تحليل مبسط لسورة عبس

استكشاف معاني سورة عبس: تحليل مبسط للآيات الكريمة، مع التركيز على الدروس والعبر المستفادة للأجيال الشابة.

تفسير الجزء الأول: الآيات (1-10)

يستهل الله تعالى سورة عبس بقوله: (عَبَسَ وَتَوَلَّى.. فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى). هذه الآيات نزلت في موقف مؤثر يتعلق بالصحابي الجليل عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه. بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم منشغلاً بدعوة أحد كبار المشركين، أتى ابن أم مكتوم يطلب العلم والإرشاد.

تُظهر الآيات أن النبي صلى الله عليه وسلم أظهر شيئًا من التجهم والانصراف عن ابن أم مكتوم مؤقتًا، وذلك لانشغاله بدعوة شخصية مهمة من وجهاء القوم، على أمل أن يسلم ويكون في إسلامه خير كثير للإسلام والمسلمين. لم يكن ابن أم مكتوم على علم بهذا الظرف الذي كان يشغل النبي صلى الله عليه وسلم.

وتوضح الآيات أن الأعمى قد ينتفع بالهداية التي يسمعها، في حين أن الغني قد يستغني بماله وجاهه، ولا يكون النبي صلى الله عليه وسلم مسؤولاً عن عدم اهتداء من استغنى. ثم يوجه الخطاب القرآني إلى أهمية إعطاء الأولوية لمن يسعى إلى الهداية بصدق وإخلاص.

تفسير الجزء الثاني: الآيات (11-16)

تستمر الآيات الكريمة بقوله تعالى: (كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ.. كِرَامٍ بَرَرَةٍ). هنا، يوجه الله تعالى عتابًا لطيفًا للنبي صلى الله عليه وسلم، مؤكدًا أن القرآن هو تذكرة وموعظة للخلق أجمعين. فمن شاء من عباد الله أن يتعظ ويتذكر، فليفعل وليستفد من هداياته وتوجيهاته. وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم، بعد هذا العتاب الرباني، حرص أشد الحرص على ألا يعبس في وجه فقير أو يلتفت إلى غني، وكان إذا أقبل ابن أم مكتوم عليه، بسط له رداءه قائلاً: “مرحباً بمن عاتبني فيه ربي”.

ثم تبين الآيات أن القرآن الكريم مرفوع القدر، محفوظ في صحف مكرمة عند الله تعالى، عالية المنزلة، مصونة من أيدي الشياطين وكل ما يدنسها. هذه الصحف محفوظة بأيدي ملائكة كرام، معظمين عند الله، أتقياء صالحين، جعلهم الله سفرة بينه وبين رسله.

تفسير الجزء الثالث: الآيات (17-32)

تستهل هذه المجموعة من الآيات بقوله تعالى: (قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ.. مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ). هنا، تعلن الآيات استنكارها الشديد لكفر الإنسان وجحوده لنعم الله تعالى، على الرغم من كثرة إحسانه إليه. وتذكره بأصله الذي خلق منه، لكي لا يتكبر على خالقه ورازقه.

فلا يجوز للإنسان أن يتكبر وهو الذي خلق من ماء مهين، ثم قدره الله في بطن أمه أطوارًا من نطفة إلى علقة، ثم مضغة، إلى أن تم خلقه. ثم يسر الله له طريق الخروج من بطن أمه، ثم أماته وجعل له قبرًا يدفن فيه إلى أن يشاء الله بعثه.

ثم تدعو الآيات الإنسان الجاحد إلى التأمل في مظاهر قدرة الله في خلقه، وكيف هيأ له أسباب المعيشة من طعام وشراب. وتفصل الآيات في بيان إخراج النبات من الأرض، حيث أنزل الله الماء من السماء، ثم شق الأرض ليخرج منها النبات، فجعل منها أنواع الحبوب والنباتات، منها ما يقتات به الناس ويدخرونه، وعنبًا شهيًا، وسائر البقول التي تؤكل رطبة.

كما أنبت الله أشجار الزيتون والنخيل، والبساتين الكثيرة الأشجار وأنواع الفواكه والثمار المختلفة، وأخرج ما ترعاه البهائم. هذا الإخراج هو لمنفعة الإنسان والحيوان على حد سواء. وقدرة الله على إحياء الأرض بعد موتها هي دليل قاطع على قدرته على إحياء الأموات بالبعث يوم القيامة.

تفسير الجزء الرابع: الآيات (33-42)

تبين هذه الآيات الكريمة مشهدًا من مشاهد يوم القيامة، حيث يقول تعالى: (فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ.. أُولَـئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ). الصاخة هي الصيحة التي تصم الآذان، وهي إيذان ببدء يوم القيامة وأهواله. من شدة الهول في ذلك اليوم، يفر المرء من أقرب الناس إليه؛ من أخيه وأمه وأبيه وزوجته وأولاده، وذلك لاشتغال كل واحد منهم بنفسه. فلكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه عن شأن غيره.

ثم ينقسم الناس في ذلك اليوم إلى سعداء وأشقياء. فالسعداء وجوههم مشرقة من الفرح والبهجة، ومسرورة بما أعده الله لهم من كرامة ورضوان، ومستبشرة بالنعيم الدائم.

أما الأشقياء، فوجوههم عليها غبار ودخان، تعلوها ظلمة وسواد، وذلك لأنهم جمعوا بين الكفر والفجور. نسأل الله تعالى أن يعيذنا من مصيرهم.

لمحة عن السورة المباركة

سورة عبس هي سورة مكية، وتعرف أيضًا بسورة “الصاخة” و “السفرة”. يبلغ عدد آياتها اثنتين وأربعين آية (حسب العد الكوفي)، وإحدى وأربعين آية (عند البصريين)، وأربعين آية (عند الشاميين). نزلت بعد سورة النجم وقبل سورة القدر. وترتيبها في النزول هو السورة الثالثة والعشرون، أما ترتيبها في المصحف الشريف فهو السورة الثمانون.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

شرح مبسط لسورة عبس للأطفال

المقال التالي

تدبرات في سورة عبس: من الآية 1 إلى 10

مقالات مشابهة