حكم تناول حيوان النيص (الضربان الشوكي)

تعريف بحيوان النيص (الضربان الشوكي). استعراض الأحكام الشرعية المتعلقة بأكل النيص. معيار تحديد المستقذرات المحرم أكلها في الشريعة الإسلامية.

لمحة تعريفية عن حيوان النيص

النيص، أو ما يعرف بالضربان الشوكي، هو حيوان بري يعيش في مناطق متنوعة مثل الصحاري والجبال والغابات. يعرف في كتب التراث العربية باسم “الدلدل”، ويتميز بشكله الذي يشبه القنفذ كبير الحجم، إذ قد يصل حجمه إلى حجم الماعز أو الخروف الصغير. وقد سمي “نيصًا” لبطء حركته، وكأنه يعيق من يسير معه.

وقد وصفه بعض العلماء بأنه يشبه “الشيهم العظيم”، وذكروا أن له أشواكًا سميكة كالإصبع، يعيش في الجبال، وعندما يشعر بالخطر، ينتفض ويرمي بأشواكه التي قد تصيب وتؤذي. التشابه الجسماني بين النيص والقنفذ كبير، كالفرق بين البقرة والجاموس، أو الجرذ والفأر. كما يشتهر النيص بحدة سمعه، حتى أن العرب تضرب به المثل في ذلك فتقول: “فلان أسمع من دلدل”.

نظرة في الحكم الشرعي لأكل لحم النيص

يرى العلماء أن حكم أكل النيص لا يختلف عن حكم أكل القنفذ، نظرًا للتشابه الكبير بينهما في الشكل والعادات الغذائية. وقد تعددت الآراء في حكم أكله بناءً على الاختلاف في تصنيفه كحيوان مستخبث أم لا. ويمكن تلخيص الآراء كما يلي:

  • القول بالإباحة: يستند هذا الرأي إلى عموم الأدلة الشرعية التي تفيد إباحة ما لم يرد فيه نص بالتحريم، مثل قوله تعالى:
    “(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا)” (سورة البقرة، آية:29).
    وكذلك حديث:(ما أَحَلَّ اللهُ في كتابِه فهوَ حَلالٌ، وما حَرَّمَ فهوَ حرامٌ، وما سَكَتَ عنهُ فهوَ عَفْوٌ، فَاقْبَلوا مِنَ اللهِ عَافِيَتَهُ). (رواه البزار، في مسند البزار، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم:4087، إسناده صالح).
    إذ لا يوجد دليل قاطع يحرم أكل لحمه.
  • القول بالتحريم: يستدل أصحاب هذا الرأي بقوله تعالى:(وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) (سورة الأعراف، آية:157).
    وقد ورد أن شيخًا قال لابن عمر: سَمِعتُ أبا هُرَيرةَ يقولُ: ذُكِرَ القنفذ عندَ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فقالَ:(خُبيثٌ مِنَ الخبائثِ). (رواه الإمام أحمد، في مسند الإمام أحمد، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:8954، ضعفه شعيب الأرناؤوط).
    ويرون أنه حيوان مستقذر يأكل الحشرات، وأن العرب أصحاب اليسار يستخبثونه.

أسس تحديد الأطعمة المستقذرة المحرمة التي لم يرد بشأنها نص

إن اعتبار طعام ما مستقذرًا هو حكم نسبي، فما يعتبر مستقذرًا في ثقافة ما، قد لا يكون كذلك في ثقافة أخرى، والعكس صحيح. فكيف يمكن تحديد معيار شرعي لتحريم حيوان ما بناءً على كونه من المستقذرات الخبيثة؟

يرى بعض العلماء أن “الطيب” هو ما تستطيبه نفوس العرب، و”المستقذر” هو ما تستخبثه، لأن الضمير في الآية (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) يعود على العرب، وهذا ما ذهب إليه الشافعي.

بينما يرى النووي أنه لا يجوز الرجوع في تحديد المستقذر إلى اختلاف الشعوب والثقافات، لأن ذلك سيؤدي إلى اختلاف أحكام الحلال والحرام، وهذا يخالف كون الشريعة تخاطب جميع الناس. لذلك، رأى الفقهاء أن العرب هم أولى الأمم بأن يؤخذ باستقذارهم لطعام ما، لأنهم المخاطبون بالآية. والأفضل أن يتم الرجوع في كل زمان ومكان إلى عرب موجودين فيه، فإن استقذروه فهو حرام.

وقد قيد ابن قدامة الحنبلي هذا الرأي بعرب الحجاز للسبب ذاته. فالذين يعتد باستقذارهم للحيوانات المكتشفة في بلدان ليست من بلاد العرب (من غير المنصوص عليها) هم العرب من أهل الحجاز الذين يعيشون في تلك البلدان، لأنهم هم الذين نزلت عليهم الآية، فيرجع مطلق ألفاظ القرآن إلى عرفهم دون غيرهم.

المراجع

  • أبالدميري، حياة الحيوان الكبرى، صفحة 470. بتصرّف.
  • ابن أبي تغلب، نيل المآرب بشرح دليل الطالب، صفحة 398. بتصرّف.
  • المرتضى الزبيدي، تاج العروس، صفحة 197.
  • ابن سيده، المخصص، صفحة 303.
  • عبد الكريم اللاحم، المطلع على دقائق زاد المستقنع، صفحة 58. بتصرّف.
  • سورة البقرة، آية:29
  • رواه البزار، في مسند البزار، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم:4087، إسناده صالح.
  • سورة الأعراف، آية:157
  • رواه الإمام أحمد، في مسند الإمام أحمد، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:8954، ضعفه شعيب الأرناؤوط.
  • البهوتي، الروض المربع بشرح زاد المستقنع، صفحة 429. بتصرّف.
  • أبالبقاعي، نظم الدرر، صفحة 326. بتصرّف.
  • النووي، روضة الطالبين وعمدة المفتين، صفحة 276. بتصرّف.
  • ابن قدامة، المغني، صفحة 316. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

الرأي الشرعي في تناول الزجاج

المقال التالي

الرأي الشرعي في تناول العقارب

مقالات مشابهة