عشق النبي لخديجة |
جذور الحب العميق |
بعد الفراق: مظاهر الحب الخالد |
المصادر |
عشق النبي ﷺ لخديجة بنت خويلد
يُعدّ حب النبي محمد ﷺ لخديجة بنت خويلد –رضي الله عنها– قصةً فريدةً في تاريخ الإسلام. وقد وصف النبي ﷺ حبه لها بقوله: (إنِّي قدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا). [١] وهذا الحديث الشريف يشير إلى عمق مشاعره تجاهها، وإلى المكانة المتميزة التي احتلتها في قلبه.
لم يكن حب النبي ﷺ لخديجة مجرد انجذاب عاطفي، بل كان امتداداً لإعجابه بفضائلها الكثيرة، وإيمانها الراسخ به، ودعمها المتواصل له في بداية الدعوة الإسلامية.
جذور الحب العميق
تعددت أسباب حب النبي ﷺ لخديجة، فقد آمنت به عندما كفره الناس، وصدقته عندما كذبه الناس، وواساته بمالها عندما حرمه الناس. هذه المواقف البطولية التي اتخذتها خديجة، تُظهر مدى قوة إيمانها وشجاعتها.
كما أنّ خديجة –رضي الله عنها– كانت مثالاً للزوجة الصالحة، المطيعة، والعاقلة. وقد دعمت زوجها بكل ما تملك من مال وقوة، مُشجعةً إيّاه على مواصلة رسالته. كذلك، كانت خديجة أمّاً لأغلب أبناء النبي ﷺ، مما عزز من روابط الحب والمودة بينهما.
لم ينسَ النبي ﷺ فضل خديجة عليه، فقد أثنى عليها كثيراً بعد وفاتها، مُذكّراً بإيمانها به وتأييدها له في أصعب ظروف حياته. وقولها له عند نزول الوحي الأول:(كَلّا واللَّهِ ما يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ) [٥][٦] كان بمثابة دعم نفسي ومؤازرة قوية له في بداية رسالته.
كما بشرها النبي ﷺ ببيت في الجنة، دليلاً على مكانة خديجة الرفيعة عنده وعند الله -تعالى-، كما روى أبو هريرة -رضي الله عنه-: (أَتَى جِبْرِيلُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ: هذِه خَدِيجَةُ قدْ أتَتْ معهَا إنَاءٌ فيه إدَامٌ، أوْ طَعَامٌ أوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هي أتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِن رَبِّهَا ومِنِّي وبَشِّرْهَا ببَيْتٍ في الجَنَّةِ مِن قَصَبٍ لا صَخَبَ فِيهِ، ولَا نَصَبَ). [١٥][١٦][١٧]
بعد الفراق: مظاهر الحب الخالد
لم يتزوج النبي ﷺ بعد وفاة خديجة بغيرها من النساء طوال فترة حياتها، وهذا يدلّ على عظم محبته لها وإخلاصه لها. وقد ظهر حبّه لها حتى بعد وفاتها في مواقف عديدة، منها غيرة عائشة –رضي الله عنها– عليه من خديجة –رضي الله عنها–، رغم أنّها لم ترها أبداً. وقد نقلت عائشة –رضي الله عنها– حديث النبي ﷺ عن خديجة بقولها: (ما غِرْتُ علَى أحَدٍ مِن نِسَاءِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ما غِرْتُ علَى خَدِيجَةَ، وما رَأَيْتُهَا، ولَكِنْ كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا). [٢٦][٢٨][٢٩]
كما كان النبي ﷺ يُكثر من ذكر فضائل خديجة ومحاسنها، ويُخرج الصّدقة لصديقاتها بعد وفاتها، مُظهِراً بهذا حبّه لها وإكرامه لها حتى بعد مَماتها. وكان يُظهر سروره عندما يُقابِل أختها هالة، لأنّ صوتها يُذكّره بصوت خديجة –رضي الله عنها–.
كان النبي ﷺ يُثني على خديجة ويذكر محاسنها، كأنها كانت الامرأة الوحيدة في الوجود، وهذا يدلّ على حبه العميق لها وابتهاجه بذكرها. وقد استقبل كلّ من كان يربطه بها، معبراً عن حبّه لها وحنينه إليها. وإنّ حزنه الشديد على وفاتها في عام الحزن، يُظهر مدى عظم المحبة التي كان يحملها لها في قلبه.