مقدمة
في اللغة العربية، توجد عدة كلمات تصف فقدان البصر، ولكل منها دلالتها الخاصة. من بين هذه الكلمات “الأعمى” و”الأكمه”. يهدف هذا المقال إلى توضيح الفروق الدقيقة بين هذين المصطلحين، واستعراض معانيهما اللغوية والقرآنية.
دلالة كلمة الأعمى
يذكر ابن منظور في “لسان العرب” أن كلمات الأعمى، المكفوف، والضرير هي مترادفات لشخص فقد بصره. وبالتالي، فإن المكفوف هو الضرير، والرجل المكفوف هو الأعمى.
لغويًا، كلمة الأعمى مشتقة من الأصل (ع م ي)، الذي يعني ذهاب البصر. وقد وردت هذه الكلمة في العديد من الآيات القرآنية، منها قول الله تعالى:
{أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}.
وفي آية أخرى، يقول الله تعالى:
{وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً ۚ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}.
كما استُخدمت كلمة “العمى” في الشعر، كما في قول المتنبي:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي *** وأسمعت كلماتي من بهم صمم
تفسير كلمة الأكمه
كلمة “أكمه” (ومؤنثها كمهاء) هي صفة مشبهة تدل على الثبوت من الفعل “كمه”. وتُطلق كلمة الأكمه على الشخص الذي يولد أعمى. ويُقال “كَمِهَت الشمس” إذا علتها غبرة فأظلمت. كما يُقال “كمه بصره” بمعنى سُلِب عقله، أو تغير لونه، أو تحير وتردد.
وقد قال رؤبة:
هرّجت فارتدّ ارتداد الأكمه
وقال سويد:
كَمِهت عيناه حتى ابيضتا
وقد وردت كلمة الأكمه في القرآن الكريم، كما في قوله تعالى:
{وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ}.
ذكر الأكمه والأعمى في الذكر الحكيم
ورد ذكر الأكمه والأعمى في عدة مواضع في القرآن الكريم، منها:
قول الله تعالى:
{وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }.
وقوله تعالى:
{وما يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ }.
خلاصة
يتضح مما سبق أن كلمة “الأعمى” تستخدم للإشارة إلى الشخص الذي فقد بصره سواء كان ذلك منذ الولادة أو في مرحلة لاحقة من حياته. بينما كلمة “الأكمه” تُستخدم تحديدًا للإشارة إلى الشخص الذي ولد أعمى. هذا التمييز الدقيق يعكس غنى اللغة العربية وقدرتها على التعبير عن أدق التفاصيل.