مقدمة
تعتبر رواية “أرض البرتقال الحزين” للكاتب الفلسطيني غسان كنفاني من الأعمال الأدبية الهامة التي تجسد القضية الفلسطينية بكل أبعادها الإنسانية والسياسية. تتناول الرواية قصة التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم عام 1948، والمعاناة التي لحقت بهم في مخيمات اللجوء. تتألف الرواية من عدة فصول، كل منها يقدم زاوية مختلفة من زوايا هذه المأساة.
استعراض الجزء الأول
يسلط الجزء الأول من الرواية الضوء على قصة التهجير الذي تعرض له الشعب الفلسطيني، وتحديدًا لجوء العديد منهم إلى الأراضي اللبنانية. تتكون الرواية من مجموعة قصص قصيرة، تخدم كلها القصة الرئيسية، وهي إبراز حجم المعاناة والتشريد الذي واجهه الفلسطينيون، بالإضافة إلى سلب ممتلكاتهم وأراضيهم.
يبدأ الكاتب أحداث الرواية بتصوير خروج الفلسطينيين من مدينة يافا باتجاه مدينة عكا. وتصف الرواية كيف اندلع هجوم كبير في مدينة عكا بين الفلسطينيين واليهود، مما أدى إلى اشتعال الحرب. يصف الكاتب مشهد سيارة تقف أمام منزل فلسطيني، حيث تقوم العائلة بحزم أمتعتها استعدادًا للرحيل عن عكا، التي بدأت تفقد ملامحها نتيجة للحرب الدائرة.
تجسيد المعاناة في الجزء الثاني
يصور هذا الجزء من الرواية بعمق المعاناة التي عاشها الشعب الفلسطيني خلال فترة التهجير من أراضيهم. أثناء خروج العائلة من منزلها، يمرون ببساتين البرتقال المنتشرة على طول الطريق، وصولًا إلى منطقة الناقورة. يصف الكاتب مشهد رجل يجلس على جانب الطريق يبيع البرتقال، وكيف بدأت النساء بشراء البرتقال منه وهن يبكين على حال فلسطين. كان البرتقال يمثل قيمة كبيرة للفلسطينيين، تمامًا كأشجار الزيتون.
ويتناول هذا الجزء أيضًا موضوع صمود الشعب الفلسطيني في وجه القهر والظلم. يتحدث عن حياة الفلسطينيين في المخيمات في مختلف البلدان، وكيف تمر السنوات ببطء وألم. كما يذكر الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم فداءً لفلسطين.
دلالات الجزء الثالث
يركز هذا الجزء على الدماء التي سالت دفاعًا عن فلسطين، والتي روت أرض البرتقال. هذه الدماء تغذي أشجار البرتقال التي تنمو في المزارع والطرق الفلسطينية، فتنمو هذه الأشجار حزينة ومبتلة بدماء الشهداء. يوجه غسان كنفاني رسالة إلى الأهالي الفلسطينيين يدعوهم فيها إلى الصبر، مؤكدًا أن الصبر درس نتعلمه من البرتقال الذي امتص كل هذا الحزن والدماء.
تستمر الدماء الفلسطينية في النزف لتروي شجيرات البرتقال، لينمو البرتقال فيما بعد ويحكي عن تضحيات الشعب الفلسطيني والتهجير والخذلان الذي عاشوه. تصف أشجار البرتقال الغربة والفقر والجوع والصمود من أجل استعادة الحقوق المسلوبة.
تنمو أشجار البرتقال في الأراضي الفلسطينية المنتشرة في كل مكان من فلسطين، ولا يستطيع الاحتلال الإسرائيلي أن يتذوق طعم هذا البرتقال، لأنه طعم مميز عن باقي ثمار البرتقال في العالم، فهو مر كمرارة الأيام التي قضاها الفلسطيني بعيدًا عن وطنه، ومر لأنه سقي بدماء الشهداء الطاهرة التي لا يستطيع الاحتلال تذوقها ولا يملك القدرة على امتلاك أشجار البرتقال.
خلاصة واستنتاجات
تناولت الرواية واحدة من أهم قضايا الوطن العربي، وهي القضية الفلسطينية، وما تتضمنه من أحداث حرب ولجوء ونزوح للعديد من الفلسطينيين، وما عاناه الشعب الفلسطيني من آلام بسبب فقدان أراضيهم وتهجيرهم من منازلهم والخوف والجوع. تؤكد الرواية على أن أرض الإنسان هي أثمن ما يملك، ويجب الدفاع عنها واستعادتها من أيدي الغاصبين.
المراجع
- غسان كنفاني ،رواية ارض البرتقال الحزين، صفحة 12_14.
- غسان كنفاني،رواية ارض البرتقال الحزين، صفحة 20.
- غسان كنفاني ،رواية ارض البرتقال الحزين، صفحة 34.
- غسان كنفاني ،رواية ارض البرتقال الحزين، صفحة 56.
- غسان كنفاني ،رواية ارض البرتقال الحزين، صفحة 89.
- غسان كنفاني ،رواية ارض البرتقال الحزين، صفحة 100.
- غسان كنفاني ،رواية ارض البرتقال الحزين، صفحة 110.