، صفحة 241. بتصرّف.
