بحث عن بعثة رسول الله – صلى الله عليه وسلم

تُسلّط هذه المقالة الضوء على بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتُقدم نظرة شاملة عن مختلف جوانبها من مفهوم البعثة، إلى أحداثها الرئيسية، ونزول الوحي، وعلامات النبوة قبل وبعد البعثة.

فهرس المحتوى

فهم بعثة النبي

تُعد بعثة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من الأحداث المهمة في تاريخ البشرية. فمن خلالها، أُرسل رسول الله ليُنير الطريق للبشرية ويهديهم إلى الحق.

أحداث البعثة

بدأت آثار النبوة تظهر على النبي -عليه الصلاة والسلام- بالرؤيا الصادقة. فكان لا يرى الرؤيا إلا وتتحقق مثلما جاءت. واستمر ذلك لمدة ستة أشهر.

بعدها، نزل الوحي جبريل عليه في غار حراء عندما بلغ النبي الأربعين من عمره. كان ذلك في غار حراء، حيث نزل الوحي عليه في صورة جبريل ونزل عليه القرآن.

قال له جبريل -عليه السلام-: “اقرأ”، فقال النبي: “ما أنا بِقارئ”. وكرّرها على النبي ثلاث مرات. بعدها قال له:(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)،[٢]

عاد النبي إلى زوجته خديجة خائفاً مرتجفاً، وأخبرها بما رأى وشاهد في غار حراء. فقالت له: “كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكَلَّ، وتُعين على نوائب الدهر”. ثم ذهبت السيدة خديجة بالنبي إلى ابن عمها ورقة بن نوفل لتُخبره بما حصل مع النبي. فقال لها: “إن كان حقاً ما قلتِ فهو الناموس الأكبر الذي نزل على موسى، وإنه نبي هذه الأمة”.

بعد فترة من هذا الحدث، تأخّر نزول الوحي على النبي فَغتمّ لذلك وبقي ينتظر الوحي. وبقي النبي على هذه الحالة مدة طويلة. بعد ذلك رأى جبريلاً جالساً على كُرسيٍّ بين السماء والأرض وبشّره بالنبوة.

فخاف النبي من رؤيته ورجع إلى خديجة وهو يقول: “زمّلوني، دثّروني”. فأنزل الله عليه قوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ)،[٣]

كانت هذه الآية نداءً للنبي -صلى الله عليه وسلم- لحمل التّكليف بمهمّة دعوة الناس إلى الإسلام.[٤][٥]

كيف يتلقى النبي الوحي

يوصل الله تعالى رسالته وأوامره إلى أنبيائه عبر طرقٍ عديدة. ويمكن حصرها بثلاث طرقٍ ذكرها الله تعالى في قوله:(وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّـهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ)،[١٢]

  • **الوحي:** يُطلق الوحي على الكتاب، والإشارة، والرسالة، الكتابة، والإلهام، والكلام الخفي، وكل ما يلقيه الإنسان على غيره.
  • **كلام الله مباشر:** تُواصل الله مع نبيّه مباشرة، ودون واسطة، فَيُكلِّمه من وراء حِجاب. وتبقى كيفية التكليم من أُمور الغيب التي لم يأتي دليلٌ صريحٌ على بيانها.
  • **إرسال ملك:** يرسل الله ملكاً من عنده لنبيّه. وقد يأتي هذا الوحيُ للنبيّ بصورته الملائكية، أو بصورة رجل ومن عنده، أو قد ينزل الوحي على النبي دون أن يراه، حيث يأتيه على هيئة التنزّل الروحي على القلب.

علامات النبوة

منح الله تعالى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم عدداً من العلامات التي تؤكد صدق نبوّته.

علامات النبوة قبل البعثة

قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت هناك علامات ودلائل تشير إلى نبوّته، ومنها:

  • نزول البركة في بيت مُرضعته حليمة السعدية.
  • حادثة شق صدر النبي وتطهيره من حظ الشيطان.
  • استسقاء جده عبد المطلب به في حالة القحط والجدب.
  • تبشير الكتب السماوية به وإيرادها لصفاته.
  • سلام الحجر والشجر عليه أثناء سيره في مكة.
  • تظليله بالغمام في وقت الظهيرة أثناء رحلته إلى الشام.

