تعزيز الثقة بالله وأثرها في حياتنا

استكشف أهمية الاعتماد على الله في كل جوانب حياتنا. خطبة عن كيفية تعزيز ثقتنا بالله والتغلب على تحديات الحياة بالإيمان والتوكل عليه.

تمهيد

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونسترشده، ونتوب إليه. ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف عنها الغمة، فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

التأكيد على أهمية تقوى الله

أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فالتقوى هي سبيل النجاة والفلاح في الدنيا والآخرة. امتثالًا لقوله -تعالى-:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا). فالتقوى هي وصية الله لنا جميعًا، وهي سبيلنا لتحقيق السعادة والرضا.

الجزء الأول من الخطبة

أيها الإخوة: في خضمّ ما نمر به من تحديات الحياة وتقلباتها، تبرز أهمية التمسك بالثقة بالله -عز وجل-. إن الثقة بالله هي البلسم الشافي للقلوب، والمفرج للكروب، فعندما نوقن بأن هناك من يرعانا ويدبر أمرنا، فإن ذلك يمنحنا القوة والصبر لمواجهة الصعاب. فالله -سبحانه وتعالى- لا يخذل عباده المؤمنين.

يقول الله -تعالى- في كتابه العزيز:(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً). هذه الآية الكريمة تبيّن لنا أن الثقة بالله هي مفتاح الرزق والتيسير، وأن من يتوكل على الله فهو كافيه وحسبه.

يجب علينا أن نضع ثقتنا الكاملة في الله -سبحانه وتعالى- في كل تفاصيل حياتنا، ففي ذلك راحة للبال، وسكينة للروح، وتحقيق للعبودية الحقة لله. فالثقة بالله هي سبب النصر والتمكين في الدنيا والآخرة. يقول الله -تعالى-:(مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ). ويقول أيضًا:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ).

لقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- مثالًا للثقة بالله والتوكل عليه في كل أموره، وعلم أصحابه الكرام هذا المنهج القويم، وأرشدهم إلى حسن الظن بالله، فالحياة لا تستقيم إلا بالثقة بالله والسير على نهج رسوله الكريم.

لقد أكد الله -جل جلاله- في العديد من الآيات على أهمية التوكل عليه والثقة به، فقال:(وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا). وقال:(وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ).

الثقة بالله هي اختبار لإيماننا، وتجسيد لعلم الله بالغيب وقدرته على كل شيء. وتتجلى هذه الثقة في تسليمنا لأمر الله، واعتمادنا عليه في كل شؤوننا. قصة هاجر أم إسماعيل -عليهما السلام- خير مثال على ذلك، حينما تركهما إبراهيم -عليه السلام- في وادٍ غير ذي زرع، فقالت له: “إذن لن يضيعنا الله”. فكانت هذه الكلمات بداية لرحمات الله وبركاته عليهما.

الجزء الثاني من الخطبة

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونصلي ونسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول الله -سبحانه وتعالى-:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).

لقد ضرب الأنبياء والصالحون أروع الأمثلة في الثقة بالله، فمن ذلك:

  • سيدنا إبراهيم -عليه السلام- عندما ألقي في النار، وثق بالله ثقة مطلقة فنجاه الله منها. فعندما عرض عليه جبريل المساعدة رفضها قائلا أما منك فلا وأما من ربك فنعم. وقد صدق الله سيدنا إبراهيم -عليه السلام- وصدقهُ الله -تعالى- فأنجاهُ منها وخلّدها في القرآن الكريم، حيث قال -تعالى-:(قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ).
  • سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- عندما اختبأ في الغار ولاحقه كفار قريش، وثق بالله فنجاه الله وأعمى بصائرهم عنه.

الدعاء

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات.

اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبًا إلا غفرته ولا همًا إلا فرّجته، ولا دينًا إلا قضيته، ولا مريضًا إلا شفيته وعافيته، ولا مسافرًا إلّا إلى أهله رددته.

اللهم احفظ بلدنا هذا من الفتن ما ظهر منها وما بطن وسائر بلاد المسلمين.

اللهم أعنّا ولا تُعِن علينا، وأكرمنا ولا تهُنّا، وأعطنا ولا تحرمنا.

عباد الله، إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكّرون، وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.

المصادر

  1. أبعبد الرحمن بن معلا اللويحق، كتاب موضوعات خطبة الجمعة، صفحة 6. بتصرّف.
  2. [محمد صالح المنجد]، كتاب موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 221. بتصرّف.
  3. محمد الغزالي، كتاب فقه السيرة للغزالي، صفحة 174. بتصرّف.
  4. [الطبراني]، كتاب الدعاء الطبراني. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

الترابط والتآزر في المجتمع

المقال التالي

وصف الجنة و بهجتها للمتقين

مقالات مشابهة

مقومات الإيمان الراسخ: دروب الثبات على دين الله

استكشاف أهم العوامل التي تُسهم في ترسيخ الإيمان وتعزيز الثبات على دين الله، من خلال تجنب المحرمات، ومجالسة الصالحين، وقراءة القرآن الكريم، وغيرها من الممارسات الروحية والعلمية.
إقرأ المزيد