فضل صلاة التراويح للرجال في المسجد
يرى جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة أن أداء صلاة التراويح في المساجد هو سنة مؤكدة عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-. وقد استندوا في ذلك إلى ما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-:
“أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى في المَسْجِدِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَصَلَّى بصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، أَوِ الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إليهِم رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ، قالَ: قدْ رَأَيْتُ الذي صَنَعْتُمْ، فَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ علَيْكُم. قالَ: وَذلكَ في رَمَضَانَ”.[١][٢]
يدل هذا الحديث الشريف على أهمية صلاة التراويح في المسجد وتشجيع النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها.
تقييم صلاة التراويح للرجال في البيت
على الرغم من جواز أداء صلاة التراويح في البيت، إلا أن أداءها في المسجد يعتبر أفضل. والسبب في ذلك يعود إلى ما تتضمنه صلاة الجماعة في المسجد من فوائد جمة. فمن المعروف أن الصلاة في جماعة تفوق الصلاة الفردية في الأجر والثواب. أما إذا كان الناس يصلون فرادى في المسجد، فإن الصلاة في البيت تصبح أفضل.
ويرى بعض علماء المالكية أنه إذا كان المصلي حافظًا للقرآن الكريم ومتقنًا لتجويده، وأراد أن يحيي ما حفظه من القرآن في البيت، فإن ذلك يعد أفضل له. ولكن هذا بشرط ألا يؤثر ذلك على إقامة صلاة التراويح في المسجد. فصلاة التراويح هي النافلة الوحيدة التي يُسن أداؤها في جماعة.[٥]
كما يجوز للرجال أداء صلاة التراويح في جماعة في البيت، خاصة إذا كان الذهاب إلى المسجد يشكل مشقة عليهم.[٦]
نظرة على صلاة التراويح للنساء في المسجد
الأصل في صلاة المرأة أن تكون في بيتها. ولكن يجوز لها أن تصلي في المسجد إذا خشيت أن تتهاون في الصلاة أو تضيعها، أو إذا كانت تشعر بأن الصلاة في المسجد تزيد من خشوعها وطمأنينتها. ففي هذه الحالات، تكون صلاتها في المسجد أفضل من صلاتها في البيت.
وقد روي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
“لا تمنعوا نساءَكمُ المساجدَ وبيوتُهنَّ خيرٌ لَهنَّ”.[٧]
وقال الإمام النووي -رحمه الله-: “جماعة النساء في البيوت أفضل من حضورهن المسجد”.[٨]
وإذا كان الذهاب إلى المسجد يؤدي إلى إلحاق ضرر بالآخرين أو التقصير في حق أحد يقع ضمن مسؤولية المرأة، فيجب عليها البقاء في بيتها والقيام بمسؤولياتها وأداء صلاتها في بيتها.[٩]
منزلة صلاة التراويح
تعتبر صلاة التراويح من أجلّ العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله -تعالى-. وقد حرص عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- وحث عليها.[١٠] وتشمل النصوص الواردة في فضل قيام الليل من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة فضل صلاة التراويح.[١١]
قال -تعالى-:
“أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ”.[١٢]
وروى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
“مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”.[١٣][١١]
المراجع
- [١] رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم:761، صحيح .
- [٢] مجموعة من المؤلفين (1433)،الموسوعة الفقهية، صفحة 470، جزء 1. بتصرّف.
- [٣] مجموعة من المؤلفين (2009)،فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 8959، جزء 11. بتصرّف.
- [٤] محمد الدويش ،دروس الشيخ محمد الدويش، صفحة 17، جزء 6. بتصرّف.
- [٥] عطية سالم ،شرح بلوغ المرام، صفحة 7، جزء 156. بتصرّف.
- [٦] مجموعة من المؤلفين ،فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 8949، جزء 11. بتصرّف.
- [٧] رواه الألباني ، في صحيح أبي داود ، عن عبد الله بن عمر ، الصفحة أو الرقم:567، صحيح .
- [٨] مجموعة من المؤلفين (1433)،الموسوعة الفقهية، صفحة 471، جزء 1. بتصرّف.
- [٩] مجموعة من المؤلفين (2009)،فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 8967، جزء 11. بتصرّف.
- [١٠] عبد العزيز بن باز ،مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، المملكة العربية السعودية :رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء، صفحة 318، جزء 11. بتصرّف.
- [١١] أبعبد الرحمن العقل (2016)،التباريح في صلاة التراويح(الطبعة 1)، المملكة العربية السعودية :مركز النخب العلمية، صفحة 17. بتصرّف.
- [١٢] سورة الزمر ، آية:9
- [١٣] رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:37، صحيح .