المحتويات:
الحيوانات التي ورد الأمر بقتلها
وردت نصوص شرعية في السنة النبوية تدل على جواز قتل بعض الحيوانات، بل الأمر بقتلها في بعض الحالات، سواء داخل حدود الحرم أو خارجه. وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
“خَمْسٌ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ في الحِلِّ وَالْحَرَمِ: الحَيَّةُ، وَالْغُرَابُ الأبْقَعُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ العَقُورُ، وَالْحُدَيَّا.”
كلمة “فواسق” تعني الخارجات عن المعهود والمألوف. وقد تعددت الآراء في سبب تسميتها بالفواسق:
- تسميتها بالفواسق على سبيل الاستعارة، تحقيراً لها ولما تسببه من أذى وخبث، تشبيهاً لها بالفاسقين.
- لخروجها عن الحرمة في الحل والحرم، أي لا حرمة لها في أي مكان وزمان.
- لإيذائها وخطورتها وصعوبة تجنبها، مما يستدعي قتلها.
- لإفسادها وإيذائها المتجاوز لحدود غيرها من الحيوانات.
اختلف العلماء في تحديد هذه الفواسق، وبيان ذلك فيما يلي:
- الرأي الأول: الفأرة، والعقرب، والغراب، والحدأة، والكلب. استند أصحاب هذا الرأي إلى الحديث النبوي الشريف: “خمسُ فواسِقَ يُقتَلنَ في الحِلِّ والحرمِ: الغرابُ، والحدأةُ، والكلبُ العقورُ، والعقربُ، والفأرةُ”.
- الرأي الثاني: يرى أصحابه أن الفواسق ستة، بإضافة الأفعى إلى الخمسة المذكورة في الحديث السابق. وقد جمع أصحاب هذا الرأي بين الحديثين.
الأفعى
تعتبر الأفعى من الحيوانات التي يجوز قتلها بلا خلاف. وقد سُئل نافع عن قتل الأفعى، فأجاب بأنه لا شك في ذلك ولا يوجد خلاف بين العلماء في جواز قتلها. ودليل ذلك جواب ابن عمر -رضي الله عنه- عندما سُئل عما يجوز للمحرم قتله من الدواب، فقال:
“حَدَّثَتْنِي إحْدَى نِسْوَةِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، أنَّهُ: كانَ يَأْمُرُ بقَتْلِ الكَلْبِ العَقُورِ، وَالْفَأْرَةِ، وَالْعَقْرَبِ، وَالْحُدَيَّا، وَالْغُرَابِ، وَالْحَيَّةِ. قالَ: وفي الصَّلَاةِ أَيْضًا”.
يجوز قتل الأفعى أثناء الصلاة بلا كراهة. وتُسمى الأفعى مع العقرب “الأسودين”. ورغم أن بعض العلماء قد كره قتلها في الصلاة، إلا أن ابن عمر وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- قد قتلاها أو همّا بقتلها في الصلاة. ولا يشترط عدد معين من الضربات لقتلها.
الغراب
يجوز قتل الغراب، فهو من الفواسق الخمس المذكورة في الحديث. وقد ورد في بعض الروايات، كصحيح مسلم، تحديد الغراب بالأبقع، وهو الغراب الذي يمتلك بقعاً بيضاء على ظهره أو بطنه. ويُلحق به في جواز القتل ما شاركه في صفات الإيذاء وتحريم الأكل، كما ذكر ابن قدامة. واتفق الفقهاء على جواز أكل غراب الزرع أو الزاغ، وهو الغراب الصغير الذي يأكل الحب.
تعددت آراء العلماء في تحديد نوع الغراب الذي يجوز قتله:
- الحنفية: خصوا الغراب الذي يأكل النجاسات، ويستثنى من ذلك العقعق وغراب الزرع. فالعقعق يشبه الحمامة في الحجم وله ذيل طويل فيه بياض وسواد، ولا يقتل لأنه يأكل الحب.
- المالكية: لم يفرقوا بين أنواع الغراب في القتل، فجميعها يجوز قتلها.
- الشافعية: قسموا الغراب إلى أنواع:
- ما يقتل بلا خلاف: الأبقع، والأسود الكبير (الغداف الكبير أو الجبلي)، والأسود أو الرمادي الصغير (الغداف الصغير)، والعقعق.
- ما هو حلال على الأصح عندهم: غراب الزرع الأسود الصغير، والغراب الأحمر المنقار والرجلين.
- الحنابلة: فرقوا بين ما يؤكل وما لا يؤكل، فما يؤكل لا يعد من الفواسق ولا يجوز للمحرم قتله. أما العقعق، والقاق، وغراب البين، والأبقع، فلا يجوز أكلها وهي من الفواسق التي يجوز قتلها.
