تضرع النبي في الطائف: دراسة وتحليل

استكشاف لتضرع النبي صلى الله عليه وسلم في الطائف، تحليل لصحته، وشرح لمعانيه العميقة. تعرف على الظروف التي أحاطت بهذا التضرع وأثره.

صيغة التضرع النبوي في الطائف

يذكر في بعض الروايات – وإن كانت ضعيفة السند – أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تضرع بدعاء مؤثر عند عودته من الطائف، وذلك بعد ما لاقاه من أهلها من صد وإيذاء، ورجم بالحجارة. وقد جاء في هذا التضرع:

“اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين، وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهّمني أو إلى عدوٍ ملكته أمري، إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو تحل عليّ سخطك لك العقبى حتى ترضى لا حول ولا قوة إلا بك.”

يعكس هذا التضرع حالة من الضيق واللجوء إلى الله، مع التسليم الكامل لقضائه وقدره.

مدى صحة التضرع المنسوب للنبي في الطائف

عند النظر إلى سند الحديث الذي يروي هذا التضرع، نجد أن العلماء قد اختلفوا في درجته. فقد أورده الطبراني في معجمه، ولكن الشيخ الألباني رحمه الله قد ضعفه في “السلسلة الضعيفة” و”ضعيف الجامع”.

كما أخرجه ابن إسحاق في كتابه “السيرة”، إلا أن سنده عنده مرسل. والحديث المرسل، كما هو معلوم عند أهل العلم، لا يُحتج به إلا بوجود ما يقويه. وبناء على ذلك، فإن هذا التضرع لا يثبت بصورة قاطعة من الناحية الحديثية.

ومع ذلك، فإن ضعف السند لا يمنع من الاستفادة من معاني التضرع، خاصة وأنها تتفق مع أصول الدين وقواعده.

تفسير لمعاني التضرع النبوي في الطائف

عند التأمل في كلمات التضرع، نجد فيها معاني عظيمة تدل على عظمة الله وقدرته، وعلى ضعف الإنسان وحاجته إليه. وفيما يلي تفصيل لبعض هذه المعاني:

  • “اللهم أشكو إليك”: إشارة إلى أن الشكوى لا تكون إلا لله، فهو وحده القادر على كشف الضر وجلب النفع. والشكوى إلى الله لا تتعارض مع الصبر، بل هي دليل على التوكل عليه والاعتماد عليه.
  • “ضعف قوتي وقلة حيلتي”: اعتراف بالعجز والقصور أمام قدرة الله وعظمته. فالإنسان مهما بلغ من القوة والجاه، فهو ضعيف أمام قوة الله.
  • “هواني على الناس”: إحساس بالاستخفاف والتحقير من قبل الآخرين. وقد تعرض النبي صلى الله عليه وسلم لكثير من الأذى والاستهزاء من قومه وغيرهم.
  • “يا أرحم الراحمين”: توسل إلى الله برحمته الواسعة التي وسعت كل شيء. فرحمة الله هي الأمل الذي يتعلق به المؤمن في كل حال.
  • “رب المستضعفين”: زيادة في الاستعطاف واللجوء إلى الله، فهو ناصر الضعفاء ومجيب دعوة المضطرين.
  • “إلى من تكلني”: سؤال استنكاري يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرجو إلا الله، ولا يعتمد إلا عليه.
  • “إلى بعيد يتجهمني أو إلى عدو ملكته أمري”: طلب الحماية من الأعداء والمتربصين، والتوكل على الله في دفع شرهم.
  • “إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي”: تفضيل لرضا الله على كل شيء، فإذا كان الله راضياً عن العبد، فإنه لا يبالي بما يصيبه من المصائب والابتلاءات.
  • “ولكن عافيتك هي أوسع لي”: طلب العافية والسلامة من كل مكروه، فالعافية هي خير ما يسأله العبد ربه.
  • “أعوذ بنور وجهك”: استجارة بالله وطلب الحماية منه، فالنور هو رمز الهداية والإيمان.
  • “أشرقت له الظلمات”: إشارة إلى أن نور الله يزيل الظلام والجهل، ويهدي إلى الحق والصواب.
  • “لك العتبى حتى ترضى”: طلب الرضا من الله والسعي إليه بكل ما يرضيه.
  • “ولا حول ولا قوة إلا بك”: اعتراف بأن كل قوة وقدرة هي من الله وحده، ولا حول للعبد ولا قوة إلا بتوفيقه وعونه.

إن هذا التضرع، على الرغم من ضعف سنده، يحمل في طياته معاني عظيمة يمكن للمسلم أن يستفيد منها في حياته، وأن يلجأ بها إلى الله في أوقات الشدة والرخاء.

المصادر والمراجع

  • الألباني، ضعيف الجامع، عن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:1182، ضعيف.
  • شمس الدين السخاوي،الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية، صفحة 158.
  • مجموعة من المؤلفين،فتاوى الشبكة الاسلامية، صفحة 1946. بتصرّف.
  • أكرم العمري،السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية، صفحة 186. بتصرّف.
  • محمد الزرقاني،شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، صفحة 63-65. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

أدعية الصباح لجلب الرزق والبركة

المقال التالي

أدعية النبي في ليلة القدر

مقالات مشابهة