بيان حكم خروج المذي في نهار رمضان

تعريف المذي وأحكامه الشرعية، وحكم خروجه أثناء الصيام، ومناقشة آراء الفقهاء في هذه المسألة، بالإضافة إلى ذكر مبطلات الصيام الأخرى.

توضيح معنى المذي

المذي، كما وصفه الإمام النووي رحمه الله، هو سائل أبيض لزج ورقيق يخرج بسبب الشهوة. يتميز هذا السائل بأنه يخرج بسهولة وقد لا يشعر الشخص بخروجه. لا يتبعه فتور، ويخرج من كل من الرجال والنساء. ليس من الضروري أن يصاحب خروجه شهوة قوية، بل قد يخرج عند بداية الشعور بها.

يعتبر المذي نجساً، ولكن نجاسته مخففة. يكفي لتطهير المكان الذي تلوث به رش الماء عليه، بالإضافة إلى غسل العضو الذكري كاملاً والخصيتين. وقد ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الحديث الصحيح أنه قال:

“(كنتُ رجلًا مَذَّاءً، فأمَرتُ رجلًا أن يَسأَلَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، لمكانِ ابنتِه، فسأَل فقال: توضَّأْ واغسِلْ ذكَرَك)”

بناءً على ذلك، فإن خروج المذي لا يستوجب إلا الوضوء للصلاة.

ما الحكم الشرعي لخروج المذي أثناء الصيام؟

عادة ما يكون سبب خروج المذي هو المداعبة أو التفكير في الجماع أو النظر إلى ما يثير الشهوة. وقد اختلف العلماء في حكم خروج المذي أثناء الصيام، وتعددت آراء المذاهب الفقهية في هذه المسألة على النحو التالي:

  • عند الحنابلة: إذا كان سبب خروج المذي هو المباشرة باللمس أو التقبيل، فإن ذلك يبطل الصوم. أما إذا كان السبب هو النظر، فلا يبطل الصيام.
  • عند أبي حنيفة والشافعي: خروج المذي لا يبطل الصيام مطلقاً، سواء كان سببه اللمس أو التقبيل أو النظر. ويرون أن الذي يبطل الصيام هو خروج المني فقط. وقد وافق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رأي أبي حنيفة والشافعي، واختار أن المذي لا يفسد الصوم.

ويستدل القائلون بعدم إفساد الصيام بخروج المذي بعدم وجود دليل قاطع على إفساده للصوم. فالصيام عبادة فرضها الله، ولا يجوز القول بإفسادها بدون دليل واضح.

ومع ذلك، يجب على الصائم أن يحرص على تجنب كل ما قد يؤدي إلى خروج المذي أثناء الصيام.

الأمور التي تفسد الصوم

هناك عدة أمور إذا فعلها الصائم تفسد صومه، ومنها:

  • الحيض والنفاس: إذا رأت المرأة دم الحيض أو النفاس في أي وقت من النهار أثناء صيامها، فإن صومها يبطل. وقد ورد عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت:
  • “(سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلتُ: ما بَالُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، ولَا تَقْضِي الصَّلَاةَ، فَقالَتْ: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ قُلتُ: لَسْتُ بحَرُورِيَّةٍ، ولَكِنِّي أسْأَلُ، قالَتْ: كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ)”

  • الأكل والشرب عمداً: من تعمد الأكل أو الشرب في نهار رمضان، فقد أفطر وعليه قضاء ذلك اليوم. أما إذا كان ناسياً فلا شيء عليه.
  • القيء عمداً: إذا تعمد الصائم القيء بوضع إصبعه في فمه، فإن صومه يبطل وعليه القضاء، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
  • “(مَن ذرَعَهُ القَيءُ؛ فليس عليه قَضاءٌ، ومَنِ استَقاءَ فليَقضِ)”

  • خروج المني بشهوة: إذا خرج المني بشهوة دون جماع (بسبب المباشرة أو التقبيل أو الملامسة)، فإن الصوم يبطل وعليه القضاء.
  • الجماع في نهار رمضان: الجماع يبطل الصوم ويوجب القضاء والكفارة. وكفارة الجماع هي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، وإن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكيناً.

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين (2009)، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 2709، جزء 11. بتصرّف.
  2. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن علي بن أبي طالب ، الصفحة أو الرقم:269، صحيح .
  3. عبد العزيز الراجحي ،فتاوى منوعة، صفحة 14، جزء 10. بتصرّف.
  4. عبد العزيز الراجحي ،فتاوى منوعة، صفحة 14، جزء 10. بتصرّف.
  5. محمد صالح المنجد (2009)،القسم العربي من موقع (الإسلام، سؤال وجواب)، صفحة 3130، جزء 5. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين (2009)،القسم العربي من موقع (الإسلام، سؤال وجواب)، صفحة 3177، جزء 5. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين (2009)،فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 16792، جزء 11. بتصرّف.
  8. محمد حسان ،دروس للشيخ محمد حسان، صفحة 9-13، جزء 61. بتصرّف.
  9. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم:335، صحيح .
  10. رواه شعيب الأرناؤوط ، في تخريج المسند ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:10463، إسناده صحيح على شرط مسلم.
Total
0
Shares
المقال السابق

رؤى وأفكار نزار قباني حول الحياة

المقال التالي

الأحكام المتعلقة بالصور الفوتوغرافية للكائنات الحية

مقالات مشابهة