الفأر
اتفق الفقهاء على أن الفأر من الفواسق التي تقتل، ولا فرق بين الأهلية والوحشية منها عند الحنفية. وألحق المالكية ابن عرس بالفأر، وكذلك ما يقرض الثياب من الدواب. وذهب ابن حجر إلى جواز قتل جميع أنواعها كالجُرذ والخُلد وفأرة المسك. ويحرم أكلها. وتسمى الفأرة أيضاً بالفار، ولا فرق بين الصغير والكبير منها.
الكلب المفترس
وهو الكلب الذي يعقر الناس أي يعتدي عليهم بالعض أو الجرح ويخيفهم، أو هو الكلب المسعور. ويشمل ذلك الأسد، والنمر، والفهد، والذئب عند جمهور العلماء، فالحديث نبه على كل ما يشاركه في الأذى بالعدوان والعقر.
تعددت أقوال العلماء في بيان الكلب العقور:
- هو الكلب المعروف.
- يطلق على كل حيوان مفترس من السباع.
- هو الذئب فقط.
فالكلب العَقور الذي يجوز قتله هو ما كان من السباع ويعقر ويعتدي كالأسد والنمر وغير ذلك. أما ما لا يعتدي على الإنسان فليس بِعقور.
الحدأة
وردت في الأحاديث بلفظ الحدأة أو الحديا، وهي الحيوان الذي يسرق الدواجن والأطعمة. وهي نوع من أنواع الطيور المعروفة، وتمتاز بسرقة الأمتعة.
العقرب
العقرب كائن طويل كثير الأرجل، وقد اتفق الفقهاء على جواز قتله في الحل والحرم. وأباح الفقهاء قتله أثناء الصلاة، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:
“أمر بقتلِ الأسودينِ في الصَّلاةِ العقربُ والحيَّةُ”.
وأراد النبي من إباحة قتل العقرب إباحة قتل جميع الهوام، أي حشرات الأرض المؤذية.
إباحة قتل الوزغ
الوزغ من الحشرات المؤذية التي أمر النبي بقتلها. وقد وردت أحاديث تبين الأجر المترتب على قتل الوزغ، فمن قتله بضربة واحدة له مئة حسنة، ومن قتله بالضربة الثانية فالحسنات المترتبة أقل، وكذلك الثالثة، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:
“مَن قَتَلَ وزَغًا في أوَّلِ ضَرْبَةٍ كُتِبَتْ له مِئَةُ حَسَنَةٍ، وفي الثَّانِيَةِ دُونَ ذلكَ، وفي الثَّالِثَةِ دُونَ ذلكَ. وفي رواية : في أوَّلِ ضَرْبَةٍ سَبْعِينَ حَسَنَةً”.
العلة من إباحة قتل بعض الحيوانات
أجاز الإسلام قتل الفواسق لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-:
“خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لا حَرَجَ علَى مَن قَتَلَهُنَّ: الغُرَابُ، والحِدَأَةُ، والفَأْرَةُ، والعَقْرَبُ، والكَلْبُ العَقُورُ”.
ونقل ابن المنذر وابن حزم الإجماع على ذلك، كما أجاز قتل غيرها مما قد يسبب الأذى بطبعه أو بغير طبعه، للأحاديث الواردة في قتل الفواسق، حيث بينت الصورة الأدنى من كل جنس تنبيهاً على ما هو أعلى منه في الأذى، فالنص على قتل الكلب العقور مثلاً فيه تنبيه لجواز قتل السباع المؤذية، فهي أعلى منه في الأذى.
واتفق الجمهور على قتل ما كان يأخذ نفس طباعها من الأذى، وأن ما جاء في الأحاديث مثال عليها فقط، وليست مقصورة عليها أو على عددها، وأما الحنفية فيرون قصرها على الخمسة الواردة في الحديث. والحكمة من تخصيص الجواز بقتلها لأنها تسبب الذعر والإفساد، وتكثر في المساكن والعمران، ويصعب دفعها أو التحرز منها. كما أنها من المؤذيات، ومن أذاها ما تسببه من النجاسة، وأكل ما يغفل الناس عنه، بالإضافة إلى اعتدائها على الناس أو مواشيهم.
المصادر
- صحيح مسلم، حديث رقم: 1198.
- صحيح مسلم، حديث رقم: 1200.
- صحيح النسائي، حديث رقم: 2881.
- صحيح ابن ماجه، حديث رقم: 1036.
- صحيح مسلم، حديث رقم: 2240.
- صحيح مسلم، حديث رقم: 2240.
- صحيح البخاري، حديث رقم: 1828.