علامات النبوة بعد البعثة

بعد بعثته، ظهرت على النبي -صلى الله عليه وسلم- العديد من المعجزات، ومنها:

  • **القرآن الكريم:** أعظم علامة تدُل على صدق النبي، فهي المُعجزة الباقية إلى قيام الساعة، فهو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل، أنزله على النبي مُحمد وتحدّى به العرب فلم يستطيعوا مُقابلة هذه المُعجزة أو الإتيان بمثلها.[٢٠]
  • **وقوع الأصنام بمجرد إشارته إليها:** ذكر الصحابة أن النبي يوم فتح مكة كان كلّما أشار إلى صنمٍ من الأصنام التي حول الكعبة سقط مع أنه مثبّت بالرصاص والحديد.
  • **تسبيح الحصى في كفّه:** روى عددٌ من الصحابة مجموعةً من الأحاديث تُبيّن تسبيح الحصى في يد النبي. فقد أخذ النبي ذات يوم سبع حصيات فسبّحن في يده.
  • **نبع الماء بين أصابع النبي:** فقد أراد النبي أن يُصلّي العصر فلم يجد الماء، فجيء له بإناء، وتوضّأ منه كُل من كان موجوداً. فقال بعض الصحابة: رأيت الماء ينبع من تحت أصابع النبي.
  • **الإسراء والمعراج:** أُسري بالنبي من مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى، وعُرِج إلى السماوات العلى ورجع إلى مكة في نفس الليلة. وقد شاهد النبي الكثير من المشاهد في هذه الرحلة، مثل البُراق وهي الدابة التي تحمل الأنبياء، ورأى في بيت المقدس عدداً من الأنبياء كإبراهيم، وموسى، وعيسى، وأصنافاً من نعيم الجنة، وألواناً من عذاب أهل النار، وفرَض الله عليه الصلوات الخمس، وقد فُرضت في بداية الأمر خمسين صلاة حتى خُفّفت فأصبحت خمساً في العمل وخمسين في الأجر.

المراجع

  • [١]صفي الرحمن المباركفوري (1427)،الرحيق المختوم(الطبعة الأولى)، دمشق: دار العصماء، صفحة 23. بتصرّف.
  • [٢]سورة العلق، آية: 1-5.
  • [٣]سورة المدثر، آية: 1-3.
  • [٤]أبعبد السلام هارون (1985)،تهذيب سيرة ابن هشام(الطبعة الرابعة عشر)، الكويت: دار البحوث العلمية، صفحة 52-54. بتصرّف.
  • [٥]أبي الفداء إسماعيل بن كثير (1966)،الفُصول في سيرة الرسول(الطبعة الأولى)، دمشق: مؤسسة علوم القرآن، صفحة 96. بتصرّف.
  • [٦]كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في السودان (2013)،المؤتمر الدولي الأول للسيرة النبوية، صفحة 13/14.
  • [٧]محّمد سَعيد رَمضان البوطي (1426)،فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة(الطبعة الخامسة والعشرون)، دمشق: دار الفكر، صفحة 72. بتصرّف.
  • [٨]سورة الشعراء، آية: 214.
  • [٩]رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 4770، صحيح.
  • [١٠]سورة الحجر، آية: 94.
  • [١١]راغب السرجاني (21/4/2010)،”الدعوة الجهرية في مكة”،www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 21/11/2019. بتصرّف.
  • [١٢]سورة الشورى، آية: 51.
  • [١٣]زين الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي (1999)،مختار الصحاح(الطبعة الخامسة)، بيروت – صيدا: المكتبة العصرية – الدار النموذجية، صفحة 334.
  • [١٤]بليل عبدالكريم (2/11/2009)،”مفهوم الوحي”،www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25/11/2019.
  • [١٥]سورة النساء، آية: 164.
  • [١٦]راجح عبد الحميد الكُردي (1992)،نظرية المعرفة بين القرآن والفلسفة(الطبعة الأولى)، الرياض: المؤيد، صفحة 747-752.
  • [١٧] “دلائل النبوة قبل البعثة “،ar.islamway.net، 2017-04-18 ، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2019. بتصرّف.
  • [١٨]باسم القضاة (22-02-2011)،” الإرهاصات التي سبقت بعثة النبي”،دائرة الافتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019.
  • [١٩]منقذ بن محمود السقار،”دلائل النبوة”،www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2019. بتصرّف.
  • [٢٠]محمد بن عبدالسلام (9/3/2013)،”القرآن معجزة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – العظمى الخالدة “،www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-11-2019.
  • [٢١]رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 3579 ، صحيح.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

بطليموس الأول: مؤسس الأسرة البطلمية في مصر

المقال التالي

سيرة بلال بن رباح: من العبودية إلى الأذان

مقالات مشابهة