مقدمة
سورة يونس هي سورة مكية، باستثناء الآيات رقم (40، 94، 95، 96). نزلت بعد سورة الإسراء وقبل سورة هود، وتتكون من مئة وتسع آيات. يتمحور مضمونها الأساسي حول إرساء قواعد التوحيد ونبذ الشرك بكل أشكاله، وإثبات صدق الرسالة المحمدية الخالدة والمؤيدة من الله عز وجل، وكذلك إبراز تفاصيل يوم القيامة من البعث والجزاء وما يترتب على ذلك من أهداف الدين وقيمه وأسسه. هذه المحاور هي السمة الغالبة على السور المكية.
الترابط بين سورة يونس والسورة التي تسبقها
تختتم سورة التوبة، وهي السورة التي تسبق سورة يونس في ترتيب المصحف، بالإشارة إلى رسالة ونبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. الأمر نفسه يتكرر في نهاية سورة يونس. كما أن سورة التوبة تتناول في معظم آياتها أحوال المنافقين وأقوالهم وأفعالهم في زمن نزول القرآن، بينما تركز سورة يونس على وصف أحوال الكفار وآرائهم حول القرآن الكريم.
الدافع وراء تسمية سورة يونس بهذا الاسم
يعود سبب تسمية السورة بهذا الاسم إلى أن قوم النبي يونس عليه السلام هم الأمة الوحيدة التي آمنت بالله سبحانه وتعالى بكاملها واتبعت نبيها. هذه الاستجابة الجماعية كانت بتقدير الله عز وجل، وتميزهم عن غيرهم من الأمم التي لم تستجب لأنبيائها بنفس الصورة.
منزلة سورة يونس وأهميتها
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “(مَن أخَذَ السَّبْعَ الأُوَلَ فهو حَبْرٌ)”، واعتبر بعض الصحابة والعلماء من السلف الصالح سورة يونس ضمن السبع الطوال، وهي: البقرة، آل عمران، النساء، المائدة، الأنعام، الأعراف، ويونس.
المحور المركزي لسورة يونس
تؤكد السورة على أهمية الإيمان والتصديق الجازم بقضاء الله وقدره، وهما ركنان أساسيان من أركان الإيمان بالله تعالى.
المسائل الهامة التي تناولتها السورة
تتطرق سورة يونس إلى عدة قضايا ومسائل رئيسية، منها:
- التأمل في الكون وظواهره، وكيف تدل هذه الظواهر على حقيقة التوحيد.
- التركيز على الأحداث والوقائع التي يعيشها الناس، وكيف يغفلون عن دلالاتها وشواهدها وبراهينها، كما في الآيات: (12، 21، 23، 31).
- عرض مصائر الأمم السابقة التي كذبت الرسل، والتحذير من أن يصيب المكذبين مصير مماثل، كما في الآيات: (13، 14، 71، 74، 90، 91).
- معالجة شكوك وتساؤلات فئة كبيرة من الناس حول الإيمان بالله واليوم الآخر وأسمائه وصفاته والثواب والعقاب، وذلك من خلال الدعوة إلى التأمل في الكون وحكمة الله في خلقه وتدبيره.
- الجدال حول قضايا العقيدة.
- توجيه الأنظار إلى الآيات الكونية.
- ذكر سنن الله في الأرض.
- الاعتبار بأحوال الأمم السابقة.
إضاءات ولمحات من سورة يونس
يستخلص المتدبر لسورة يونس العديد من الفوائد واللمحات، ومنها:
- قوله تعالى عن القرآن الكريم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ)، بينما أخبر عن العسل أن فيه شفاء للناس. فالقرآن شفاء للقلوب، والعسل شفاء للأبدان، ولكن القرآن نفسه شفاء، بينما العسل فيه شفاء.
- قال تعالى: (فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ)، وفي هذه الآية إشارة إلى أهمية الرجوع إلى العلماء والفقهاء عند الشك في مسائل الدين والعقيدة.
- قال الله جل وعلا: (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الحسنى هي الجنة، وأن الزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم.
معاني بعض الكلمات في سورة يونس
- الكتاب: القرآن الكريم.
- الحكيم: الله تعالى ذو الحكمة.
- الوحي: الإخبار الخفي للإنسان بما يخفى على غيره.
- الإنذار: التهديد والوعيد.
- التبشير: الإخبار المقترن بالبشارة والسرور بحسن الجزاء.
- الصدق: مطابقة الأقوال للأفعال.
- مبين: ظاهر.
- الخلق: لغة التقدير والإيجاد.
- العرش: مركز التدبير ولا نعلم حقيقته ولا صفته.
- التدبير: النظر في مآلات الأشياء وعواقبها لتقع على الوجه الحسن.
- القسط: العدل.
- الحميم: الماء الساخن والشديد الحرارة.
- الضوء والنور: الضوء لما كان من ذاته كالشمس والنار، والنور لما كان مكتسباً.
- اللقاء: الاستقبال والمواجهة.
- الاطمئنان: سكينة النفس إلى الشيء واطمئنانها به.
- المأوى: الملاذ الذي يأوي إليه المتعب أو الخائف.
- الدعوى: الدعاء والنداء.
- سبحانك: تنزيهاً لك وتقديساً.
- التحية: التكرمة بقولهم حياك الله وفيها حفاوة الاستقبال.
المراجع
- تفسير المراغي
- أول مرة أتدبر القرآن
- الموسوعة القرآنية خصائص السور
